الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كرم جبر: التعاون الاستراتيجي يميز العلاقة الاستثنائية بين القاهرة وعمان

صدى البلد

صرح الكاتب كرم جبر رئيس المجلس الأعلى للإعلام خلال الاجتماع الذي عقد اليوم بحضور وفد إعلامي أردني أن التعاون الاستراتيجي يميز العلاقة الاستثنائية بين القاهرة وعمان وأكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي في رسالته لجلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة ذكرى مرور 100 عام على تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، بقوله: "لقد ثبت، بما لا يدع مجالا للشك، أن التوافق الاستراتيجي بين مصر والأردن قادر على التعاطي مع كل التحديات، ذلك التوافق النابع من أواصر العلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين".

 

ومن هذا المنطلق يدرك الزعيمان حجم التحديات التي تمر بها المنطقة، التي شهدت الكثير من الأحداث والأزمات، وكانت مصر دائما إلى جانب أمن واستقرار الأردن وعمقا استراتيجيا داعما له، وكذلك حال الأردن بالنسبة لمصر.

 

ويمثل تطابق وجهتي النظر المصرية والأردنية، تجاه القضية الفلسطينية، محورًا مهمًا من محاور العلاقة الاستراتيجية بين القاهرة وعمّان ، وهو ما يبرهنه تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجلالة الملك عبدالله الثاني ودورهما في لم الشمل من أجل وجود موقف عربي موحد لدعم القضية الفلسطينية التي كانت حاضرة بقوة في كل لقاءاتهما ومباحثاتهما.

 

ولتحقيق ذلك تواصل مصر والأردن مساعيهما الدؤوبة من أجل استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية وفقًا للمرجعيات الدولية، وصولاً لتنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

 

وانطلاقا من الاهتمام الدائم بالقضية الفلسطينية قضية العرب الأولى والمركزية ، شهدت القاهرة مطلع الشهر الجاري قمة ثلاثية جمعت فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بجلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن ، حيث تم الاتفاق على تثبيت الهدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين واستئناف محادثات السلام للوصول إلى تسوية عادلة للقضية ، كما أشاد العاهل الأردني بالجهود المصرية الحثيثة لتثبيت وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبمبادرة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة.

 

وفى ملف الإرهاب تتفق رؤى الدولتين حول ضرورة تكاتف جهود المجتمع العربي والدولي للتعامل بكل حزم مع خطر الإرهاب والتطرف والتنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى الرؤية المشتركة للوضع في سوريا، وتأكيد البلدين على أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة ينهى المعاناة الإنسانية للشعب السوري، ويحفظ وحدة وسلامة الأراضي السورية، ويحول دون امتداد أعمال العنف إلى مناطق أخرى . فسياسة البلدين تسير ضمن محور اُطلق عليه إعلاميًا "محور الاعتدال العربي".

 

وأن المملكة الأردنية لها مكانة خاصة داخل قلوب المصريين ولغة تواصل مشتركة بين الشعبين الشقيقين وهناك علاقات ممتدة وتجذره عبر التاريخ بينهم ، فالأخوة والتاريخ الطويل المشترك والممتد عبر آلاف السنين من أهم السمات التي تجمع بين أهل البلدين، ولا تكاد تشعر أنك انتقلت من مصر أو الأردن، فعلى الجانبين تجد أشقاء يطمحون ويعملون لعلاقات أكثر تماسكا وترابطا.

 

وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية تعد الروابط الوثيقة بين مصر والأردن خطوة يحتذى بها وقاطرة قوية نحو بناء علاقات أكثر متانة ورسوخا وذلك من خلال الدخول في مشروعات عملاقة مشتركة تعتمد على ما تمتلكه البلدان من ثروات وموقع متميز قادر على أن يجعل من المنطقة مركزا لجذب الاستثمارات فى كل المجالات الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية.

 

فقد شهدت العلاقات بين البلدين خلال الفترة الأخيرة بدعم ورعاية الرئيس السيسي وأخيه جلالة الملك عبدالله الثاني نموا كبيرًا، إذ يرتبط البلدان بعدة اتفاقيات تجارية ثنائية وإقليمية مشتركة، من أهمها اتفاقية التبادل التجاري الكبرى التي تشمل عدة بلدان عربية "منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى"، واتفاقية التبادل التجاري الثنائي.

كما تعد اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، هي أكثر اللجان المشتركة انتظامًا في الانعقاد، وتسهم بدور كبير في تعزيز العلاقات المشتركة على كافة المستويات بين البلدين، حيث تم عقد 29 دورة منذ تأسيسها وكان آخرها في عمان في مارس الماضي نتج عن هذه الدورات توقيع 154 بروتوكولا واتفاقية ووثيقة تعاون في مختلف المجالات.

 

وعلى المستوى الثقافي ، يرتبط البلدان بروابط ثقافيّة عديدة، سواء من حيث اللغة أو التراث والعمارة ، حيث ساهم التقارب الجغرافي إلى حد كبير في تعزيز التقارب الثقافي . ففي العصور القديمة ازدهرت حضارة الأنباط في الأردن، وكانت شديدة الارتباط والتأثر بمصر، سواء بالتجارة أو الفن المعماري أو الثقافة.  


وتشهد العلاقات الثقافية بين البلدين نشاطًا مستمرًا يتمثل في تبادل الزيارات بين الأكاديميين والمتخصصين، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل متخصصة وبرامج تدريبية في إطار المساعدة الفنية وتبادل الخبرات في العديد من المجالات.

 

لاشك أن العلاقات المصرية - الأردنية الممتدة والضاربة في جذور التاريخ تشهد الآن أجواء من الترابط والتناغم والتوافق غير مسبوقة في كافة المجالات يدفعها ويعززها دعم قائدي البلدين تحت مظلة سياسية متفاهمة تهدف للارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى التكامل الاستراتيجي بما يخدم تطلعات ورغبات الشعبين الشقيقين ويسهم في خدمة والدفاع عن القضايا العربية.

 

التنسيق والتشاور المستمر بين البلدين وتوافق الرؤى والمصالح وإدراك التحديات والقواسم المشتركة ، من شأنه أن يفسر لماذا أصبحت هذه العلاقات "استثنائية" في جوهرها، ملهمة في تفاصيلها، تمثل حصنًا آمنًا، ليس للقاهرة وعمّان فقط، وإنما للمنطقة العربية بأسرها، استنادًا إلى ما للدولتين الشقيقتين من رصيد تاريخي واهتمام مشترك وروابط وأخوة ودعم غير محدود لقضايا الأمة العربية.