الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بين ناري التضخم وتباطؤ النمو.. هل يقرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة مرة أخرى خلال أيام؟.. انقسام في مواقف محافظي البنك.. والعالم يترقب توابع زلزال مايو

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

أحدث قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) زيادة أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في مايو الماضي ما يشبه الزلزال في أسواق المال العالمية، إذ تدافع المستثمرون الماليون لسحب ودائعهم بالدولار من البنوك خارج الولايات المتحدة وإيداعها بالبنوك الأمريكية، ما أثر على سيولة الاحتياطيات النقدية في دول عدة بالعالم.

تباطؤ محسوس في نمو الاقتصاد الأمريكي

وقال مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء الماضي، إنّ النمو الاقتصادي الأمريكي شهد تباطؤاً في الأسابيع الأخيرة، وسط رياح معاكسة تشمل ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم.

ووفقًا لوكالة "بلومبرج" الأمريكية، ذكر الاحتياطي الفيدرالي في تقريره "بيج بوك"، الأربعاء، أن عمليات التوسع وزيادة الأسعار قد تكون معتدلة في بعض المناطق في البلاد، إذ تعاني الأُسَر والشركات من ارتفاع أسعار الفائدة والغزو الروسي لأوكرانيا، واضطرابات مستمرة نتيجة عدوى "كوفيد-19".

وأشار التقرير إلى أن "أربع مناطق لاحظت بوضوح تباطؤ وتيرة النمو في الفترة الماضية"، كما أوضحت جهات الاتصال التجارية لمقاطعات عديدة أنها أصبحت أكثر حذراً، إذ أصبحت التوقعات أكثر تشاؤماً.

ورفع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 0.5% في مايو، مشيرين إلى أن شهرَي يونيو ويوليو سيشهدان على الأرجح زيادات مماثلة في محاولة لكبح التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ عقود. ويهدف صُناع السياسة النقدية إلى خفض الطلب على العمالة، وبالتالي تهدئة نمو الأجور والمساعدة في خفض التضخم دون دفع الاقتصاد نحو الركود.

انعدام اليقين.. الشركات الأمريكية تتخبط في الظلام

وذكر تقرير "بيج بوك" أن انعدام اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية يتسبب في تراجع بعض الشركات عن الإنفاق والاستثمار. وأوضح أن "ثماني مقاطعات أفادت بانحسار توقعات النمو مستقبلاً بين جهات اتصالها، كما أعربت جهات اتصال ثلاث مقاطعات أخرى عن مخاوفها بشكل خاص بشأن الركود".

ورغم أن جهات الاتصال التجارية في معظم المقاطعات الفيدرالية قالت إنها استمرت في رؤية زيادات قوية في الأسعار، فإن هناك ثلاث مقاطعات أخرى قالت إن ارتفاع الأسعار "تباطأ بعض الشيء".

كذلك، أعلنت بعض المناطق تباطؤ سوق العمل. وقال معظم المقاطعات إن التوظيف ارتفع "بشكل متواضع أو معتدل"، لكن وتيرة نمو الوظائف تباطأت في مقاطعة واحدة، حسب التقرير الذي استند إلى روايات جمعتها بنوك الاحتياطي الفيدرالي الإقليمية الاثني عشر حتى 23 مايو وأعدها "الاحتياطي الفيدرالي" في فيلادلفيا.

وحذر جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لشركة "جيه بي مورغان تشيس أند كو"، الأربعاء، المستثمرين من أن تشديد السياسة النقدية وغزو أوكرانيا قد يتسببان في مواجهة الاقتصاد لرياح معاكسة غير مسبوقة، وحثهم على الاستعداد لمواجهة "إعصار" اقتصادي.

وقال ديمون في مؤتمر عُقد برعاية شركة "أليانس بيرنشتاين هولدينجز" (AllianceBernstein Holdings): "هذا الإعصار الذي يتشكل على الطريق قادم نحونا.. لا نعرف ما إذا كان إعصاراً بسيطاً أم إعصار ساندي، لذا يُستحسن أن تستعد".

وصرّح جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بسانت لويس، للصحفيين يوم الأربعاء بأنه "من الطبيعي" أن نشهد تباطؤاً في النمو الاقتصادي. وأضاف، بعد عرض افتراضي أمام النادي الاقتصادي في ممفيس: "نتوقع تباطؤ النمو إلى وتيرة أكثر اتساقاً مع معدل النمو المحتمل طويل الأجل للاقتصاد الأمريكي، الذي قدّره عديد من الاقتصاديين بين 1.75% و2%.. لقد حققنا نمواً أعلى بكثير من ذلك خلال العام الماضي أو نحو ذلك".

وأظهر تقرير منفصل صادر عن وزارة العمل، يوم الأربعاء، أن الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة انخفضت في أبريل عن مستواها القياسي الذي سجلته في مارس، لكنها ظلت مرتفعة، وسط وجود نحو وظيفتين شاغرتين لكل أمريكي عاطل عن العمل. ويشير ذلك إلى قليل من الإغاثة لأصحاب العمل الذين يعانون لجذب العمال والاحتفاظ بهم.

انقسام في مواقف محافظي الاحتياطي الفيدرالي

وقال عضو مجلس محافظي الفيدرالي الأمريكي كريستوفر وولر، إنه ينبغي للبنك المركزي الأمريكي أن يرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية كل مرة في أكثر من اجتماعيه القادمين، وهو ما يبرز اختلافات في الرأي داخل مجلس الاحتياطي بشأن مدى السرعة في تشديد السياسة النقدية بينما يخوض معركة لخفض تضخم مرتفع.

وأضاف وولر: "أنا أؤيد تشديد السياسة بمقدار 50 نقطة أساس لبضعة اجتماعات... على وجه الخصوص، أنا لا أستبعد زيادات بمقدار 50 نقطة أساس حتى أرى التضخم ينخفض ليقترب من مستوى 2% الذي نستهدفه".

وتحول النقاش في مجلس الاحتياطي إلى عدد زيادات الفائدة المطلوب للفترة المتبقية من العام. وقال معظم صانعي السياسة النقدية إنهم يريدون الانتظار حتى يروا حجم الانخفاض في التضخم على مدار الصيف قبل أن يقرروا ما إذا كانوا يحتاجون لرفع أو خفض حجم زيادة لأسعار الفائدة في سبتمبر.

ويعتزم صُناع السياسة النقدية أيضاً تقليص الميزانية العمومية لـ"الاحتياطي الفيدرالي" البالغة 8.9 تريليون دولار هذا الشهر، وإطلاق أداة ثانية لمساعدتهم في التصدي لارتفاع الأسعار، لكنّ المسؤولين غير متأكدين من تأثيرها في الاقتصاد والأسواق. وتعقد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة اجتماعاً للسياسة النقدية في يومي 14 و15 يونيو.

زلزال مايو الأعنف منذ 22 عاما

أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في 4 مايو الماضي رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية للتعامل مع أسوأ تضخم شهدته أمريكا منذ 40 عامًا، لتكون المرة الأولى منذ 22 عامًا التي يرفع فيها البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة بهذا القدر.

وآنذاك، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن رفع أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية إضافية سيكون مطروحًا على طاولة الاجتماعات القادمة.

ومع استمرار احتدام الصراع بين روسيا وأوكرانيا، من غير المرجح أن تنحسر ضغوط الأسعار على الغذاء والطاقة في أي وقت قريب.

وقال بيان مجلس الاحتياطي الفيدرالي إن "الانعكاسات على الاقتصاد الامريكي غير مؤكدة بدرجة كبيرة." وأضاف أن "الغزو والأحداث ذات الصلة تخلق ضغطًا تصاعديًا إضافيًا على التضخم ومن المرجح أن تؤثر على النشاط الاقتصادي".

كما حذر البنك من أن عمليات الإغلاق المتعلقة بالوباء في الصين ستؤثر على الأرجح على سلاسل التوريد المتضررة بالفعل.

يمكن أن تؤدي هذه القضايا معًا إلى زيادة الضغط على أسعار المستهلكين في الأشهر المقبلة. لكن أدوات السياسة النقدية ليست حلاً سريعًا. تحتاج إجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى وقت حتى تصبح نافذة المفعول.


-