الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معركة من أحق بنوبل؟ نجيب محفوظ أم الحكيم

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

معركة واسعة اشتد وطيسها خلال الساعات الماضية، في أعقاب الرأي الذي أدلى به الدكتور مصطفى الفقي سكرتير الرئيس مبارك السابق للمعلومات، المدير السابق لمكتبة الإسكندرية وقال فيه عبر لقاء تلفزيوني: "توفيق الحكيم كان أحق بجائزة نوبل عن نجيب محفوظ، ولكنهم لم يمنحوها له لأنه كتب في الإسلاميات".


وبقدر ما كان الرأي موجزًا إلا أنه أثار عاصفة حقيقية، وردودًا تتزايد على مدار اللحظة بين من كان أحق بـ "نوبل"؟ نجيب محفوظ أم توفيق الحكيم، وبالخصوص بعد رأي متداول ومنشور لابنة نجيب محفوظ ترفض فيه تشويه صورة والدها.
 

ورأيي في المعركة يتلخص في عدة نقاط كالتالي: 

-أن الدكتور مصطفى الفقي أخطأ في رأيه وجانبه الصواب، وليس هناك أي معلومات مؤكدة تشير إلى أن السنة التي رشح فيه اسم نجيب محفوظ، لجائزة نوبل كان موجودًا بالقائمة، اسم توفيق الحكيم وتم استبعاده. كما إنه ليس هناك معلومات موثوقة متداولة، أن لجنة جائزة نوبل قد بحثت اسم توفيق الحكيم، في دورات سابقة واستبعدته من اختياراتها النهائية بسبب كتاباته وبالخصوص في الإسلاميات.

-إن نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، عملاقان حقيقيان من عمالقة الأدب العربي، أولها برع في الرواية، وهو بحق أميرها بلا منازع. وقدم أعمالا تتسم بالخلود، لأنها جاءت كأبرز تعبير عن خلجات وطبيعة وحياة الشعب المصري في أدق مكان، وهى الحارة المصرية التي تموج بشخصيات غزيرة، ومن مختلف الألوان والبيئات والأعراق. ولا يمكن لأحد أن ينسى روائعه بين القصرين والسكرية وقصر الشوق والحرافيش وبداية ونهاية، وغيرها من علامات الرواية المصرية.

-وعلى الجهة الثانية فتوفيق الحكيم، عملاق أدبي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وواحد من أسسوا فن المسرحية في مصر والعالم العربي منذ ثلاثينيات القرن العشرين وأعماله خالدة، ومقروءة وأثارت في وقتها وبعده، جدل شديد وضجة هائلة حركت مياه الفكر والأدب ومنها: عصفور من الشرق وأهل الكهف والأيدي الناعمة وسليمان الحكيم وبراكسا والسلطان الحائر، وبنك القلق والملك أوديب وياطالع الشجرة و"محمد" والتعادلية في الإسلام وعشرات من الأعمال والمسرحيات، التي لا تختصر عناوينها أبدا ولكن تقرأ وتدرس.
-فنجيب محفوظ قامة فريدة في الأدب المصري والعالمي، وتوفيق الحكيم، قامة مسرحية وفكرية مصرية وعربية، ترجمت عشرات من أعماله للغات الأجنبية. وتفضيل أحدهما عن الآخر مقارنة خطأ من الأساس من وجهة نظري.

- كان الأحرى بالدكتور مصطفى الفقي في الرأي الذي أثار جدلا وعاصفة هائلة، أن يقول أن الرجلين وهما في ذمة الله وعملاقان حقيقيان في الأدب العربي – أنهما الاثنين كان جديران بجائزة نوبل، باعتبارها أرفع جائزة أدبية عالمية. 

لكن تفضيل توفيق الحكيم عن نجيب محفوظ، أتاح مساحة للتدخل وبالخصو ص من محبي نجيب محفوظ وهم كثيرون، للتقليل من شأن توفيق الحكيم، للرد على الفقي، حتى كتب بعضهم وماذا قدم  توفيق الحكيم في الإسلاميات حتى يتم استبعاده بسببها؟! وهو طبعا انتقاص من قامة مفكر ومسرحي كبير قل أن تنجبه مصر مرة ثانية.

فجيل المثقفين العظام وأخشى أن أنسى أحد منهم أمثال العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ  وأحمد أمين، ويحيى حقي، وأسماء ذائعة الصيت قل أن تتواجد في مصر مرة ثانية بهذا الزخم، وبمثل هذه الأعمال.

كان حريًا بالدكتور مصطفى الفقي، وهو مثقف من طراز رفيع أن يتوقف بجزئية أخرى في حديثه مع الإعلامي شريف عامر، في برنامج يحدث في مصر، وهو هل يستحق أحد من جيل الأدباء الحالي –وبعضهم تخطى الستين والسبعين من العمر- الحصول على جائزة نوبل؟ ولماذا أصبح أغلب الأدب المصري طوال العقدين الماضيين أدبا "غرائبيًا" و"عبيطا" إن صح الوصف يكتب عن بيئات وعوالم مجهولة؟

-أين هو المثقف أو الأديب الذي استطاع طوال العقدين الماضيين أن يجذب الأنظار لانطلاقته الفكرية والأدبية بأدب كاشف وصادق، يكشف عورات المجتمع وينطق بنبضاته وفكره ويستحق أن يكون أدبًا عالميا.

-نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، أكبر كثيرا كثيرا من معركة المقارنة بينهما، ويكفينا فخرا أن مصر أنجبت الرجلين، وأن تراثهما الروائي والأدبي والمسرحي لا يزال موجودا بيننا ونقرأه.