الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوروبا تخسر معركة الغاز.. 3 دول ترضخ لموسكو واليورو أكبر ضحايا الحرب

الغاز الروسي
الغاز الروسي

تستمر تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في إرباك أسواق الطاقة العالمية، ففي تصعيد جديد من روسيا، أعلنت شركة غازبروم، أمس الأربعاء، عن وقف تصدير الغاز إلى بولندا وبلغاريا، أو عبر أراضيهما إلى الدول الأوروبية، وهو ما يعني حرمان هذه الدول من أحد مصادر الطاقة الهامة، ويضرب أسعار الغاز واليورو في أوروبا بشدة.

في هذا التقرير نستعرض القصة الكاملة لـ "ملف الطاقة"، الذي يربك حسابات القادة الأوروبين، فمن جهة يرون الوقف ضد روسيا في حربها مع أوكرانيا، ومن جهة أخرى يتركون دائما بابا خلفيا لروسيا لتخرج من العقوبات المفروضة عليها وعلى عملاتها، لأنهم في حاجة ماسة إلى طاقتها التي لم يجدوا بديلا عنها حتى الآن.

الغاز الروسي

اعتماد أوروبا على الغاز الروسي

تعمد أوروبا على روسيا في تأمين 40% من احتياجات القارة العجوز من الغاز، وتحتكر شركة غازبروم، الإمدادات عبر خطوط الأنابيب من روسيا، والتي تمر عبر بلغاريا وبولندا إلى باقي دول القارة، وتعتمد بلغاريا على 90% من احتياجاتها من الغاز على المنتج الروسي، فيما تعتمد بولندا على 45% منه، ما يعني ضربة قاصمة للدولتين، وتحذير لباقي كبار أوروبا، بمنع الطاقة عنهم.

وبمجرد اتخاذ القرار ضد بلغاريا وبولندا، قفز الغاز الأوروبي بنسبة 24%، وفي بداية تعاملات أمس، الأربعاء، قفزت أسعار عقود الغاز في البورصات الأوروبية وتجاوزت مستوى 1350 دولارا لكل ألف متر مكعب، وذلك في ظل تخوفات الأسواق العالمية بشكل كبير، مما أعلنته روسيا، والذي يستند إلى مرسوم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مارس الماضي، والقاضي بمنع بيع الغاز عبر شركة غازبروم، إلى ما وصفتهم روسيا بـ "الدول غير الصديقة"، مقابل الروبل، وفقا لمخطط موسكو، لعلاج ما أصاب الروبل وبنوكها، إثر العقوبات المفروضة عليها جراء الحرب مع أوكرانيا.

نجاح الحيلة الروسية وإرباك أوروبا

ومع بداية تطبيق القرار الروسي، رفضت العديد من الدول الأوروبية الدفع بالروبل، لأن ذلك يتعارض مع مع شروط العقود الموقعة، وأن هذه حيلة روسية للإفلات من العقوبات المفروضة على البنك المركزي، وهو ما لم تحرج موسكو من تأكيده، حيث أوضحت بكل شفافية أن قرار التحول إلى مدفوعات الروبل مقابل غازها بدلاً من اليورو أو الدولار جاء رداً على العقوبات الغربية ضد بنكها المركزي، والتي جمدت حوالي نصف احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية.

ونجحت الخطة الروسية، وأتت ثمارها بالفعل، فقد حققت احتياطيات أجنبية كبيرة من العملات، وعاد الروبل إلى مستويات أفضل مما كان عليه قبل الغزو، ليتجنب الاقتصاد الروسي أسوأ السيناريوهات، كما أن القرار الجديد والذي مثل صدمة لأبناء القارة العجوز، بشأن وقف إمداد بلغاريا وبولندا بالغاز، جاء بثماره سريعا، فقد أعلنت كل من المجر وألمانيا والنمسا، الموافقة على الآلية الروسية في شراء الغاز.

اليورو ضحية عقوبات موسكو

حزمة القرارات الروسية، أدت أيضا إلى تراجع سعر صرف اليورو والذي يعد الضحية الأولى في أوروبا، أمام الروبل، وسجل أدنى مستوياته، في وقت سابق، منذ يونيو 2020 عند حوالي 77 روبلاً، أما الدولار ويتراوح سعر صرفه عند 73 روبلاً، وفي الأسابيع الأخيرة، عاود الروبل الارتفاع بثبات ليصل إلى مستويات تفوق ما كان عليه عشية العملية الروسية في أوكرانيا.

دول أوروبا ترضخ لروسيا

كما أعلنت كل من المجر والنمسا، من خلال وزراء الخارجية، التزام بلادهم بالقرار الروسي، والذي ينص على دفع مستحقات الغاز بالرويل، وقال بيتر زيجارتو، وزير الخارجية المجري، إن بلاده ستدفع ثمن الغاز الروسي المورد إليها بناء على الآلية التي طرحتها موسكو، مؤكدا أن إمدادات الغاز الروسي إلى المجر عبر بلغاريا تتم بشكل طبيعي.

من جانبه، أعلن المستشار النمساوي كارل نهامر، أن النمسا وشركة الطاقة النمساوية "أو أم في"، قبلتا شروط الدفع مقابل الغاز بالعملة الروسية الروبل، مشيراً إلى أنه تمت الموافقة على الشروط الروسية من خلال فتح حساب مناسب لدى أحد البنوك الروسية.

ألمانيا ترضخ لقرارات روسيا

وصباح اليوم، الخميس، قالت وسائل إعلام ألمانية، نقلا عن متحدث باسم شركة الطاقة "يونيبر" أكبر مستورد للغاز الروسي إلى ألمانيا، إنها ستواصل شراء الغاز الروسي وفقا للآلية التي اقترحتها موسكو، وهو ما يؤكد رضوخ برلين للشروط الروسية.

وقالت صحيفة "راينيش بوست" (Rheinische Post)، نقلا عن المتحدث باسم شركة "يونيبر" (Uniper)، إنه سيتم تحويل ثمن الغاز الروسي إلى بنك روسي وليس بنكا أوروبيا، كما أنه وفي وقت سابق، رجحت الشركة إمكانية سداد ثمن الغاز بالروبل، مشيرة إلى أنها تواصل المناقشات حول ذلك مع شركة الطاقة الروسية "غازبروم".

أنابيب الغاز الروسي

ردود بلغاريا وبولندا على روسيا

وأخطرت غازبروم، كلا من بولندا وبلغاريا، بتعليق إمدادات الغاز اعتباراً من يوم الأربعاء حتى سداد المدفوعات وفقاً للإجراءات المقررة، محذرة من أن السحب غير المصرح به للغاز الذي يمر بأراضي البلدين إلى دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا سيؤدي إلى خفض إمدادات الترانزيت.

أما عن ردود فعل بولندا وبلغاريا، فقد قالت الأخيرة إنها تعمل مع شركات الغاز الحكومية لإيجاد مصادر بديلة لتحل محل الإمدادات التي تحصل عليها من روسيا، وإنه لن يتم فرض أي قيود على استهلاك الغاز المحلي في الوقت الحالي على الرغم من أن الدولة البلقانية التي يبلغ عدد سكانها 6.5 مليون نسمة تلبي أكثر من 90% من احتياجاتها من الغاز بالواردات الروسية.

من جانبها، رفضت بولندا دفع ثمن الغاز الطبيعي بالروبل، ولم تكتفِ بذلك، بل أعلنت تمسكها بموقفها بشدة من دعم أوكرانيا، مؤكدة أنها سترسل هذا الأسبوع، دبابات للجيش الأوكراني، بجانب الإعلان في وقت سابق أمس الأول، الثلاثاء، عن قائمة عقوبات تستهدف 50 من القلة الحاكمة والشركات الروسية، بما في ذلك غازبروم.

وقالت شركة الغاز البولندية PGNiG إن مطالبة روسيا بدفعها بالروبل تمثل انتهاكاً لعقد “يامال”.