الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نعوش متحركة على المياه..معدية الموت بقرية أشمنت شاهدة على وفاء طفل وشجاعة مُعلم

معدية قرية أشمنت
معدية قرية أشمنت ببني سويف

تعتبر المعديات النيلية، بمثابة نعوش متحركة على المياه، بسبب عدم صيانتها والمراقبة عليها، ويضطر الأهالي لركوبها لتوفير الوقت والجهد وقلة ثمن الأجرة، ولكنها تفتقد لمعايير الآمان، مما يعرض حياة ركبها للخطر والموت.

فتح باب المعدية فجأة وسقوط الركاب في المياه

هذا هو الحال في قرية أشمنت بمركز ناصر التابع لمحافظة بني سويف، حيث أعتاد الأهالي على ركوب المعدية للعبور إلى البر الشرقي لقضاء مصالحهم وإحتياجاتهم الضرورية، وفي صباح يوم الجمعة الماضي، ركب أهالي القرية المعدية وبعد اكتمال عدد الركاب داخل المعدية، أخذت طريقها في الإبحار، وفي وسط المياه، فتح باب المعدية بشكل مفاجيء، ليسقط في المياه 9 درجات نارية، وعدد كبير من الأطفال والأهالي.

المياه تبتلع طفل صغير

وبعد هرج ومرج، تمكن الشباب المتواجد على البر، من انقاذ الأهالي والأطفال اللذين سقطوا في المياه، وكذلك خروج بعض الدرجات النارية دون الآخرى التي جرفها تيار المياه داخل البحر، وبعد تفقد الناجين من الحادث تبين عدم وجود الطفل مروان محمد صاحب 9 أعوام، لتتمكن بعد ذلك قوات الإنقاذ النهري من العثور على جثمانه.

معلم شجاع لا يهاب الموت

ومن بين الأهالي المتواجدين على البر، كان يقف المعلم والإنسان الشجاع محمد إبراهيم داهش صاحب 57 عاماً، مدرس مادة الدراسات الإجتماعية، الي لم يمنعه سنه من القفز مباشرة غلى المياه لإنقاذ الأطفال من وسط المياه، لتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ويغرق المعلم الشجاع بعد إنقاذه أحد الأطفال، وعودته مرة آخرى إلى المياه لإنقاذ الآخر ولكن جرفه تيار المياه ليلفظ أنفاسه الأخيرة، وتتمكن من  قوات الإنقاذ النهري من انقاذ جثمانه في اليوم التالي للحادث.

مُعلم دراسات اجتماعية بمدرسة أشمنت التجارية

صدى البلد التقى أهالي الفقيدين، حيث أكد رمضان محمد من أهالي قرية الرياض مسقط رأس الشهيد محمد داهش، أن الشهيد إبن عمه، ويعمل مُعلم دراسات اجتماعية بمدرسة أشمنت التجارية، وقدم حياتَه فداء لإنقاذ طفل من الغرق في حادث المعدية النيلية بقرية أشمنت شمال بني سويف.

وأضاف إبن عم الشهيد، استيقظ "محمد إبراهيم" كعادته صباح كل يوم جمعة للتوجه إلى زيارة المقابر، ولم يكن يعلم هذه المرة أنه سيصبح في تعداد الموتى، وعند وصوله إلى المعدية النيلية بقرية أشمنت التابعة لمركز ناصر شمال محافظة بني سويف، صعد إليها وكانت تستعد للتحرك وبسبب تزاحم المواطنين فوجئ الجميع بسقوط باب المعدية ومعه أكثر من 17 شخصًا وعدد من الدراجات البخارية، وكان ضمن الذين سقطوا في المياه طفلان شقيقان كانا في طريقهما لزيارة قبر والدهما المتوفَّى منذ عام واحد.

وأشار، محمد  ابن عم الشهيد، أن المُعلم الشهم أستطاع إنقاذ أحد الأطفال الأشقاء من الغرق وبعد أن وصل به إلى الشاطئ عاد لإنقاذ الآخر ويدعى مروان عمره 9 سنوات، لكنه فشل في ذلك بسبب شدة تيار المياه فغرقا معًا، ليسطر قصة بطولية جديدة في الشهامة والتضحية من أجل إحياء الآخرين.
ووصفه بانه كان كريما محبا للخير ووفيا حتى للموتى، وأنه كان في زيارة لقبر أحد أصدقائه بمنطقة شرق النيل والذي توفي منذ عدة أيام.
فيما قال محمد سعيد "عامل"، من أبناء قرية أشمنت: أن الطفل مروان محمد كان يستقل المعدية برفقة والدته في طريقه لزيارة قبر والده بقرية أبو صالح، وكان يقف بجوار باب المعدية وأثناء تدافع المواطنين لاستقلال المعدية انفتح الباب فجأة فسقطوا في النيل وفشلت محاولات إنقاذه.
وتابع أن الطفل يتيم الأب حيث توفي والده إثر حادث صعق كهربائي وتركه وأخيه وأمه للزمن.

أما  ناصر السقا، عم الطفل  مروان، فقال: "مروان"  خرج من منزل أسرته، بقرية الميمون بالواسطى صباحا، كما هو معتاد كل يوم جمعة أسبوعيًّا، رفقة عمه لزيارة قبر والده ، الذي توفي منذ أقل من عام في حادث صعقًا بالكهرباء، وعندما وصل إلينا خبر حادث المعدية هرولنا إلى مكان الحادث لنفاجئ بالخبر الذي نزل علينا كالصاعقة، وهو غرق مروان.

ملحقش يلبس المريلة الجديدة

بينما وقفت أم الطفل مروان، تصرخ وتنهار من البكاء  قائلة: "ملحقتش تفرح بلبس المدرسة يا ابني".

وقالت "نادية الجمل "  إحدى قريبات الطفل مروان: إنه كان رفقة عمه لزيارة قبر والده، الذي توفي العام الماضي صعقًا بالكهرباء، وتوجهنا برفقة زوجته وشقيقه لزيارة قبره بشرق النيل وأثناء استقلالنا معدية أشمنت وقبل تحركنا انفتح باب المعدية من اتجاه نهر النيل وسقط منها عدد من الأهالي كان بينهم "مروان".

وأضافت: "ملحقش يلبس مريلة المدرسة اللي والدته اشترتهاله إمبارح، شافها وقالها بس هقيسها لما نيجي من زيارة والدي، كان عنده 9 سنوات ونجح في الصف الثالث الابتدائي وكان رايح الصف الرابع، كان أكبر أشقائه، ربنا يصبر أمه كانت في مكان الحادث وكانت عايزة ترمي نفسها في ميه النيل.