الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

النكسة الكبرى لإسرائيل.. خروج مُذل للعدو من مستعمرات سيناء

رحيل الإسرائيلين
رحيل الإسرائيلين عن المستعمرات في سيناء

تحتفل مصر والقوات المسلحة بالذكرى التاسعة والأربعين على نصر السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣، ذلك النصر الذي قاتل المصريون من أجله ودفعوا أثمانًا غالية من دمائهم الطاهرة، ليستردوا جزءًا غاليًا وعزيزًا من أرض الوطن وهي سيناء.

فلقد حقق جيل أكتوبر العظيم النصر، ورفع راية الوطن على ترابه المقدس، وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ، حين عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة، في السادس من أكتوبر عام 1973، إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، لاستعادة أغلى بقعة في الوطن وهي سيناء، واستعاد المصريون الأرض، واستعادوا معها كرامتهم واحترام للعالم، حيث تعد حرب أكتوبر المجيدة، علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحا لنصر مبين.

فلقد علّمنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرةٌ دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا أيضًا أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها، كما أن حرب أكتوبر المجيدة لم تكن مجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها، وإنما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقةٍ، بل لم تقتصر آثارها على المدة الزمنية للحرب، وإنما امتدت لتنشر أشعة الأمل في كل ربوع مصر.

وبعد نصر السادس من أكتوبر عام 1973، بدأت معركة أخرى مع الجانب الإسرائيلي، وهي «المعركة الدبلوماسية»، بين مصر وإسرائيل، وكانت بدايتها المفاوضات للفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية عام 1974 وعام 1975، ثم بعد ذلك مباحثات «كامب ديفيد»، التي أفضت إلى إطار السلام في الشرق الأوسط، وبعدها تم توقيع معاهدة السلام «المصرية – الإسرائيلية» عام 1979.

المستوطنات الإسرائيلية في سيناء

كان الإسرائيليون يعتقدون أن مصر قد انهزمت في حرب الـ 6 أيام، وأن مصر بجيشها لن تقم لهم قائمة أخرى، كانوا يتخيلون أنهم سيبقون فيها لأبد الآبدين، يبنون ويعمرون، لفرض سياسة الأمر الواقع، كانوا يعتقدون أن بمستوطانتهم المختلفة في سيناء، أنهم باقون لآخر الزمان، لكن اليد التي بنت، هي التي هدمت ما قاموا ببنائه، والسر هُنا يرجع إلى القوة المصرية، القوة التي ألحقت بهم الهزيمة الكبرى في نصر أكتوبر 1973، والتي فرضت عليهم قوة السلام في عام 1979.

ففي الفترة منذ عام 1967 حتى عام 1982، أنشأ الإسرائيليون المستعمرات والمنازل والمزارع، قاموا بإنشاء الطرق، وشيدوا المباني الخدمية، شيدوا المشاريع السياحية، أنشأو مطارات وموانئ، كانوا يحاولون فرض سياسة الأمر الواقع، وأن سيناء لم تعد مصرية كما كانت، لكن كان للشعب المصري رأيًا آخر في ذلك.

المستعمرات الإسرائيلية بشمال سيناء

مستعمرة ياميت

تعد مستعمرة ياميت أكبرَ تجمع استعماري أقامته إسرائيل في سيناء، وكان يقع في شمال سيناء ويطل على البحر الأبيض المتوسط، وكان يضم 15 مستعمرة  وكانت إسرائيل تخطط للإبقاء على هذا الإقليم الاستعماري تحت سيادتها وعدم تسليمه لمصر عقب توقيع اتفاقية السلام إلا أنها لم تتمكن من فعل ذلك.

وضمت مستعمرة "ياميت" عددا من المستعمرات الصغيرة منها:

1 - مدينة ياميت "المدينة البحرية"

أقيمت في منتصف السبعينيات، وكانت مركزًا لإقليم "ياميت" الاستعماري، لذا حمل الإقليم نفس اسمها، وكان الهدف من إنشاء هذه المدينة إحداث تواصل إقليمي بين سيناء والنقب، وعزل قطاع غزة عن شمال سيناء وجاء إنشاؤها ضمن خطة "المستعمرات المحيطة بغزة" والتي تضمنت إحاطة قطاع غزة بالتجمعات السكنية الإسرائيلية مثل عسقلان في الشمال وبئر سبع من الشرق وياميت من الغرب وذلك بهدف محاصرة القطاع والحد من توسعه.

وكانت إسرائيل تخطط لجعل مدينة ياميت مدينة ضخمة يصل عدد سكانها مع بداية القرن الحادي والعشرين إلى ربع مليون نسمة، بالإضافة إلى إنشاء مرفأ بحري ضخم بها لتصبح ثالث أكبر مدينة ساحلية لإسرائيل بعد كل من تل أبيب وحيفا.

2- مستعمرة "سادوت"

تُعد أولى البؤر الاستعمارية التي أقيمت في إقليم "ياميت"؛ حيث أقيمت البنية التحتية لها في عام 1969 على أرض تمتلكها قبيلة بدوية تم تهجير أهلها من المنطقة، ثم بعد ذلك تم تشغيلهم كعمال في المستعمرة عند الانتهاء من إنشائها في عام 1971.

والمستعمرة كان لها أهمية اقتصادية بالغة بالنسبة لإسرائيل، الأمر الذي شجّع على إقامة باقي مستعمرات الإقليم تباعًا، كما اكتشفت إسرائيل آبار نفط بجوار هذه المستعمرة أطلقت عليها حقل "سادوت" النفطي وتم إخلاء هذه المستعمرة في عام 1981.

3 – مستعمرة "ناؤت سيناي"

أقيمت هذه المستعمرة على بعد حوالي خمسة كيلومترات شمال شرقي مدينة العريش وكانت في بدايتها عبارة عن معسكر حربي ثم أُعلنت كمستعمرة في عام 1972، وفي بداية عام 1978 أنضم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "مناحم بيجين" كعضو شرفي في هذه المستعمرة.

4 - مستعمرة "خروبيت"

أقيمت مستعمرة خروبيت في عام 1975م، واكتشفت إسرائيل بجوارها موقعًا أثريًا يرجع إلى عصر المملكة المصرية الحديثة، وقامت إسرائيل بتدمير جميع مباني مستعمرات إقليم ياميت بالكامل قبل تسليمها للمصريين باستثناء مستعمرة "ناؤت سيناي" ولاتزال أنقاض مباني تلك المستعمرات موجودة بمكانها حتى الآن.

المستعمرات الإسرائيلية بجنوب سيناء

بالإضافة إلى مستعمرات إقليم ياميت، في شمال سيناء، أقامت إسرائيل أربعة مستعمرات أخرى في جنوب سيناء وكان أهمها:

مستعمرة "أوفيرا" وقمة السادات وبيجين

أقيمت في المنطقة الممتدة من خليج نعمة وحتى رأس محمد وكانت تعتبرها إسرائيل عاصمة جنوب سيناء التي أطلقت عليها إسرائيل منطقة "شلومو" وقامت وزارة الإسكان الإسرائيلية خلال الأعوام ما بين 1969 - 1975 بتوطين مئات الأسر اليهودية، وأقامت بها عدة فنادق ومطار وكانت إسرائيل تخطط لإبقاء سيطرتها على هذه المنطقة وعدم التنازل عنها لمصر.

وشهدت هذه المستعمرة في عام 1981 عقد لقاء قمة أُطلق عليه "قمة أوفيرا" جمع بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيجين وفي عام 1982 تم إخلاؤها وتسليمها للمصريين ولكن لم يتم هدم منازلها - مثلما حدث في ياميت - حيث تم تسكين عدد من أهالي سيناء في منازل المستعمرة.

مستعمرة "شلهفيت" .. حقول البترول

مستعمرة "شلهفيت مستعمرة أقيمت في منطقة "أبورديس" المطلّة على خليج السويس بالقرب من حقول البترول، وكان يقيم بها العمال والمهندسون الإسرائيليون الذين كانوا يعملون في حقول بترول أبورديس.

وكانت إسرائيل طوال فترة احتلالها لسيناء قد أنهت بترول أبورديس بشكل كبير، حيث كانت تلك الحقول توفر لإسرائيل نصف احتياجاتها من الوقود، كما قامت إسرائيل أيضا بتصدير كميات ضخمة من نفط أبورديس إلى الخارج مما حقق مكاسب ضخمة للاقتصاد الإسرائيلي.

وعند انسحاب إسرائيل من أبورديس في عام 1975 خلفت وراءها آبار النفط هذه وهي مدمرة تمامًا، وادّعت أنها دُمّرت جراء عمليات قوات الكوماندوز المصرية خلال حرب 1973.

المطارات الإسرائيلية في سيناء

أنشأت إسرائيل ثلاث مطارات أثناء احتلالها لسيناء، دمرت واحدا منها بالكامل قبل الانسحاب واضطرت إلى إبقاء اثنين منها في حالة جيدة وسلمتهما إلى مصر، منها مطار "أوفير" والمعروف بمطار "شرم الشيخ" الحالي ومطار "عتسيون" المعروف بمطار طابا الدولي الحالي ومطار "إيتام" والمعروف بمطار العريش الدولي حاليا.