الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أموال طائلة.. نجاح مصري في تدشين صندوق تعويض الخسائر والأضرار بسبب المناخ

قمة المناخ
قمة المناخ

نجحت جهود مصر في اليوم الأول لمؤتمر المناخ COP27 المنعقدة في مدينة شرم الشيخ، في إدراج بند الخسائر والأضرار على جدول أعمالها، وذلك لأول مرة، وذلك بعد محاولات مضنية قامت بها العديد من دول العالم لتنفيذ هذا الأمر خلال المؤتمرات السابقة.

وكانت مصر قد قدمت عبر وزير خارجيتها سامح شكري خلال الجلسة الإجرائية المنعقدة صباح اليوم الأحد، مقترحاً لإدراج بند الخسائر والأضرار على جدول أعمال المؤتمر.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هي أهمية هذا البند، وما النتائج المترطبة على الموافقة عليه، ولماذا لاقى معارضة كبيرة من الدول العظمى في الماضي، وهي الأسئلة التي يجيب عليها هذا التقرير. 

صندوق مالي طال انتظاره 

شهد المؤتمرات السابقة للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، جدلا بشأن ما إذا كان يتعين على الدول الغنية دفع تعويضات للدول الفقيرة المتضررة من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ، وذلك في ظل وقوع عدد من مثل هذه الكوارث، من فيضانات أودت بحياة أكثر من 1700 شخص في باكستان إلى جفاف أدى إلى تدمير المحاصيل في الصين وأفريقيا وغرب الولايات المتحدة وذلك خلال العام الماضي فقط.

وتم صياغة تلك المطالب بالمطالبة بصندوق خاص أطلق عليه صندوق "الخسائر والأضرار"، غير أن القضية تراوح مكانها منذ سنوات في ظل مقاومة الدول الغنية لمثل هذه الدعوات، وظلت محادثات المناخ التي تجريها الأمم المتحدة، تشهد جدلا لتقدير "الخسائر والأضرار"، وتكاليف الخسائر التي تسببت فيها بالفعل الظواهر المناخية المتطرفة أو تداعياتها، مثل ارتفاع مستويات سطح البحر.

 

أموال طائلة .. نصف تريليون دولار حتى 2020 فقط

وعن تدى حجم الخسائر المرصودة، وحجم التعويضات المنتظر، صدر تقرير حديث عن "جمعية الخسائر والأضرار" - مجموعة تضم أكثر من 100 باحث وصانع سياسات من جميع أنحاء العالم – جاء فيه، أن 55 من أكثر الاقتصادات عرضة للتأثر بالمناخ عانت من خسائر اقتصادية ناجمة عن تغير المناخ تجاوزت نصف تريليون دولار بين عامي 2000 و 2020. ويمكن أن يرتفع هذا الرقم بمقدار نصف تريليون آخر في العقد المقبل.

ويقول مؤلفو الدراسة إن كل جزء من درجة ارتفاع درجات الحرارة الإضافية يعني المزيد من التأثيرات المناخية، مصحوباً مع خسائر بسبب تغير المناخ في البلدان النامية تقدر بما يتراوح بين 290 مليار دولار و 580 مليار دولار بحلول عام 2030.

وقدّر التقرير أن خسائر 55 دولة المعرضة للخطر، خلال العقدين السابقين تمثل نحو 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول جيعا، وتشير بعض الأبحاث إلى أن مثل هذه الخسائر قد تصل بحلول عام 2030 إلى 580 مليار دولار كل عام.

 

مصاعب وتحديات

ولكن يبدوا أن الأمر لن يمر بسهولة داخل المؤتمر، حيث سبق للدول الغربية أن تعهدت، أكثر من مرة، بتمويل مشاريع المناخ في البلدان الفقيرة، ومن أبرز المشاريع في هذا المجال صندوق المناخ الأخضر، الذي تأسس عام 2010 بهدف جمع 100 مليار دولار سنويا لمساعدة الدول النامية على الاستجابة لتغير المناخ، من دون تغطية الخسائر والأضرار، لكن حجم تمويله السنوي لم يتجاوز 80 مليار دولار، معظمها معادة التدوير من المساعدات الإنمائية العادية.

وتأتي تلك المحاولة الأخيرة لتمرير الموافقة على هذا الصندوق بعد المحاولات الفاشلة السابقة، وفي المقابل، تواصل الدول المتقدمة، بما فيها الولايات المتحدة، تجنب هذه القضية، خشية أن يفتح الاعتراف بها بوابة التقاضي والمطالبة بتعويضات مالية غير محدودة. 

ويستلزم توفير مئات تريليونات الدولارات على شكل تعويضات مناخية للدول النامية مراجعة النظم الضريبية في الدول المتقدمة، وتخفيض الدعم الحكومي للوقود الأحفوري، وفرض رسوم على تذاكر الطيران الدولية، وإلغاء ديون البلدان الضعيفة. وما يحكم ذلك فعلياً هو الإرادة السياسية الجدية التي سبق لها أن وفرت الأموال المطلوبة خلال فترة الجائحة والحرب الأوكرانية.

 

بوادر إيجابية 

وفي حين تستمر الولايات المتحدة ومعظم الدول الصناعية الأخرى بالمراهنة على تسوية لتمويل تعويضات الخسائر والأضرار، خطت دول غنية أصغر قدما في هذا المجال، إذ أصبحت الدنمارك أول دولة مستقلة تمول رسميا تعويضات الخسائر والأضرار بمقدار 13 مليون دولار في وقت سابق من هذه السنة. 

وتسير الدنمارك على خطى اسكتلندا، التي حققت تقدماً كبيرا في "كوب 26" خلال العام الماضي، إذ أقرت أنها بنت ثروتها على حساب الدول التي تعاني الآن أسوأ آثار تغير المناخ، وتعهدت بتقديم نحو 2.3 مليون دولار لتمويل تعويض الخسائر والأضرار، لتصبح أول دولة تفتح الباب رسميا على التعويضات. 

فيما تبنى البرلمان الأوروبي قرارا يدعو إلى التركيز على تمويل البلدان النامية وإعطاء الأولوية للمنح قبل القروض، من أجل "تجنب الخسائر والأضرار وتقليلها ومعالجتها"، كما وافقت مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين - وهي مجموعة مكونة من 55 دولة معرضة للخطر - مؤخراً على إطلاق مبادرة تسمى الدرع العالمي ضد الكوارث المناخية، وسيوفر هذا التمويل مدفوعات للخسائر والأضرار، جزئياً من خلال نظام التأمين.