الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يارا زكريا تكتب: مدرسة الأجداد والجدات

يارا زكريا، كاتبة
يارا زكريا، كاتبة صحفية

في طفولتك ومراهقتك وشبابك وهرمك وكل مرحلة حياتية تجدهم معك إن لم يكونوا بأجسادهم فبذكراهم، وعلى الأغلب لن ترى في حنوهم وحكمتهم وصبرهم وتعليمهم فهم بمثابة مدرسة تتعلم منها طوال فترة جلوسك معهم، فالجدود والجدات آثار تطبع في القلوب والعقول تتذكرها مهما مر عليها الزمان.

قد يكون الوارد في المقال عايشه الكثريين مع أجدادهم وجداتهم من الأب والأم بينما عايشه البعض الآخر مع آبائهم وأمهاتهم فقط أو أحد أقاربهم أو حتى أصدقائهم، ففي كل مرحلة في حياتنا نجد أناس مؤثريين ومختلفين لا تغيب ملامحهم من قلبنا ولا أحاديثهم عن ذهننا فلا تحتاج لرؤية صورهم لأنهم مطبعون بداخلك.

أتذكر أولي أيام طفولتي التي حظيت بقضائها بجانبهم، وعلى أكتفائهم يحملونني، ولا يبخلون علي بأي شيء كان في استطاعتهم، حتي ملأوا عيني، فأحببت جوراهم وجوار كل من يحبونه حتى أنني حينها كنت أنادي جدي وجدتي بـ «أبي وأمي» وأنادي أمي حبيبة عمري بدلاً من ذلك بـ «أختي» و كنت أنتظر الإجازات لأقضي معظمها معهم، ولا أعتقد أن العيد يكون عيداً إلا برؤيتهم، وقضاء يوم على الأقل معهم.

أقل ما يقال في وصفهم أنهم كانوا نعيماً على الأرض، ووسطية تعلمك صفات لا تعد ولا تحصي من جمالها، كالصبر على قضاء الله - تعالى- والأصول مع البشر في الحياة وأثناء المرض، وقد يفسر هذا: «لماذا كان التفكير على سبيل المثال في الطلاق آخر ما يفكر فيه أجدادنا وجداتنا رغم أنه حلال في حين أنه أول ما يفكر فيه جيلنا؟!»، وإضافة إلى ذلك اللين والحسم، فتجدهم أحناء عليك أشداد على من يؤذيك، يقربونك من الله بطرق شتي، كالصلاة وقراءة القرآن والاستماع له والصدقات وقوة صلة الأرحام وإنصاف الحق وبتر الظلم عن الأولاد والأحفاد وغيرهم غير غافلين للترفيه كاستماعهم لأغاني الطرب الأصيل، فتجد لهم ذكريات مبهجة عند سماعهم لكوكب الشرق والعندليب وحكيم وأغاني الفلكور، كما لا يغيب «الطبل البلدي» من أفراحهم وغير ذلك الكثير.

في الختام تأكد أنه كما أثبت العلم من خلال ملاحظة أنشطة دماغية صحة المقولة الشائعة «ما أعز من الولد إلا ولد الولد» بأن الجدات مرتبطات عاطفياً بأحفادهن أكثر من ارتباطهن بأبنائهن وبناتهن قد ترجح مع مرور الزمن بنفسك أنه «لو وجد أعز من الوالدين سيكون والديهم» فقوتهم وحنانهم وأقدامهم وأسمائهم تظل معك طوال حياتك ترافقك في مواقف لا تعد ولا تحصي، فهم راحلون ونحن مثلهم يوماً ما بأجسادنا باقين بذكرانا، فلا تكتفوا بذكرهم  دون الدعاء لهم على الأقل حتى إن لم تروهم، وآثارنا تبقى بعد الرحيل آجمعين.