قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

فورين بوليسي: تقارب وجهات نظر بروكسل وواشنطن تجاه بكين لا يمثل توافقا كاملا

الاتحاد الأوروبي وأمريكا
الاتحاد الأوروبي وأمريكا

رأت دورية "فورين بوليسي" الأمريكية أن تقارب موقف الاتحاد الأوروبي مع التوجه الأمريكي تجاه الصين، لا يشكل توافقا كاملا، ولا يخلو من الاختلافات، مضيفة أن الولايات المتحدة ستستمر في نهجها بغض النظر عما إذا كانت أوروبا ستتبع النهج نفسه أم لا.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن مواقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مؤخرا، بدأت تتقارب نسبيا وببطء فيما يتعلق بالصين، بعد سنوات من الاختلاف؛ إذ بدأ مزيد من القادة الأوروبيين يحذرون من الاعتماد المفرط للغرب على التكنولوجيا والاستثمارات الصينية، إلى جانب التنافس الجيوسياسي مع بكين.

ففي غرب أوروبا، تدرس هولندا خطة للانضمام إلى قيود التصدير الأمريكية على أشباه الموصلات الصينية، كما منعت ألمانيا سلسلة من الاستثمارات التكنولوجية الصينية رفيعة المستوى، فيما تدقق بلجيكا في الاستثمارات الصينية الخاصة بالبنية التحتية للموانئ. أما في الشرق، تعمل قوى الاتحاد الأوروبي الأصغر على تعزيز العلاقات مع تايوان على الرغم من رد الفعل الحاد من بكين.

ونقلت الدورية الأمريكية عن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين البارزين، والذي لم تكشف عن اسمه، قوله: "لقد أدركت أوروبا أخيرا أنها بحاجة إلى التفكير بشكل أكثر استراتيجية بشأن الاستثمارات طويلة الأجل من الصين، لكن من أجل مصلحتنا وليس فقط من خلال بذل مساعي، على مضض، تتسق مع ما تفعله واشنطن".

وأضاف: "مازال هناك فرق كبير بين نظرة الأوروبيين والولايات المتحدة إلى الصين، لكن لعبة اللحاق بالركب في أوروبا تزداد وتيرتها"، موضحة أن هذا التوجه الأوروبي يلقى ترحيبا في واشنطن.

وقال الدبلوماسي الأوروبي: "ما قد يساعد أوروبا أخيرا على التنبه إلى التهديد الصيني هو مساعدة بكين لموسكو ومنحها المزيد من الغطاء الدبلوماسي لشن الحرب.. الدول الأعضاء في أوروبا الشرقية، التي تعتبر الغزو الروسي تهديدًا وجوديا أكثر من جيرانها الغربيين، ربما تستيقظ على التهديد الصيني بسرعة أكبر من أوروبا الغربية".

وبحسب "فورين بوليسي" فإن إداراتي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والحالي جو بايدن، أصدرتا تحذيرات متكررة حول نقاط الضعف الجيوسياسية والاستخباراتية المتعلقة بتنفيذ شركات الاتصالات الصينية للبنية التحتية للجيل الخامس في أوروبا أو الاستحواذ على حصص الأغلبية في الموانئ الأوروبية الكبرى.

ونقلت الدورية الأمريكية تصريحات مارجريت فيستاجر كبيرة مفوضي الاتحاد الأوروبي لشئون المنافسة، في وقت سابق من هذا الشهر، والتي قالت فيها: "على مدى السنوات الخمس الماضية، تغيرت العلاقة مع الصين بصورة كبيرة حقًا".

ورأت "فورين بوليسي" أن التغيير البطيء في توجهات بروكسل نحو بكين، يمكن أن يقدم الكثير لتخفيف التوترات الكامنة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين في لحظة محفوفة بالمخاطر في العلاقات عبر الأطلسي، خاصة مع تحرك الجانبين لمساعدة أوكرانيا في مواجهة العملية العسكرية الروسية، وكذلك توسيع الصين لنفوذها الجيوسياسي والاقتصادي على الساحة الدولية.

ووفقا للدورية الأمريكية، فإن أوروبا قد تواجه ضغوطًا جديدة من الكونجرس الأمريكي العام المقبل لتشديد موقفها من الصين؛ في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب ودفعهم إدارة بايدن وحلفاء الولايات المتحدة لبذل المزيد لمواجهة ممارسات التجارة الحمائية للصين وسيطرتها الضخمة على سلاسل التوريد العالمية.

وأشارت إلى أن بكين لم يحالفها الحظ حتى الآن في إقناع أوروبا بأن تحذيرات واشنطن مبالغ فيها. فبحسب مسؤولين وخبراء كانت العملية الروسية في أوكرانيا بمثابة دعوة قوية للاتحاد الأوروبي للاستيقاظ من سباته بشأن عدم جهوزيته لإدارة حرب كبرى على أبوابه، نظرا لاعتماده الكبير على روسيا في احتياجاته من الطاقة.

وأضافت أنه بينما تسعى أوروبا جاهدة للاستقلال عن النفط والغاز الروسي، تُثار أسئلة جديدة حول ضعف بنية أوروبا الأساسية الحيوية وسلاسل التوريد، خاصة أشباه الموصلات والرقائق ومرافق الموانئ وشبكات الجيل الخامس، وغيرها من القطاعات الرئيسية للاقتصاد الواقعة – بشكل متزايد - في أيادٍ صينية.

وأشارت إلى أنه مع دخول الأزمة الأوكرانية شهرها العاشر وتزايد ضحاياها، دعمت الصين روسيا دبلوماسيا في الأمم المتحدة وسعت إلى توسيع العلاقات التجارية بطريقة توفر شريان حياة لاقتصاد موسكو المحاصر والمعاقَب بشدة، الأمر الذي من المحتمل أن يدفع العواصم الأوروبية للنأي بنفسها عن بكين.

وبحسب "فورين بوليسي"، فإن التقدم في المواقف الأوروبية إزاء الصين كان بطيئا ومتفاوتا للغاية في نظر بعض صانعي السياسة الأمريكيين الذين نفد صبرهم في انتظار الموافقة الكاملة للحلفاء الأوروبيين على نهجهم المتشدد تجاه الصين، لافتة إلى أن زيارة المستشار الألماني أولاف شولتز إلى بكين للقاء الرئيس الصيني شي جين بينج الشهر الماضي، مع وفد من كبار رجال الأعمال والتجارة الألمان، أثارت غضب بعض المشرعين في كل من الاتحاد الأوروبي وواشنطن، خاصة فيما يتعلق برسالته بأن أبواب أوروبا مازالت مُشرعة للصين.

وأوضحت أن دول الاتحاد الأوروبي، التي تعاني من التضخم وأزمة الطاقة الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية، قد تتطلع إلى تعزيز التجارة مع الصين لتخفيف وطأة هذه الأزمات الاقتصادية، لافتة إلى أن معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وضعت آليات لفحص الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحثًا عن نقاط ضعف محتملة تتعلق بالأمن القومي، مع التركيز على الاستثمارات الصينية في البنية التحتية الحيوية في أوروبا، مضيفة أنه بالرغم الحذر المتنامي في أوروبا إلا أنها لم تكن متشددة بالكامل.

ونقلت الدورية الأمريكية عن تشياومينج لو، مدير التكنولوجيا الجغرافية في مجموعة أوراسيا قوله: "لا أعتقد أن أوروبا لديها موقف قوي في الصراع الجيوسياسي مع الصين مثل الولايات المتحدة. فمازالت أوروبا تعتقد أن بعض العلاقات التجارية مع الصين جيدة، والوضعية الديناميكية الجيوسياسية مع الصين أقل خصومة بين الاتحاد الأوروبي والصين مقارنة بالتوتر بين الولايات المتحدة والصين".

وتوضح "فورين بوليسي" أن إدارة بايدن تحتاج إلى تنسيق رسالتها بشأن الصين عبر حكومة واحدة فقط، بينما يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى التنسيق عبر أكثر من عشرين دولة.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن نقاشات التقارب في المواقف إزاء الصين والدائرة حاليا تأتي على خلفية حملة جديدة من قبل الولايات المتحدة لإعادة توطين البنية التحتية الحيوية، مثل تصنيع أشباه الموصلات والرقائق، مرة أخرى إلى الأراضي الأمريكية أو على الأقل إلى أراضي حلفائها.

ويقول الخبراء إن الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى التحرك بشكل وثيق مع الاتحاد الأوروبي بشأن ضوابط التصدير والقيود التجارية لإعادة دعم سلاسل التوريد المهمة؛ بسبب مدى ترابط الاقتصاد العالمي إذ أن إعادة دعم إنتاج الرقائق، على سبيل المثال، سيكون أسهل كثيرا إذا تمكنت واشنطن من تنسيق خططها مع أوروبا.

ونقلت الدورية الأمريكية عن كورتني ماكافري، المحللة الجيوسياسية في شركة الاستشارات العالمية (EY) قولها: "أصبحت ضوابط التصدير العالمية رياضة جماعية.. الاقتصاد العالمي مترابط لدرجة أن الطريقة الأكثر فعالية للولايات المتحدة لتحقيق أهداف سياستها هي التنسيق متعدد الأطراف".

وأوضحت "فورين بوليسي" أن هذا التوجه أدى بالفعل إلى إتاحة فرص للاتحاد الأوروبي لتعزيز قاعدته الصناعية، من خلال استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات من شركة "إنتل" الأمريكية لصناعة الرقائق، التي وجهت إلى مصانع الرقائق الجديدة في إيطاليا وألمانيا.

وأشارت في الوقت نفسه إلى أن جهود الولايات المتحدة لإعادة سلاسل التوريد المهمة أدى إلى تأجيج الخلاف مع الاتحاد الأوروبي، لاسيما بشأن مشروع قانون أمريكي جديد ضخم يلقي بمليارات الدولارات من الإعانات والإعفاءات الضريبية في الأعمال والتقنيات الخضراء مثل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.

واختتمت "فورين بوليسي" بأن مآل الأمور الآن يعتمد على انتقال السلطة في الكونجرس، والتأثير المستمر للحرب في أوكرانيا ، والتوترات المتزايدة بشأن تايوان، لكن من المرجح أن تستمر واشنطن في تضييق الخناق على الصين بغض النظر عما إذا كانت أوروبا ستتخذ الموقف نفسه أم لا.