الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«المولد».. حلوى وتأسي بأخلاق الحبيب المصطفى

 

ننتهز هذه الفرصة من خلال مقالنا بموقع صدى البلد، بتقديم  التهنئة إلى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي والشعب المصري والشعوب العربية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، والتي تتزامن مع ذكرى نصر أكتوبر العظيم.
هذه المناسبة لابد ألا تمر هكذا، فالاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو احتفال بقيم الإنسانية السمحة.. فأخلاق الرسول الكريم تحكي قيم الرحمة وصفاته الإنسانية التي يجب أن نتأسى بها جميعاً.
فمواقف الرسول، طوال حياته، جسدت معاني التواضع والاعتدال والوسطية، ما يدعونا أو من المفترض أن يدعو أمة الإسلام أجمعين، إلى التحلي بقيمه، صلوات ربي وسلامه عليه، وبتعاليم النبي الكريم السمحة لتخطي التحديات ومواجهة الأزمات التي تواجهنا في شتى مناحي الحياة.
نحتفل نحن المسلمون سنويّاً بالمولد النبوي الشريف الموافق يوم 12 من شهر ربيع الأوّل، وهو احتفال يُظهر فرحة المسلمين بذكرى مولد التبي محمّد عليه الصلاة والسلام، ويعكسُ مشاعر محبتنا لرسولنا الكريم، صلوات ربي وسلامه عليه، كما يظهر مدى تعلقنا وفخرنا به، وقد بدأت هذه الاحتفالات منذ عهد الفاطميين واستمرّت إلى يومنا هذا.. وتُعدُّ هذه الاحتفالات ظاهرةً اجتماعيّةً إلى جانب كونها مناسبة دينيّة، حيثُ تُقام الاحتفالات الشعبيّة بمختلف مظاهرها لإحياء هذه الذكرى المهمّة والعطرة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وتُقدّمُ الصدقات، وتكثر الأعمال الخيريّة.
وفي هذه المناسبة تتميز محافظات مصر كلها وسائر المدن المصرية بإحيائها المناسبة بصورة مختلفة وبتقاليد ذات طابع خاص، لأنها ذكرى غالية على قلوب جميع المسلمين في العالم، ذكرى المولد النبوي الشريف.. وأكثر ما يميز احتفالات مصر هذه هو انتشار حلوى المولد في الأسواق.
ولكن لاحتفالات مولد الرسول عليه الصلاة والسلام تاريخ شكَّل هذه المظاهر، حيث اختلفت في كل زمان وتغيرت ملامح العصر.. إلا أن العادات والتقاليد الشعبية، تبقى راسخة وثابتة في أرجاء مصر.. حيثُ يظهر ذلك جلياً في الاحتفالات السنوية بذكرى المولد النبوي الشريف، وتنوعت أيضاً فرحة المصريين على مر العصور بالمولد النبوي الشريف منذ أن دخل الإسلام مصر عام 20 هجرياً، وحتى وقتنا الحالي.
وتَذكُر كتب التاريخ أن الفاطميين، هم أول من احتفل بذكرى المولد النبوي الشريف، كما أن الدولة الفاطمية دأبت على الاحتفال بعدة موالد دورية، حيثُ كان يوزع فيها الحلوى والصدقات.
ولكن أول من احتفل بالمولد النبوي بشكل منظَّم كانت الدولة الأيوبية، في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، الملك مظفر الدين كوكبورى، إذ كان يحتفل به احتفالاً كبيرًا في كل سنة، وكان يصرف في الاحتفال الأموال الكثيرة، والخيرات الكبيرة.
وفى عهد العثمانيين، كان لسلاطين الخلافة العثمانية عناية بالغة بيوم المولد النبوي الشريف، إذ كانوا يحتفلون به في أحد الجوامع الكبيرة بحسب اختيار السلطان، فلمّا تولى السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة قصر الاحتفال على الجامع الحميدي.
أما خلال الحملة الفرنسية، عندما احتل الفرنسيين مصر بقيادة نابليون بونابرت خلال الفترة ما بين عامي 1798 و1801، انكمش الصوفية وأصحاب الموالد، حيثُ قام نابليون وأمرهم بإحيائها، طبقاً لما ذكر المؤرخ الجبرتي في كتابيه "عجائب الآثار" و"مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس".
ثم يأتي عصر محمد على، لتنصب خيام وسرادقات للدراويش الذين يجتمعون كل ليلة للاحتفال بالمولد النبوي الشريف ويقيمون حلقات الذكر.. ويجتمع الناس في النهار للاستماع إلى الشعراء والرواة، وتنتشر في بعض الشوارع المراجيح، وباعة المأكولات والحلوى، وتكتظ المقاهي بالرواد، ويتجمع الناس لمشاهدة حلقات الذكر، التي تستمر حتى الفجر.
أما في عصرنا الحالي العصر الحديث، لم تنقطع الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، ورغم فتاوى بعض المتشددين بتحريمها، حيث يقوم علماء الأزهر الشريف بدور فعال في الرد على هؤلاء، وبيان مدى مشروعية تلك الاحتفالات والتعبير عن الفرحة بمولد النبي الكريم بشتى المظاهر من لبس الجديد وأكل اللحم، والتهادي، وشراء الحلوى المعروفة، وشراء الألعاب للأطفال المتمثلة في الحصان والعروسة المصنوعين من السكر، وتعليق الزينة، وإقامة حلقات الذكر، والإنشاد الديني، وغيرها.
وعن حلوى المولد النبوي الشريف  والاحتفال بأكلها في هذه المناسبة، فقد ورد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - كان يحب من الحلوى، النوع البارد، أي الحلوى الباردة، فقد قال الدكتور عمرو الورداني، مدير إدارة التدريب أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن المصريين يأكلون اللحم دائماً في جميع المواسم الدينية والمناسبات إلا في الاحتفال بمولد سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكلون الحلوى والتي يسميها المصريون بـ"حلاوة المولد"، منوهًا بأن السر الذي جعل المصريين يأكلون الحلوى عند الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو حديث السيدة عائشة -رضى الله عنها- الذي أخرجه أصحاب السنن بأنها قالت: "إن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحب الحلوى البارد"، وكأن المصريين أرادوا بذلك أن يحتفلوا بمولد النبي بما يحبه -عليه الصلاة والسلام- وليس كما يحبون.
من كل قلبي: سيظل المصريون يحتفلون على درب أجدادهم بالمولد النبوي الشريف، ويقيمون الاحتفالات ويشترون الحلويات، تعبيراً عن عشقهم لنبيهم سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. ولتذهب فتاوى المتشددين بتحريم الاحتفالات أدراج الرياح، ولن يعبأ بها أحد.. وهناك من علماء الأزهر الشريف المستنيرين من يقومون بالرد على هؤلاء.

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط