EN 
عمرها تخطى أكثر من 250 عاماً، ومازالت"معصرة الشيخ يونس" تقاوم بأدواتها القديمة التى تعمل بالطريقة الفرعونية، ما جعل ذلك سبباً فى تميزها ، ومقصداً للباحثين عن زيوت طبيعية، بعيداً عن تدخلات الماكينات الحديثة التى تعمل بها معاصر الزيوت فى الفترة الأخيرة سواء فى قنا أو المحافظات الأخرى.
أيقونة تاريخية يقصدها الباحثين
معصرة" الشيخ يونس"، لم تعد مجرد معصرة لبيع الزيوت فحسب، لكنها تحولت مع مرور الزمن إلى أيقونة تاريخية، لها مكانتها الأثرية، ما جعلها مقصداً للباحثين من داخل مصر أو خارجها، كونها شاهدة على فترات تاريخية هامة فى جنوب الصعيد وتحديداً مدينة قوص، بجانب جودة وعراقة ما تنتجه من زيوت لعلاج الكثير من الأمراض.
المبانى الأسمنتية التى حلت محل المبانى القديمة، وحولتها إلى كتل خراسانية صماء، لم تنل من المعصرة القديمة، فأصحابها لديهم إصرار على بقائها كما هى بشكلها القديم وطوبها الطينى و عروقها الخشبية العريقة، التى أنشئت بها فى نهاية القرن الحادى عشر الهجرى لتظل رمزاً تاريخياً كما يحب أن يطلق عليها أصحابها، كما لا تزال أحجارها القديمة الثقيلة التى تدور بها الماشية لطحن البذور المختلفة، كما هى منذ إنشائها، تأبى أن تتزحزح من مكانها أو تحل محلها الكهرباء والتكنولوجيا الحديثة.
تحولت لمركز طبى شعبى لعلاج الأمراض
بداية معصرة الشيخ، كانت مع إنتاج زيوت طعام من بذور الخس والقطن والسمسم والقرطم وحبة البركة، لكنها تحولت مع تطور صناعة زيوت الطعام إلى معصرة لإنتاج الزيوت العلاجية التى تعتمد على حبة البركة، ومع الوقت تحولت إلى ما يشبه مركز طبى شعبى يقصده الكثير من المرضى للبحث عن زيوت علاج لأمراض متنوعة أكثرها باطنية وجلدية.
و قال يوسف زارع "حفيد صاحب المعصرة"، معصرة الشيخ يونس أنشئت عام 1190 هجرية، بوسط مدينة قوص جنوب قنا ، وهذا التاريخ الطويل جعلها خارج المنافسة مع أى معصرة، فطبيعة عملها أو منتجاتها تختلف عن أى معصرة أخرى، فقد ورثناها عن والدنا و آجدادنا بحالتها التى هى عليه الآن، ولا نفكر إطلاقاً فى تطويرها، فستظل هكذا بأحجارها القديمة و أدواتها العتيقة إلى أن يشاء الله، فهى بالنسبة لنا ليست لمجرد المنافسة أو تحقيق مكاسب تجارية، لكنها تراث غالي لا يقدر بثمن وهى شاهدة على قرنين من الزمان.
أحجارها تعمل بالأبقار مثل السواقى
و أضاف زارع، المعصرة تضم بداخلها 3 غرف، الأولى بها بعض المنتجات، أمام الثانية فيتوسطها حجر كبير لهرس وتجهيز البذور ويعتمد هذا الحجر فى طريقة عمله على الأبقار التى تديره مثل السواقي القديمة التى كانت تسقى المزارع، والغرفة الأخيرة تضم آلة المكبس" آلة ضخمة مصنعة من الخشب" التى توضع فيها البذور المهروسة لاستخلاص الزيوت منها، وهى المرحلة الأخيرة والتى تظل لمدة 24 ساعة حتى يتم استخلاص جميع الزيوت من البذور.
و أوضح زارع، بأن مراحل العمل بالمعصرة بسيطة للغاية وغير معقدة، فاستخلاص الزيوت هنا يمر بمرحلتين فقط الأولى هي مرحلة هرس وتجهيز البذور، أما الثانية فهي مرحلة الكبس التى تستغرق 24 ساعة يتم فيها الضغط على البذور لاستخلاص ما بها من زيوت بطريقة التنقيط، والأهم أنها تعمل بنظام التبريد وليس التسخين من أجل الحفاظ على الزيوت الطيارة.
يذكر أن معصرة الشيخ يونس، كانت مقصداً للكثير من المشاهير، الباحثين عن زيوت طبيعية نقية سواء للعلاج أو التجميل، من أبرزهم زوجة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، التى كانت تحرص على إحضار هذه الزيوت، وحظيت بعمل بأفلام تسجيلية عديدة عنها على مدار السنوات الماضية، من أبرزها فيلم تسجيلى فى بداية القرن العشرين من إعداد الانجليز خلال فترة احتلالهم لمصر، للوصول إلى سر جودة الزيوت التى تنتجها المعصرة.
معصرة الشيخ زارع
