الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يقع الطلاق في وقت الحيض ؟ اختلاف فقهي ودار الإفتاء تحسم

الطلاق في الحيض
الطلاق في الحيض

هل الطلاق في الحيض جائز ويقع شرعاً ؟ اتفق الفقهاء على حرمة الطلاق البدعي، وهو الطلاق الذي يطلق الزوج فيه زوجته وهي حائض أو في طهر عاشرها فيه، لكنهم اختلفوا حول وقوع الطلاق هل يقع أم لا؟ وعند الجمهور يقع الطلاق في فترة الحيض مع الإثم، وعند غير الجمهور لا يقع الطلاق البدعي المحرم، لأنه غير مشروع، وبالتالي هو هدر ولغو.

 

الطلاق البدعي

 

قسّم العلماء هذا النوع من الطلاق البدعي الذي يُعَدّ مُخالفاً للشرع إلى نوعَين، هما:

 الطلاق البدعي من حيث الوقت: بمعنى أنّ الوقت الذي طلّقها فيه كان في وقت حيضتها، أو نفاسها، أو في وقت طُهرٍ جامعها فيه ولم يتبيّن حملها، وهذا النوع من الطلاق يقع إلّا أنّ فاعله يأثم، وعليه أن يراجع زوجته إن لم تكن الطلقة الثالثة، ويكون ذلك على النحو الوارد في قوله -صلّى الله عليه وسلّم- لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما سأله عن ابنه الذي طلّق زوجته وهي حائض: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ».

 

 الطلاق البدعي من حيث العدد: بمعنى أنّ عدد الطلقات التي طلّقها بها لا تصحّ؛ كأن يقول لها: "أنتِ طالق بالثلاثة"، أو يقول لها: "أنتِ طالق، طالق، طالق" في المجلس نفسه، إذ إنّ هذا النوع من الطلاق يقع طلقة واحدة مع إثم فاعله، أمّا إذا كانت غير مدخول بها، أو كانت صغيرة لم تَحِض بعد، أو كبيرة قد أَيِست من المحيض، فله أن يُطلّقها متى شاء، ولا بدعة في طلاقها.

 

حكم الطلاق في أثناء الحيض

قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الشرع وضع عائقًا طبيعيًّا وغريزيًّا وهو عدم الطلاق في الحيض لئلَّا يكون الطلاق أمرًا سهلًا، مؤكدًا أنه يحرم على الزوج أن يطلق زوجته في فترة الحيض وأنه يكون بذلك آثمًا.

 

 وأضاف «علام» جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية «صدى البلد»، أن الحكمة من ذلك أن المرأة تكون في فترة الحيض في حالة نفسية سيئة كما أخبر الأطباء، فيجعل مزاج المرأة غير مهيأ لأن تتعامل في الحياة الزوجية العادية فتكون دوافع الطلاق أكثر في تلك الفترة.

 

 

الحكمة من تحريم الطلاق وقت الحيض


وأوضح مفتي الجمهورية، أن الحكمة من ذلك أيضًا أن الإسلام ربط حدود الطلاق بالدواعي الطبيعية عند الزوجين فهما مجبولان ومدفوعان لأن يلتقيا وتحصل المباشرة بعد الطهر من الحيض، لذا على الزوج أن ينتظر لعل ذلك يقرب بينهما، وكأن الشرع قد وضع عائقًا طبيعيًّا وغريزيًّا في سبيل ألا يكون الطلاق أمرًا سهلًا.

 

وبين المفتي، أن بعض أحكام الطلاق التي وضعها الشرع الشريف وأقرها الفقهاء تعد بمثابة فرصة أخرى لكي يراجع الزوجان موقفهما ويكون لديهما فرصة جديدة لاستمرار الحياة الزوجية، ومنها نهي المرأة عن طلب الطلاق من دون سبب أو مبرر؛ فتأثم إذا طلبت الطلاق دون سبب، وكذلك على الزوج ألا يلجأ للطلاق إلا في وجود مبررات وأسباب وجيهة، وضرورة وجود المبررات لا يتعارض مع عدم معرفتنا لأسباب تطليق النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام لبعض نسائهم فلعل هناك مبررات لم تصلنا.

 

هل يقع الطلاق أثناء الحيض

 

هل يقع طلاق الحائض دار الإفتاء المصرية

من جهته، ذكر الشيخ محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية، أن السنة في الطلاق أن يطلق الرجل امرأته في طهر لم يجامعها فيها، فإن طلقها في طهر جامعها فيه وقع طلاقه في قول جمهور أهل العلم.



وأردف «وسام»، أن الفقهاء اتفقوا على أنه يحرم على الزوج الطلاق في فترة الحيض فلا يحق له أن يطلق زوجته وهي حائض، لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ» (الطلاق:1)، أي: في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة.

ولفت مدير الفتوى، إلى أن الفقهاء عدوا طلاق المرأة في الحيض من أقسام الطلاق البدعي الذي يأثم به الزوج؛ لما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْىَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، أَوْ يُمْسِكْهَا، فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» متفق عليه.



وأفاد بأنه على الرغم من أن طلاق الحائض طلاق بدعي إلا أنه يقع في مذاهب الأئمة الأربعة، ودليل وقوعه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر بمراجعة زوجته، والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق، ولأن راوي الحديث عن ابن عمر قال: إنها وقعت طلقة - كما عند مسلم -: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا صَنَعَتِ التَّطْلِيقَةُ؟ قَالَ: وَاحِدَةٌ اعْتَدَّ بِهَا.

 

حكم الطلاق أثناء الحيض - الطلاق البدعي

 هل يقع الطلاق أثناء الحيض  

 قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن قضية الطلاق أثناء الحيض اختلف بها العلماء حيث ذهب البعض إلى أنه يقع الطلاق وذهب البعض الآخر إلى أنه لا يقع.

 

وأضاف «جمعة»، في إجابته عن سؤال «هل يقع الطلاق أثناء الحيض » ، أنه في مصر يتبعون مذهب الأئمة الأربعة والذين يرون أن الطلاق واقع حتى وإن كانت المرأة في فترة الحيض.

 

وأشار إلى أنه إذا كانت هذه الطلقة الأخيرة ومن ثم لا بد من أن يفترقا، فيمكن أن نذهب لرأي الإمام ابن تيمية الذي أفتى بعدم وقوع الطلاق في فترة الحيض للمرأة، وذلك طبقاً لقاعدة الإمام الباجورى  حيث قال: «من ابتلى بشىء من ذلك - يعنى المختلف فيه - فليقلد من أجاز».

 

الطلاق في الحيض

عرف الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف الأسبق، أن الطلاق البدعي هو تطليق الزوج زوجته في أثناء حيضها، ومثله النفاس الذي يكون بعد الولادة، أو في طُهر جامعها فيه، منوهًا بأن هذا يتنافى مع ضوابط الطلاق الصحيح التي منها أن يكون الطلاق في حال طُهر المرأة الذي لم يحدث فيه جماع.

 

الطلاق في الحيض


 

حكم الطلاق في الحيض عند الفقهاء


وشدد «شومان» في مقال له منشور على بوابة الأزهر الإلكترونية، على أنه مع اتفاق الفقهاء على بدعية طلاق الزوجة في أثناء الحيض أو في الطهر الذي حدث فيه جماع ما لم تكن حاملًا؛ وذلك لمخالفته الوارد شرعًا في وقت التطليق، إلا أنهم اختلفوا في حكم الاعتداد بهذا التطليق؛ حيث يرى جمهورهم أن هذا الطلاق معتد به مع إثم فاعله، وتحتسب الطلقة في هذه الحال من التطليقات الثلاث التي يملكها على الزوجة، واحتجوا على ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسيدنا عمر: «مُره فليراجعها»؛ حيث إن الأمر بالرجعة يدل على أنها قد طُلقت بالفعل، فلا رجعة إلا بعد طلاق، ولأن الإثم لا يُبطل أثر الفعل.



وأشار إلى أن بعض فقهاء الحنابلة ذهبوا إلى القول بعدم الاعتداد بهذا الطلاق البدعي؛ لأنه طلاق يتنافى مع ما شرعه الله، فالمشروع في الطلاق بلا خلاف أن يكون مرة بعد مرة ثم يكون التسريح في الثالثة؛ لقول الله تعالى: «الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ»، وشُرط في جميعها أن تكون في طُهر خالص، وهذا الطلاق الذي وقع في أثناء حيض الزوجة أو في طُهر جامعها فيه زوجها فَقَدَ هذا الشرط، فكان بدعيًّا مردودًا على فاعله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وهذا نص واضح يدل على بطلان البدعة وعدم ترتب أثر عليها، ومن ثم فهذا الطلاق باطل.



وأوضح، أن الباطل لا أثر له في شريعتنا، فضلًا عن أن هذا الطلاق المتفق على بدعيته لو اعتُد به واحتُسبت إحدى الطلقات من عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته؛ لكان هو والطلاق السني الذي وافق ضوابط الشرع سواء في ترتب الأثر، وليس من قواعد شرعنا الحنيف تساوي الباطل والصحيح في الآثار المترتبة عليهما، بل هما على النقيض.


الفرق الطلاق البدعي والطلاق ثلاثا


وفرق وكيل الأزهر بين الطلاق البدعي والطلاق ثلاثًا بلفظ واحد من جهة السبب في عدم الاعتداد بالطلاق ثلاثًا بلفظ واحد، وهو أنه بدعة وذلك أن البدعة في الطلاق ثلاثًا بلفظ واحد تكون في الطلقة الثانية والثالثة، أما الأولى فلا إشكال فيها ولذلك اعتُبرت طلقة صحيحة، وهو ما يعني أنه أمكن رد البدعة وفصلها عن المشروع، أما الطلاق البدعي فكله بدعة، ومن ثم وجب إبطاله كله والحكم ببقاء الزوجة على عصمة زوجها، واعتبار الطلقة الواقعة في هذه الحال من اللغو الذي لا أثر له.

 

ما هو الطلاق السني ؟ 


قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الطلاق السني هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، وله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي ثلاثة قروء.

 

وأضاف «الجندي»، أنه إذا انقضت العدة ولم يراجعها طلُقت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، وإن راجعها في العدة فهي زوجته، موضحا: وإن طلقها ثانية فيطلقها كالطلقة الأولى، فإن راجعها في العدة فهي زوجته، وإن لم يراجعها طَلُقَت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين.

 

وتابع: وإن طلقها الثالثة بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره بنكاح صحيح، وهذا الطلاق بهذه الصفة وهذا الترتيب سُنِّي من جهة العدد، وسُنِّي من جهة الوقت.

 

وأوضح المفكر الإسلامي، أنه من الطلاق السني: أن يطلق الزوج زوجته بعدما يتبين حملها طلقة واحدة، مستشهدًا بقول الله تعالى: «الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ...» ثم قال: «فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» (البقرة/229-230).

 


شروط وقوع الطلاق 

ألا يكون الزوج مجنونًا

- ألا يكون الزوج معتوهًا

- ألا يكون الزوج مكرهًا

- ألا يكون نائمًا

- ألا يكون غضبانًا غضبًا شديدًا يخرجه عن إدراكه وإملاكه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِى الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رواه ابن ماجه، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ» رواه أحمد.-ألا يكون سكران.

 

متى يقع الطلاق؟

إن من خاطب زوجته بهذا اللفظ «أنت طالق» قاصدًا الطلاق فيقع الطلاق ولو كان هازلا، بخلاف ما لو قال لها اذهبي إلى أهلك وهو يقصد أن تزورهم ونحوه ولا يقصد الطلاق فلا يقع، لأنه غير صريح في حل عصمة الزوجية، وبالتالي فهنالك ألفاظ صريحة متى ما تلفظ بها الزوج لزوجته قاصدا إياها لا على سبيل الحكاية أو الإخبار أو التعليم ونحوها فيقع الطلاق ولو كان ممازحا إياها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ثلَاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: اَلنِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ». رَوَاهُ اَلْأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ.