الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ولنا في أوكرانيا عِبرة

ماريان جرجس
ماريان جرجس

" أعطنا سلامك ..قرر لنا سلامك"، هكذا نصلى  مسلمين ومسيحيون من أجل سلام العالم أجمع ، من أجل عالم خالٍ من الصراعات والأوبئة والحروب ولكن لازال الإنسان يعبث بكوكبنا الصغير.

ربما اعتقدنا أن عهد الحروب التقليدية قد وليّ وأن الحروب اقتصرت فقط على حروب الجيل الرابع والخامس والحروب الاقتصادية، ولكن قررت روسيا أن تعيد لنا صور الحرب التقليدية وويلات الحروب.

ومن الواضح أن العملية العسكرية التي قامت بها روسيا كان لها الكثير من الأهداف  علي رأسها استرجاع عالم ثنائي الأقطاب ، عالم لا تكن فيه الولايات المتحدة هي رئيس مجلس الإدارة بانفراد ، فاستعادة السيادة الروسية علي العالم كان علي طريقة الرهينة السياسية ، فأخذت تهدد العالم وكأن أوكرانيا هي الرهينة التي لم يستطع أحد أن يخلصها ، لتثبت أن الاتحاد الأوروبي والناتو وعقوبات أمريكا لن تخلصها من يد الدُب الروسي .

وهنا لابد أن نستحضر  المشهد المصري ، وهي الدولة التي خرجت بعد ثورة 2013، ضعيفة منهكة  ، كانت من الممكن أن تكون رهينة سياسية  في يد  أي من تسول له نفسه إثبات سيادته على الإقليم خاصة أن موقع مصر الجيوستراتيجى المميز ، وهنا لابد أيضًا أن نتذكر كلمات قالها الرئيس السيسى :" العفي محدش يقدر ياكل لقمته-  مصر فيها 100 مليون وكانت هتبقى دولة لاجئين وننتظر من المانحين يعطونا " .

تلك الكلمات تعكس الرؤية المصرية التي جعلتها تسير في ذلك الدرب من العمل وتقوية الدولة طيلة السنوات الماضية كي لا نكون رهينة سياسية  في يد أحد ، والذي جاء علي أكثر من صعيد ، علي رأسها تقوية الجيش وتسليح الجيش المصري بمختلف مصادر أنواع السلاح وتصنيع الأسلحة محليًا وزيادة من مهاراته القتالية مما جعل من مصر دولة قوية عسكريًا لا يستطيع أحد الاقتراب من حدودها فأوكرانيا لا تستطيع حطي المقاومة لأنها لا تمتلك جيشًا قويا .

أمّا على صعيد أخر وهو استقلالية المصير والقرار، لا شك أن العالم مرتبط بعضه البعض ، خاصة اقتصاديًا ، ولكن بتوطين الصناعة وتوفير المواد الأساسية للعيش ، تستطيع الدولة امتصاص الصدمات الناجمة عن الصراعات التي لا لنا ناقة فيها ولا جمل ، فاضطراب تصدير القمح نتيجة الصراع الروسي والأوكراني كان من الممكن أن يلحق الضرر بالمواطن المصري لولا أن الدولة المصرية تحرص على تأمين مخزونها الاستراتيجي دومًا وتحرص علي توطين كافة الصناعات.

ليس القمح فقط ولكن أيضًا الدواء والمواد الخام لتصنيعه  وغيره الكثير، فنحن لا نعرف أن سيكون الصراع غدًا ، ولكن التسلح ضد تلك الكوارث لا يقل أهمية أبدًا عن تسليح الجيش ، وهنا تكتمل دائرة الأمان ، استقلالية القرار تأتي من القوة  والقوة تعطي استقلالية القرار والاقتصاد .

فِعبرة واحدة قد تمنع ألف عَبرة.