الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معنويات وطن

ماريان جرجس
ماريان جرجس

"ظلت الدولة تحارب 15 سنة ولكن لم تتوقف مطالب الشعب، على العكس زاد تعداد مصر 25 مليون نسمة حينذاك"
كانت تلك الكلمات البسيطة التي قالها الرئيس عبد الفتاح السيسى في ذكري نصر أكتوبر عاكسة وكاشفة لرؤية عميقة تنتهجها الدولة المصرية الان وهى في حالة حرب لم تبدأها، حالة حرب غير تقليدية بين دولة وخصم، بل بين دولة ناشئة والجهل والفقر والتخلف  والإرهاب وتحديات  عالمية غير مسبوقة ؛ اقتصادية وجيوسياسية.

 

ولكن كيف تواجه الدولة الحرب؟ فالمواطن يؤمّن احتياجاته، يؤمن أمواله، في تلك الأوقات، ولكن كيف تؤمّن الدولة حال مائة مليون ؟ في ظروف حرب غير تقليدية، في حالة حرب عالمية ، يتضرر العالم بأسره من آثارها.

 

وما أفصحت عنه كلمات الرئيس عن رؤية الوطن شملت الكثير من استراتيجيات الدولة المصرية حاليا في كيفية التعامل مع التحديات الراهنة، على رأسها اليقين في تجاوز المحنة، واليقين ليس الأمل فحسب، بل اليقين في النجاح يؤدى إلى النجاح، اليقين في النجاح يخلق من العدم آلية النجاح وهو واحد من أسرار نجاح الدولة المصرية في تخطى الصعاب وهو واحد أيضًا من معنويات الوطن الناجح.

 

تأتى بعد ذلك بعض السياسات التي نستطيع استشفافها من كلماته إلا وهي الحرب الحقيقية على الجوع والفقر والتخلف، وهنا أكد الرئيس أن في أوقات الحرب لا تتوقف الدول ولا توجه الأموال لاقتصاد الحرب أو التحديات ، على العكس فهو الوقت الأنسب لبناء الدول لأن احتياجات الشعوب لا تتوقف ولا تتوقف حيواتهم، وفى وقت الحرب والتحدي، يزداد الفقر والجوع والتخلف وتزداد الشائعات وسموم أهل الشر مما يتطلب من الدولة السير في مسيرة البناء والتنمية أكثر وأكثر، وهنا تضح للمواطن رؤية الدولة الذي يتعجب من استمرار الدولة في البناء والتشييد والتنمية حتى في أحلك الأوقات، وهو لا يعلم أن تلك الأوقات هي أكثر الظروف المُلحة للتنمية واستكمال مسيرة النمو وإلا توقفت رحي الدولة وعجلات الإنتاج وانزلقنا في  مزيد من المحن والتحديات.

 

أمّا في المقام الثالث في رؤية الدولة الذكية في أوقات الحرب، هو سياسة عدم الاستعداء، أي عدم خلق أعداء جدد ولا تعنى مصالحة أهل الشر أو ما شابه ! وهى السياسة المتزنة العاقلة التي لا تخلق تحديات جديدة في وقت حرج ، تتأزم فيه كل الأطراف الدولية الفاعلة والتي تنتظر موقف غير محايد من أي دولة حتى تفرض عليها عقوبات  أو تنزع منها استثمارات ، لذا يتوجب على الدولة ذات الاقتصاد النامي أن تتبنى مذهب سياسي وسطى في تلك الأوقات.


ربما تكون التحديات العالمية كبيرة وكثيرة ولكن تظل الرؤية المصرية المتوازنة التي لا تبنى الوطن فقط بل تبنى معنويات الوطن هي الحصن الأمن.