الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القضاء الإداري:لا يحق للرئيس أو مجلس الوزراء تقاضي مزايا مالية بخلاف المقررة قانونا


أكدت محكمة الادارى بالاسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة أنه لا يحق لرئيس الجمهورية ونائبه ورئيسى المجلسين النيابيين ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء - صرف اية مبالغ غير تلك الواردة فى القانون المنظم لمخصصاتهم المالية المقررة سنويا، وانه يتعين على هؤلاء، فى النظامين الحالى والسابق، أن يردوا للدولة مازاد عما هو مقرر لهم، مشيرة إلى أن المشرع لم يفوض رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء منح اية حوافز لهم .
وألزمت المحكمة وزير الاعلام أن يرد لخزينة الدولة مبلغ 269 الف جنيه تقاضاها كحوافز من مجلس الوزراء بالمخالفة للقانون، مؤكدة أن كل ما زاد عن هذا المبلغ يكون قد صرف بالمخالفة للقانون.
كما الزمت المحكمة الدولة بوضع نص المادة 215 من الدستورالخاص بالمجلس الوطنى للاعلام، موضع التطبيق الفعلى للحفاظ على حرية الاعلام واستقلاله ومبدأ عدم الاحتكار، وما يصاحب هذا الانشاء من الغاء وزارة الاعلام حتى يتواكب مع التطورات الاعلامية العالمية ولتحقيق المبدا الدستورى فى استقلاله وعدم تبعيته لمجلس الشورى او غيره وضرورة وضع ميثاق لشرف مهنة الاعلام كضرورة دستورية ومجتمعية.
وحددت المحكمة ضوابط ملابس المذيعة على الشاشة بانها حرة فى ارتداء تلك الملابس بشرط مراعاة تقاليد المجتمع والذوق العام سواء برداء الراس او بدونه، وقررت منح مذيعة بالقناة الخامسة مبلغ خمسين الف جنيه تعويضا لها لحرمانها من الظهور على الشاشة لمدة 5 سنوات.
وجاء منطوق حكم المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عوض الملهطانى وخالد جابر نائبى رئيس مجلس الدولة على النحو التالي.. اولا :بالزام اتحاد الاذاعة والتلفزيون بان يؤدى الى احدى المذيعات مبلغا مقداره خمسين الف جنيه تعويضا لها عن الاضرار المادية والادبية التى لحقتها من جراء حرمانها من الظهور على الشاشة بالقناة الخامسة مدة خمس سنوات بسبب ارتدائها رداء الرأس
ثانيا :الزمت المحكمة وزير الاعلام بان يرد لخزينة الدولة مبلغ 269 الف جنيه قيمة الحوافز التى تقاضاها من مجلس الوزراء عن المدة من 2 اغسطس 2012 حتى 30 ابريل 2013 وكل ما زاد عن هذا المبلغ صرف من اية جهة تحت اى مسمى بالمخالفة للقانون رقم 100 لسنة 1987 بشأن تحديد مرتبات نائب رئيس الجمهورية ورئيسى مجلسى الشعب والشورى ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وتعديلاته بالقانون رقم 8 لسنة 1989من تحديد مرتب وبدل تمثيل سنويين وما يترتب على ذلك من اثار، اخصها الزام الدولة بوضع نص المادة 215 من الدستور الجديد الخاصة بالمجلس الوطنى للاعلام موضع التطبيق الفعلى لضمان حرية الاعلام وتعدديته دون احتكار ليتمكن من وضع ضوابط الالتزام باصول المهنة واخلاقياتها، باعتباره من التشريعات الضرورية الملحة للحفاظ على قيم المجتمع وتقاليده البناءة وما يصاحب ذلك من الغاء وزارة الاعلام وضم هيئاتها ووحداتها الى المجلس المذكور والزمت الجهة الادارية المصروفات فى الحالتين
قالت المحكمة – في حيثيات حكمها - إن مناصب رئيس الجمهورية ورئيسى المجلسين ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء هى وظائف ذات طبيعة خاصة مؤقتة تهدف الى رسالة سامية قوامها العطاء وليس المكاسب والغنم، لذا حرص الدستور الجديد على النص بان يحدد القانون المعاملة المالية لهم وقد حظر عليهم حظرا مطلقا تقاضى اى مرتب او مكافاة اخرى غير تلك التى يحددها القانون، والزمهم بتقديم اقرار ذمة مالية عند توليهم المنصب وعند تركهم له وفى نهاية كل عام، فضلا عن المحظورات الواردة بهذا الدستورالتى تؤكد هذا المعنى، وكان قصد المشرع من ذلك تحقيق مبدأ الشفافية وحماية المال العام من رجال السلطة ووقف نزيف النهب والفساد مما قام به البعض قبل الثورة
وأضافت المحكمة ان قانونى المعاملة المالية لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء واعضاء الحكومة، لم يصدر بعد طبقا للدستور الجديد، وأنه بنص المادة 222 من هذا الدستور تكون القوانين الخاصة بالمعاملة المالية لهم الصادرة قبل صدور ذلك الدستور نافذة ولا يجوز تعديلها ولا الغاؤها الا وفقا للقواعد والاجراءات المقررة فى الدستور.
وأوضحت المحكمة أنه لما كان القانون رقم 99 لسنة 1987 بتحديد مرتب ومخصصات رئيس الجمهورية قد حدد مرتبه بمبلغ 12 الف جنيه سنويا وبدل تمثيل بمبلغ 12 الف جنيه سنويا غير خاضعين لاية ضرائب او رسوم .
كما حدد القانون رقم 100 لسنة 1987 بشان تحديد مرتبات نائب رئيس الجهورية ورئيسى مجلسى الشعب والشورى ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء المعدل بالقانون رقم 8 لسنة 1989 مرتب رئيس مجلس الوزراء ومعه رئيسى المجلسين النيابيين بمبلغ ستة الاف جنيه سنويا وبدل التمثيل بمبلغ ستة الاف جنيه سنويا، ومرتب الوزير بمبلغ اربعة الاف وثمانمائة جنيه وبدل تمثيل بمبلغ اربعة الاف ومائتين جنيه سنويا، ومن ثم فلا يجوز منح اى من هؤلاء ثمة مبالغ غير تلك الواردة فى القانون.
وذكرت المحكمة أن تلك الفئة من المسئولين يجب ان تلتزم وتخضع لحكم هذا القانون باعتبارهم المثل والقدوة فى المجتمع، وان صلاحهم او فسادهم يؤثر وينعكس حتما على الشعب وينقل اليه الصلاح او الفساد حيثما يولوا عليهم، فالناس على دين رؤسائهم فى مجال المسؤولية والالتزام بحكم القانون، خاصة وان هذا القانون تم خرقه فى ظل النظام السابق، وما كان يجب على النظام الحاكم الجديد ان يسلك ذات النهج الذى انتهجه النظام السابق وثار الشعب للقضاء عليه وعلى كل مظاهر الفساد الاخرى.
وقالت المحكمة إن الثابت بالاوراق على النحو الوارد بكتاب الامانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء رقم 12\7443 المؤرخ 30 ابريل 2013 والمرسل للمحكمة بالبريد المسجل والمودع ضمن اوراق الدعوى - أن رئيس مجلس الوزراء قررمنح حوافز للوزراء شهريا بمبلغ تسعة وعشرين الف جنيه، ومنهم وزير الاعلام، حيث ورد بهذا الكتاب ان السيد متولى صلاح عبد المقصود متولى بصفته وزيرا للاعلام قد تقاضى حوافز بمبلغ مائتين وتسعة وستين الف جنيه عن المدة من 3 اغسطس 2012 حتى 30 ابريل 2013 على خلاف ما قرره القانون.
وأوضحت المحكمة أن القاعدة العامة انه لا يجوز للوزراء تقاضى اية مبالغ او مستحقات مالية خلافا لما نص عليه القانون رقم 100 لسنة 1987 معدلا بالقانون رقم 8 لسنة 1989 وأن المشرع لم يفوض رئيس الجمهورية او رئيس مجلس الوزراء او اية جهة اخرى، منح اية حوافز للوزراء غير ما ورد به من مرتب سنوى وبدل تمثيل سنوى على النحو السالف، ومن ثم لا يعتد باية قرارات او توجيهات او تعليمات تصدر من اية جهة على خلاف ما قرره المشرع.
وأشارت المحكمة إلى أن القانون لم يشأ ان يعقد لرئيس مجلس الوزراء ثمة اختصاص بشأن منح الوزراء اية حوافز او مبالغ مالية تحت اى مسمى سوى المرتب السنوى وبدل التمثيل السنوى المشار اليهما، وبهذا يكون منح رئيس مجلس الوزراء للوزراء ومن بينهم وزير الاعلام الحوافز التى تقاضاها والبالغة 269 الف جنيه، قد صدر معيبا بخلل جسيم وافتئاتا على سلطة المشرع فى تحديد مرتب وبدل تمثيل الوزراء السنوى، متعارضا مع الشرعية وسيادة القانون ويدمغه بعيب اغتصاب السلطة المعقودة للمشرع ويكون هذا المنح قد صدر من غير مختص قانونا، بأعتبار ان رئيس مجلس الوزراء لا ولاية له فى اصداره، ولا يعدو ان يكون مجرد فعل مادى معدوم الاثر قانونا لا تلحقه ثمة حصانة تعصمه من ملاذ المواطنين بالقضاء العادل العاصم من القواسم.
وأكدت المحكمة أنه ترتيبا على ما تقدم فانه يتعين القضاء بالزام وزير الاعلام بان يرد للخزانة العامة للدولة مبلغ 269 الف جنيه التى تقاضاها دون وجه حق، وكل ما زاد عن هذا المبلغ يكون قد صرف له تحت اى مسمى بالمخالفة للقانون المذكورعدم احترام القواعد القانونية هو الذى ادى بالنظام السابق الى الافلات باموال الشعب للخارج.
واضافت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، انها وهى تتصدى لهذه الدعوى الحقوقية هى العليمة بانها تقضى ولا تحل محل الادارة فى تسيير مفاصل الدولة، لكنها لا تستطيع ان تغض الطرف فيما تلحظه من تهذيب تصرف الادارة من شوائبه حتى لا يفلت تصرف الادارة من الهداية والصواب الذى عناه المشرع وهدف اليه.
وذكرت المحكمة انه قد تكشف لها من الحكمة والمسار التاريخى لاحترام القواعد القانونية ان المخاطر التى تنتج عن مخالفة القواعد القانونية والافلات من أحكام القانون المنظم للمعاملة المالية للوزراء وكبار رجال الدولة هو الذى ادى الى فوز البعض فى ظل النظام السابق بالنفوذ والسيطرة والمال، وتمكين هذا البعض من سلب المال العام والافلات به الى حيث مستقر سحيق قد يصعب على اجهزة الدولة الوصول اليه بالطرق المشروعة ومن ثم يضيع على الوطن جهد وعرق ابنائه بل ودماء شبابه
وقالت المحكمة إنه ترسيخا لمبدأ سيادة القانون وكأثر مباشر للثورة، فقد يتعين على النظام الحاكم الجديد ان يختار بين احد طريقين : الاول الا يكرراخطاء النظام السابق فى منح الوزراء وغيرهم من كبار رجال الدولة المذكورين حصرا بالقانونين سالفى الذكر اموالا تحت اية مسميات غير المرتب السنوى وبدل التمثيل السنوى الذى حدده القانون، وهى من اموال الشعب صرفت بالمخالفة الجسيمة لاحكام القانون ما كان يجب عليه الاستمرار فى صرفها.
وأوضحت المحكمة أن الطريق الثاني بان يصدر قانونا جديدا يحدد فيه فى صراحة ووضوح امام الشعب اية مبالغ يراها تصرف لرئيس الجمهورية ورئيسى المجلسين النيابيين ورئيس مجلس الوزراء والوزراء تحقيقا لمبدأ الشفافية امام الشعب حتى تدرك الثورة اهدافها التى رمى اليها الشعب، الا انه لم يسلك هذا او ذاك واثر الاقتفاء باخطاء النظام السابق فى صرف اموال الشعب بالمخالفة للقوانين المنظمة لمخصصاتهم المالية .
وذكرت المحكمة أنه بحكم ما وسده اليها الدستور والقانون ترى انه يتوجب تحقيق مسؤلية النظامين السابق والحالى امام الشعب باعتباره مصدر السلطات عن كافة الاموال التى صرفت لهذين النظامين بالمخالفة الجسيمة للقانونين المنظمين لرواتبهم ومخصصاتهم المالية على نحو ما سلف بيانه، وانه يتوجب على جميع الاشخاص الذين تولوا المناصب المنصوص عليها فى القانونين سالفى الذكر وهى مناصب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية ورئيسى المجلسين النيابيين ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء سواء فى ظل النظام السابق او النظام الحالى ان يردوا الى خزانة الدولة اية مبالغ او مكافأت او حوافز تزيد عما هو مستحق لهم من المرتب السنوى وبدل التمثيل السنوى اعمالا لما سلف بيانه بحسبان ان الشعوب لا تحتمل الفساد، لاسيما اذا اقترنت به احوال اقتصادية سيئة تكشف عن ان كبار الحاكمين يعيشون حياة ترف واسراف بينما يعيش المحكومون من غالبية الشعب معيشة ضنك وجفاف
وقالت المحكمة ان مبدأ حرية الاعلام بات من المبادئ الاساسية فى الانظمة الديمقراطية الحديثة وهو يعنى حق الشعب فى ان يتابع مجريات الحوادث والافكار وتوجيهها بما يتفق وارادته، مشيرة إلى أن حرية الاعلام هى امتداد لحرية الشعب وهى تساهم بتاثير قوى فى تكوين الراى العام و توجيههه..
وأكدت المحكمة ان استقلال الاعلام بات ركنا جوهريا فى تلك الانظمة الحديثة و يعنى الا يعتمد الاعلام على سلطان الدولة بل يعتمد على ما يقدمه للناس من اراء وانباء و وتدفق موثق للمعلومات لذا اضحت كفالة حرية الاعلام واستقلاله على النحو الذى نصت عليه دساتير العالم من التزامات الدولة الحديثة الحريصة على سيادة القانون وان القصد من ذلك هو حماية الاعلام من الدولة بحسبان ان الدولة هى التى تضيق ذرعا بها وذلك ما يفسره حقب التاريخ كاشفا عن الصراع بين السلطة والاعلام ذلك انه من اصحاب السلطة من لا يتسع صدره لراى يخالف رايه وحينما وجد الحاكم المطلق كان هذه العلة سمة من سماته.
وأضافت المحكمة أن حرية الاعلام لا تتوافر الا حيث تعمل خارج سلطان الدولة واستقلال الاعلام لا يتحقق الا حيث تكون مستقلة عن الدولة، وأنه لا يمكن لوسائل الاعلام المختلفة فى ظل تبعيتها للسلطة ان تقوم بوظيفتها الاساسية فى الوفاء بحق الشعب فى المعرفة، فضلا عن مجالات التثقيف والتنوير والتوجيه وان عدم استقلالها يحول دورها من رسالة للاعلام الى الية للدعاية وثمة فارق بينهما.
وأشارت المحكمة إلى أن وسائل الاعلام يجب أن تكون لسان الامة لا لسان الحاكم، ويتوجب عليها ان تقول للحاكم ما يريده الشعب منه لا ان تقول للشعب ما يريده الحاكم منه او ما يناشد به الحاكم شعبه ليلتف حول، لافتة إلى أن وسائل الإعلام لا تستطيع ان تنهض بدورها الحقيقى مالم يتوافر لها الحرية والاستقلال عن الحكومة.
وأكدت المحكمة أن هذا الأمر يقتضى اسقاط كافة القيود التى تنال من استقلال الاعلام وحريته، واهمها الكف عن ملاحقة الاعلاميين بسبب ما يقدمونه للناس من انباء واراء، بحسبان ان الوظيفة الاصلية للاعلام هى تحقيق الرأى والرأى الاخر، وبغير ذلك ستظل حرية الاعلام واستقلاله اكثر سوءا قبل الثورة واكثر تكبلا بالقيود، مما يجعل ذلك المبدأ امرا منقوصا فتنعدم الحكمة التى تغياها المشرع الدستورى من النص على حرية الاعلام واستقلاله.
وقالت المحكمة انه يتعين الزام الدولة بوضع المادة 215 من الدستور الجديد الخاص بالمجلس الوطنى للاعلام، موضع التطبيق الفعلى بحسبانه من التشريعات الملحة التى تقتضيها مصلحة الوطن لضمان حرية الاعلام وتعدديته دون احتكار، ليتمكن من وضع ضوابط الالتزام باصول المهنة واخلاقياتها للحفاظ على قيم المجتمع وتقاليده البناءة، وما يصاحب ذلك من الغاء وزارة الاعلام وضم هيئاتها ووحداتها الى المجلس المذكور، حتى لا يكون هناك ازدواج فى الاختصاصات.
وأشارت المحكمة إلى أن بقاء وزارة الاعلام يؤدى الى الاحتكار الحكومى للاعلام على نحو يناقض ما نص عليه الدستور الجديد من عدم تركز الاعلام او احتكاره، مؤكدة أن الغاء تلك الوزارة حال انشاء المجلس الوطنى للاعلام خطوة جوهرية على طريق الديمقراطية واحترام حرية التعبير، واحياء التقاليد الاعلامية الحرة وهو ما يحقق ان يكون الاعلام لصالح الشعب وصوته النابض الذى يعبر عن كافة اطيافه.