الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنصتوا إلى فقراء الكوكب.. مؤتمر المناخ COP27 في مصر فرصة لتعويض خسائر دول جنوب الكرة الأرضية.. والتوزيع العادل لمساعدات التكيف هو الحل

الانبعاثات الكربونية
الانبعاثات الكربونية أخطر مسببات التغير المناخي

تحظى قضية تغير المناخ باهتمام واسع يجعلها موضوع الساعة، كونها سبيل النجاة لجميع الأحياء على الكوكب، ويتجدد ذلك الاهتمام بالتزامن مع اقتراب موعد مؤتمر المناخ COP27، والتي يستضيفها منتجع شرم الشيخ في مصر هذا العام، على أمل التوصل إلى حلول جذرية للأزمة.

وحسبما ذكرت قناة "يورونيوز"، فإن هناك تقدمًا واضحًا فيما يتعلق بإجراءات مواجهة تغير المناخ، وإن كان البعض يراها غير كافية، ولكن لتحقيق تقدم أكبر لا بد من تبني الحلول التي تبتكرها دول جنوب الكرة الأرضية.

ومع تداعي نتائج تغير المناخ بشكل متزايد وواسع النطاق، تجتهد الدول الأكثر تضررا من آثاره لإيجاد حلول عملية لسد العجز في لموارد أو تلفها، بالإضافة إلى تمويل مشاريع التكيف مع هذا التغير.

وفي مؤتمر الأمم المتحدة الخامس عشر للمناخ عام 2009، تعهدت الدول الكبرى بتخصيص 100 مليار دولار كمساعدات اقتصادية سنوية للدول النامية التي تعاني تداعيات الأزمة أكثر من غيرها، لكن تظل وعود التمويل قضية شائكة حينما يتعلق الأمر بسياسات المناخ.

خسائر تغير المناخ

يعد الفرق الرئيسي بين استثمار المائة مليار دولار سنويا وبين وقوع الأضرار والخسائر هو آلية حدوث كل منهما، وإحدى هذه الآليات الأساسية التي تتم بشكل تطوعي، هي الأهداف المنشودة والأساليب المتنوعة للوفاء بتلك التعهدات، بالإضافة إلى المصارف الأخرى للتبرعات، خاصة التي تهدف إلى تعويض الخسائر المادية والتكلفة البشرية للتغيرات المناخية.

ومن عوامل نجاح أهداف التمويل بل وفي القلب منها، يأتي التوزيع العادل له بإعطاء النسبة الأوفر من المساعدات المالية للدول التي تواجه التحديات المناخية الأكبر، بالإضافة إلى أشكال الدعم الأخرى.

ومما يجعل الوضع أكثر تعقيدا اتساع الهوة بين الدول القادرة على النجاة وغير القادرة عليها، وفي كثير من الأحيان يقل الدعم الذي تتلقاه الدول الأكثر تضررا عما تحتاجه فعليا لمواجهة الأزمة بمراحل، وهو ما يشكل حلقة مفرغة من انعدام المرونة الذي تتسم به الأزمة.

وتسود الدول الغنية حالة من الاستياء من فكرة التوصل لاتفاق تعويض الخسائر والأضرار، خشية أن يفتح هذا باب التقاضي والمزيد من طلبات التعويض، وقد أدى هذا إلى جمود سياسي تجاه القضية استمر لعقود.

لكن الأمر على هذا النحو ينطوي على مفارقة، فكلما تأخر الوصول لاتفاق إطاري بشأن تعويض الأضرار والخسائر، تقلصت الحلول المتاحة أمام المتضررين بشكل يضطرون معه للجوء للمسار القضائي.

لكن هذا لا يعني عدم وجود أي تحرك بشأن القضية، ففي مؤتمر المناخ التاسع عشر الذي عقد في بولندا عام 2013، تأسست آلية وارسو الدولية للأضرار والخسائر الناجمة عن التغيرات المناخية، وهي هيئة دولية معنية بتقديم الدعم للبلدان المتأثرة بالأزمة، ورغم أن الدعم التقني والإداري كان أكبر من الدعم المالي، إلا أن هذه الخطوة مهدت الطريق لإجراء مزيد من المناقشات حول القضية في قمم المناخ اللاحقة.

قضايا لا تزال عالقة

منذ قمة عام 2013، شهد ملف الأضرار والخسائر انفراجا طفيفا، وصل ذروته عام 2015، حيث تم تضمينه في اتفاقية باريس للمناخ الشهيرة، كأحد أهم أركان السياسات المناخية، وأنشئت شبكة سانتياجو للأضرار والخسائر عام 2019 لتقديم مزيد من المساعدات التقنية، وقد اتفق المشاركون في مؤتمر المناخ اللاحق عام 2021 على عقد مناقشات موسعة حول القضية في مؤتمري 2022 و2024.

وفي الاجتماع السابع والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي، أعلنت الدنمارك تخصيصها 13.4 مليون يورو لمواجهة أزمة الأضرار والخسائر مؤكدة أن الوقت قد حان لإيجاد حل نهائي لها.

تهديدات أزمة الأضرار والخسائر

ومع اقتراب انعقاد قمة المناخ COP27 في مصر ومشاركة دول منطقة البحر الكاريبي فيها، فإن هناك عددا من الحلول المطروحة على الطاولة، ومنها توجيه عوائد الضرائب على البترول والغاز لإنشاء صندوق لتمويل معالجة الأضرار والخسائر، كما يمكن أن يكون إنشاء قاعدة بيانات لمبادلة الكربون الأزرق مع النصف الجنوبي من العالم هو أحد الحلول المقترحة ضمن إجراءات أخرى، مثل تحويل الأعشاب البحرية إلى عملة متداولة كوسيلة لخفض انبعاثات الكربون.

وتضاف هذه الإجراءات إلى توصيات مؤتمر المناخ السابق، حيث أنشأ بنك التنمية الكاريبي "مقياس مدة التعافي" الخاص به، لدعم آلية تقييم التمويل التطوعي، وتتميز منطقة الكاريبي بتوفر الفرص والأفكار التي تساعد على تنفيذ حلول أزمة التغير المناخي، لمنها تحتاج فقط لمن يستمع إلى تلك الحلول ويتبناها.

ويتم ابتكار وسائل جديدة باستمرار لبناء جسر للتواصل بين تمويل القطاع الخاص والمشروعات المجتمعية لدعم برامج مثل التأمين المعياري لما يعرف بـ"تحالف مخاطر المحيطات وحركة المرونة"، وهي برامج تأمين واستثمار للشعاب المرجانية لتقليل المخاطر التي تتعرض لها المجتمعات الساحلية المطلة على المحيطات.

ولا بد من العمل على إيجاد حلول أزمة الأضرار والخسائر في الدول الأكثر تأثرا بها، من خلال وضعها على رأس قائمة مناقشات مؤتمر المناخ القادم، وأن تتوحد الأصوات المطالبة بالتعاون والمرونة والتكيف المنشودين، فحل هذه الأزمة يتيح فرصا أكبر للاستثمار في مجالات التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، والتحول الحقيقي يبدأ بحل هذه المعضلة.