الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كنيسة أبو سيفين.. الوحدة والدموع

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

هزّت فاجعة حريق كنيسة أبو سيفين بإمبابة المصريين جميعا، فالحريق الذي أسفرعن وفاة 41 وإصابة 16 آخرين، من بينهم ضابطان وفردا شرطة، وأدمى قلوب المصريين جميعا في الداخل والخارج، أظهر كثير من المشاعر الأصيلة، التي ليست غريبة على المجتمع المصري. 

فحالة الحزن التي سيطرت على حي إمبابة بكامله، وعلى الساكنين بجوار الكنيسة والآهات والدموع التي تفجرت عقب الساعات الأولى من الحريق وما بعده، ليست بشيء جديد عن المجتمع المصري. في واحدة من أكثر المناطق شعبية وأصالة في القاهرة، فقد هب الجميع يحاولون إنقاذ الضحايا والمصابين، والعمل على التقليل من حجم الكارثة. لكن للأسف كانت كلمة القضاء والقدر أسرع من الجميع.
لكن وسط هذه المشاعر الفياضة والأصيلة، ظهرت نزعات غريبة تميل لاختلاق فتنة واتهامات بالتقصير، والبحث عن فاعل حقيقي للمأساة حتى ولو كان الحريق نفسه ولا شىء غيره.

وبحسب بيان وزارة الداخلية، فقد أسفر فحص الأدلة الجنائية، أن الحريق نشب بتكييف بالدور الثاني بمبنى الكنيسة، والذي يضم عدد من قاعات الدروس نتيجة خلل كهربائي، وهو ما أدى لانبعاث كمية كثيفة من الدخان كانت السبب الرئيسي في حالات الإصابات والوفيات.

بعض المتواجدين بالكنيسة، قالوا في شهاداتهم، التي سجلت لبعض القنوات، أن التيار الكهربائي انقطع عن الكنيسة، وجرى تشغيل المولد الاحتياطي وبعد تشغيله بحوالي 15 دقيقة، حدث عطل في أحد أجهزة التكييف فانطلقت منه بعض الشرارات قادت إلى اشتعال الحريق. فيما انتهت النيابة العامة بعد مناظرة كافة الجثامين، أنها لم تلحظ فيها إصابات ظاهرة دالة على أمور أخرى خلاف الإختناق. مؤكدة أن سبب الحريق ماس كهربائي بمولد الكهرباء بالمكان.

وبغض النظرعن الشائعة الكاذبة، وقد رد الجميع عليها مسلمين ومسيحيين، ومن كانوا متواجدين بالمكان، فقد كان قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأكثر ألما وحكمة في التعامل مع الموقف، والرد بحسم على إشاعات وأكاذيب كثيرة خرجت عقب حريق كنيسة أبو سيفين بالجيزة. قائلا بوضوح: إن الكنيسة ترفضها جملة وتفصيلا، كما ترفض توجيه الاتهامات والتقصير من قبل الآخرين.

ووجه قداسته الشكر، لكل الناس مسلمين ومسيحيين، وكل الإمكانيات التي خففت من الألم عقب وقوعه، وكل فرد تواجد قام بدوره. وقال البابا تواضروس "بأن ما حدث قضاء وقدر، ونحن نؤمن بالله كلنا ونحن البشر في إيد ربنا، وهو الي بيدينا الحياة وهو اللي بيسمح بنهاية الحياة". وتابع: "ورغم ألم الحادث إلا أنه لا يجب أن نفقد إيماننا. لأن من راحوا في الحادث كانوا في وقت صلاة".

وجاءت كلمات قداسة البابا تواضروس بردًا وسلامًا، على نفوس المكلومين وذويهم، وانتصارا للحقيقة التي لم تظهر غيرها، فحريق كنيسة أبو سيفين هو قضاء وقدر وإرادة الله سبقت الجميع. ولا مجال لنشر شائعات أو التشنيع باتهامات غير حقيقية.

ومع ذلك فحادث حريق كنيسة أبو سيفين بإمبابة، قد يكون مناسبة لتوجيه النظر في وسائل الآمان والإطفاء داخل دور العبادة وداخل الأماكن الرسمية أو غير الرسمية، التي تكون مكتظة بالعُباد أو الدارسين. فإجراءات السلامة وتوافرها بشكل مكثف والتدريب  على استخدامها من قبل البعض، يُخفف كثيرا حال حدوث حريق أو ماس كهربائي أو غيره.

الخاطرة الأخيرة لي في هذا المقال، أن الوحدة الوطنية لا تحتاج في مصر إلى إثباتات او شهادات. وربما كان ملايين المتابعين للحريق قد رأوا بطولات من جانب البعض، الذين هبوا لنجدة بعض الأطفال الذين كانوا متواجدين في المبنى، وشاهد آخرون الجميع يجرون ويحاولون إسعاف الضحايا بكل ما هو ممكن، في مشهد وطني مؤلم ومؤثر. فالفاجعة في كنيسة أبو سيفين فاجعة وطنية أحزنت كل من يعبد الله.. 
وخالص العزاء لأسر الضحايا والدعوات لله أن يمن على المصابين بالشفاء العاجل.