الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليبيا.. زمن الصفقات

وفق تقارير دولية كثيرة لصحف ومجلات عالمية مرموقة، وعبر استقصاءات ميدانية عدة، طوال العامين الأخيرين بالخصوص 2020 و2021، فإن غالبية الليبيين لفظوا الوضع السائد في بلادهم طوال السنوات الماضية. وأن رغبتهم في التغيير، وبعدما زاد الزخم الدولي حول ضرورة وقف الصراع العسكري والاتجاه للتسوية السياسية، وفتح نافذة للحوار السياسي وتغيير الطبقة الحاكمة.. فقد تنفس الليبيون الصعداء. وأصبح يراهن أغلبهم على إنه لا يزال هناك ضوء في نهاية نفق 10 سنوات من الدمار والفوضى.
وبإزاحة حكومة فايز السراج السابقة، والقضاء على الانقسام الحكومي بين "حكومتا الشرق في طبرق والغرب في طرابلس وتعيين حكومة جديدة من جانب ملتقى الحوار السياسي الليبي في مارس الماضي، هى حكومة عبد الحميد الدبيبة، تجدد الأمل في حدوث "شىء مختلف" في ليبيا بعد سنوات من الفوضى والضياع.
وليس غائبًا عن أحد أن ليبيا ومنذ فبراير 2011، أو نكبته في هذا الوقت، وفق المسمى الشائع، قبل أكثر من 10 سنوات دفعت ثمنا باهظا وفادحًا لا سميت "بالثورة". وإذا كان الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي نفسه وقبل سنوات، وقد كان أحد قادة الدمار في ليبيا 2011، وممن يحمل ضغينة ضد الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، قال علنا في تصريحات منشورة، إنه لم تكن هناك ثورة في ليبيا، ولكنها كانت ثورة المخابرات الفرنسية وأن القوات الفرنسية هى التي دافعت عن مصراتة 8 أشهر ضد قوات القذافي، وحمت ضد اقتحامها، فلا معنى لتشبث البعض بهذا الوصف غير اللائق. كما أن القضية اليوم لم تعد خلاف 2011 ولكنها خلاف 2021. فالموجود اليوم بليبيا من فساد ودمار وصراع سياسي، بعدما هدأت الآلة العسكرية، وتردي وانحطاط وضع الليبيين رغم أن ليبيا وبحكم "احتياطي النفط" دولة ثرية، فإنه لا يجوز ولا يقبل أن يسمى ما كان في 2011، من مؤامرة قادها حلف الناتو وفضحتها هيلاري كلينتون عبر بريدها المسرب "ثورة"، وقد كانت فاعل رئيسي لما دبر لليبيا، وكشف أسباب التدخل الفرنسي وكيف أن "المخابرات الفرنسية"، هى التي اختارت أنذاك، ما سمي بأعضاء المجلس الانتقالي وغيرها من التفاصيل التي تفضح مؤامرة سياسية دنيئة دفع ثمنها الليبيون وأضاعت ليبيا وجعلتها فريسة للفوضى والعنف والدمار.
وكما يرى غالبية الليبيين فالخلاف اليوم في ليبيا ورغم التفاصيل السياسية المقززة لما حدث، ليس خلاف 2011، ولكنه خلاف اليوم، وعما إذا كان من المقبول استمرار هذا الوضع المزري لفترة  جديدة أم لا؟ وعما إذا كان مقدرًا لليبيا ويجب أن يخوض شعبها انتخابات حرة نزيهة رئاسية وبرلمانية ديسمبر المقبل أم لا؟
الواضح إنه في خضم صراع سياسي ودع "الدبابة" مؤقتًا ويتعارك بوسائل أخرى، فإن هناك أطرافا سياسيًا في السلطة الموجودة اليوم، لا تريد إجراء الانتخابات. وهذه الهواجس تجددت مع مؤتمر دعم استقرار ليبيا الذي استضافته ليبيا قبل ساعات.
ففي الوقت، الذي كانت فيه "مسودة مسرّبة"، قبل انعقاد المؤتمر بفترة وجيزة، كشفت أن هناك مبادرة من المجلس الرئاسي الحاكم هناك لطرح "مقترح"، يفيد باستبعاد ممن يسموا بالشخصيات الجدلية في الانتخابات المقبلة، وفي المقدمة سيف الإسلام القذافي والذي ارتفعت اسهمه بقوة في ليبيا طوال السنوات الأخيرة,  وخليفة حفتر في الشرق، نكاية في تنظيم الإخوان والميليشيات الإرهابية، واستبعادهما من الترشح في هذا الدورة وفق المرتقب، حتى يمكن القبول بنتائجها، فإن ما حدث بالمؤتمر، لم يكن هذه المبادرة ولا غيرها مما طرح بتأجيل انتخابات الرئاسة الليبية 6 أشهر عن الموعد المقرر، بل تردد  بقوة وجود خلاف على المسودة والبيان الختامي، فجرى إلغاؤه وإصدار إيجاز صحفي تلته وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش ولم يكن فيه أي جديد، ولم يظهر من خلاله أي اتفاقات إقليمية أو دولية عبر المؤتمر على شىء جديد لا يعرفه الليبيون، أو تأجيل للانتخابات أو عبث بموعدها، بما يؤكد أن ما كان مجهزًا لتمريره خلال المؤتمر، فشل صانعوه في السلطة الموجودة في تمريره إن صحت هذه التسريبات. وأن الصفقة التي كان يجرى طبخها لتأجيل الانتخابات أو بالأحرى تأخير الانتخابات الرئاسية وإطالة عمر الحكومة الحالية إلى ما بعد ديسمبر 2021 فشلت. فكل وزراء الخارجية العرب والأوروبيين، ومنهم وزير خارجية مصر سامح شكري أجمعوا على ضرورة إجراء الانتخابات في وقتها والامتثال لرغبة الشعب الليبي.
القضية في ليييا اليوم، أن من أمسك بالسلطة لا يريد أن يغادرها، كما أن شبح التصويت لصالح، عودة النظام الجماهيري، عبر سيف الإسلام القذافي يثير الهلع في نفوس كثيرين ممن هم موجودين الآن وقبل 10 سنوات، وهذا خيار قائم ومطروح على الأجندة المحلية هناك والدولية وفي عواصم عدة..ماذا سيحدث؟ أو سيمرر من صفقات اللحظات الأخيرة في ليبيا قبيل الانتخابات المقبلة؟
هذا هو ما يشغل اليوم الليبيين وغيرهم.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط