الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ضحايا تركيا وسوريا تؤلم ولكن ليست الفاجعة الأسوأ .. التاريخ الأسود لزلازل الصدع "السوري- الإفريقي"

زلزال تركيا
زلزال تركيا

"الهزة الأرضية اليوم هي أكبر هزة من نوعها تشهدها البلاد منذ 1999، والزلزال ينذر بخطر تسونامي في المحافظات الساحلية وأن المرصد أخطر 14 دولة بذلك، حيث بلغت قوته 7.8 درجة" .. هكذا أعلن هالوك أوزينر، رئيس مرصد قنديلي التركي لرصد الزلازل في جامعة بوجازجي بإسطنبول، اليوم الاثنين، ليكشف عن مدى قوة تدمير الزلزال الذي هز جنوب تركيا وشمال سوريا، وشعر به بلدان الشام ومصر بالساعات الأولى لصباح اليوم.

 

ويبدوا أن التاريخ قد حذر من عواقب الزلازل في تلك المنطقة، حيث شهدت العديد من الزلازل المدمرة كونها منطقة نشطة في خريطة حزام الزلال حول العالم، وهنا نرصد الحصاد المر للهزات الأرضية بمنطقة الشام، وآثاره، ومقارنته بالزلازل المدمرة حول العالم، مع توضيح الجوانب العلمية لهذه الظاهرة الطبيعية.

 

 

قائمة ضحايا اليوم 

 

 

اليوم ضرب زلزال قوي منطقة شاسعة في جنوب شرق تركيا، بالقرب من الحدود السورية، وأسفر عن مقتل الآلاف ومحاصرة كثيرين آخرين، حيث قالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجات، وقع في الساعة 04:17 بالتوقيت المحلي على عمق 17.9 كيلومترا بالقرب من مدينة غازي عنتاب، وقال نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي، إن عدد القتلى في تركيا ارتفع الآن إلى 284 شخصا، فيما ذكرت وسائل إعلام رسمية أن أكثر من 230 شخصا قتلوا في سوريا.

 

وقالت وزارة الصحة السورية إن القتلى والجرحى توزعوا بين محافظات حلب واللاذقية وحماة وطرطوس، وهناك مخاوف من ارتفاع عدد الوفيات بشكل كبير في الساعات المقبلة، حيث انهار العديد من المباني، ونشرت فرق الإنقاذ للبحث عن ناجين تحت أكوام ضخمة من الأنقاض، فيما قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إن 10 مدن تضررت، وهي غازي عنتاب، وكهرمان ماراس، وهاتاي، وعثمانية، وأديامان، ومالاتيا، وشانليورفا، وأضنة، وديار بكر، وكيليس. 

 

 

ماذا حدث في  1999

 

ووفقا لما أعلنه الخبراء، فإن زلزال اليوم هو أكبر هزة من نوعها تشهدها البلاد منذ 1999، حيث تقع تركيا في واحدة من أكثر مناطق الزلازل نشاطا في العالم، فماذا حدث في هذا التاريخ ... بالفعل كان في عام 1999 زلزالا قويا ضرب تركيا، حيث لقي أكثر من 17 ألف شخص مصرعهم بعد زلزال قوي ضرب شمال غرب البلاد.

 

ولكن زلزال اليوم كان في جنوب تركيا، وتأثرت به عدة بلدان أخرى، بالطبع سوريا على رأسهم، ولكن ارتدادات الزلزال وصلت إلى دول أخرى في المنطقة، وشعر بها السكان في سوريا ولبنان والعراق ومصر، وحاليا يجري المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل تقييم احتمال حدوث موجات مد عاتية (تسونامي).

 

 

منطقة مهددة بزلازل مدمرة بسبب الصدع "السوري- الإفريقي"

 

 

التاريخ الإحصائي للزلازل في تلك المنطقة يشير إلى أن متوسط الفترة الزمنية بين زلزالين مدمرين (مع إصابات قاتلة) نحو مائة سنة، بمعنى أن "الهدوء" الزلزالي قد يستمر أشهرًا قليلة أو سنة بعد الزلزال المدمر، وقد يستمر بعده أكثر من مائتي سنة، ومن الناحية الجيولوجية، تقع منطقة الشام وجنوب تركيا على ملتقى صفيحتين من صفائح القشرة الأرضية، وتحديدًا في منطقة الكسر الجيولوجي المعروفة بالصدع السوري- الإفريقي، والذي يعد طبقة صخرية حدثت فيها إزاحات أو كسور، وبخاصة في منطقة البحر الميت. 

 

لذا فتلك المنطقة عرضة، وباحتمالية مرتفعة، لهزة أرضية مدمرة، وبما أن هذا الصدع نشط زلزاليًا، فإن هزات أرضية قوية حدثت وقد تحدث على امتداد نحو ألف كيلومتر من الصدع، حيث يمتد الصدع السوري- الإفريقي من خليج أم الرشراش (البحر الأحمر) مرورًا بالأغوار وبحيرة طبريا ووصولًا إلى جنوب تركيا، وفي الماضي، ضربت تلك المنطقة هزات أرضية قوية، منها الهزة الكبيرة التي حدثت عام 749م وتسببت بدمار هائل، وفي القرن السادس عشر قُتل الآلاف في زلزال آخر مدمر.

 

 

زلازل بلاد الشام المدمِرة عبر التاريخ .. ضحايا بالملايين 

 

كانت بلاد الشام تزخر بالمراكز العمرانية الكبيرة التي توالت عليها حضارات وشعوب مختلفة، وهي تعرضت لكثير من الزلازل على مرّ العصور، فتدمرت بعض مدنها وهلك من أهلها كثيرون، وقد فتكت بالمنطقة موجة من الزلازل المتتالية بين القرن الثامن والقرن الثاني عشر، أثرت في ديموغرافيتها وعمرانها، إذ دمرت معالم كثيرة واختفى بعضها تماماً أو أصبح أكواماً من الحجارة، مع هلاك  أعداد كبيرة من الناس، 

 

تاريخياً حدث في بلاد الشام زلازل مدمِّرة كثيرة وأقدم التسجيلات لهذه الزلازل كان عام 1365 ق.م، ولكن كان أقواها هي الزلازل العنيفة والكارثية في الأعوام التالية:

 

  • زلزال الأردن عام 363 م .. امتدت آثاره من منطقة الجليل شمالا حتى خليج العقبة جنوبا، وتسبب بدمار معظم البتراء أضافة لدمار لأضرار كبيرة للعديد من المدن مثل جرش وجدارا "أم قيس" شمال الاردن والعديد من المدن الفلسطينية .
  • زلزال بيروت عام 551 م .. وقع قرب مدينة بيروت في لبنان، وقدّرت قوته بـ 7.5 درجة على مقياس ريختر، وأسفر عن مقتل أكثر من 30.000 شخص في بيروت لوحدها، وامتدت الاضرار من طربلس شمال لبنان وحتى وادي الأردن والبتراء جنوب الأردن، إضافة إلى تشكُل امواج المدّ البحري تسونامي .
  • زلزال غور الاردن 749 م .. يُعتبر هذا الزلزال حدثاً مُظلماً في تاريخ المنطقة، حيثُ ضربت هزة أرضية كارثية منطقة غور الاردن مُدمرةً كامل مُدن طبريا وبيسان واريحا وبيلّا "طبقة فحل" وجرش وفيلادلفيا "عمّان"، بينما العديد من المناطق الاخرى في بلاد الشام التي اختفت من شدّة الدمار ليتركها مُعظم من تبقى من أهلها و تتحوّل إلى آثار، وكان مركز الرلزال منطقة أريحا وقوته 7.3 درجة على مقياس ريختر وأسفر عن مقتل عشرات الالآف.
  • زلزال غور الأردن 1033 م .. كان مركزه غور الأردن واستمرت توابعه أربعين يوما شعر بها الناس من جنوب تركيا إلى شمال مصر، أدت إلى دمار مدينة طبريا واريحا بالكامل وتهدم أجراء كبيرة من المسجد الأقصى وأسوار القدس.
  • زلزال العقبة عام 1068 م .. مركزه خليج العقبة قوته 7.0 درجة على مقياس ريختر، دمر مدينة ايلة في العقبة وانخسفت ولم يبق منها سوى آثار قليلة، ولقد بلغ عدد الضحايا الذين سقطوا 20,000 شخص، وامتدت آثاره المدمرة إلى فلسطين حيث قتل في رام الله 15,00 وتسبب بانزياح سقف قبة الصخرة، وغربا تسبب في أضرار في القاهرة حيث سقطت أجزاء من جامع عمرو بن العاص، وجنوبا تسبب بدمار في الجزيرة العربية.
  • زلزال حلب 1138 م .. وقع بالقرب من مدينة حلب شمال سوريا وقد صنفت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية زلزال حلب 1138 كرابع أخطر زلزال في التاريخ. ولقد بلغ عدد الضحايا الذين سقطوا 230,000 قتيل وقدرت شدة الزلزال 8.5 على مقياس ريختر.
  • زلزال شمال الأردن 1170 م .. زلزال عظيم متتابع عم بلاد الشام وكان مركزه شمال الأردن، ترافق الزلازل بهزات متلاحقة كان بعضها متواصلاً ليلاً ونهاراً واستمر نحو أربعة أشهر، مما أتى على دمار كبير في معظم المدن الاردنية. وقُدرت بعض المصادر قوته بنحو 7 درجات على مقياس ريختر، وامتد تأثير الزلزال من شمال الجزيرة العربية جنويا إلي الموصل في العراق وحلب في سوريا وطرابلس في لبنان شمالا، ومما ذكر أنه أدى إلى مقتل حوالي 25.000 شخص في حماه وحوالي 80.000 في حلب، دمار طرابلس.
  • زلزال سوريا 1202 م .. وقع في جنوب غرب سوريا وقُدرت بعض المصادر قوته بنحو 9 درجات على مقياس ريختر، ويعتبر الزلزال الأقوى على الاطلاق في المنطقة حيث شعر به الناس من إيران شرقاً وحتى الأندلس غرباً، وقارب عدد الضحايا قارب المليون ومائة ألف شخص، وقد نتج عن الزلزال أمواج مد بحري "تسونامي" ضربت أجزاء واسعة من السواحل القبرصية وسواحل بلاد الشام.
  • زلزال فلسطين 1546 م .. قُدرت قوته بنحو 6 درجات على مقياس ريختر، ووصل عدد الضحايا إلى المئات، وقد نتج عن الزلزال توقف جريان نهر الاردن لمدة يومين، وأمواج مد بحري "تسونامي" ضربت أجزاء واسعة من سواحل بلاد الشام.
  • زلزالي بلعبك وبيسان 1759 م .. عدة هزات شملت جزء كبير من بلاد الشام (سوريا ولبنان والأدن وفلسطين) واعتبر ثاني أكبر زلزال بالمنطقة بعد زلزال 1202، وقع الزلزال الأول في وادي البقاع اللبناني بلغت قوتها 7 درجات بمقياس ريختر، وأسفر عن مصرع نحو 40 ألف شخص في المنطقة المحيطة بـ" بيروت" لوحدها، والثاني كان مركزه شمال فلسطين وتركزت أبرز أضراره في منطقة بيسان، وتلته أمواج مد “تسونامي” من بحيرة طبريا، مما أدى إلى تدمير نحو 20 قرية فلسطينية حول البحيرة ومقتل حوالي 40.000 شخص آخرين.
  • زلزال صفد 1837 م .. ضرب منطقة الجليل وغور الأردن، وكان مركزه شرق مدينة صفد وقدرت شدته بين 6.5، 7.3 على مقياس ريختر، وقد دمر هذا الزلزال مدينة صفد بالكامل والعديد من القري العربية المحيطة وأدى إلى مقتل 5-7 آلاف شخص 700 منهم في مدينة طبريا.
  • زلزال نابلس 1927 م .. ضرب منطقة نابلس، وأثر بشكل كبير على مناطق فلسطين والأردن، حيث بلغت شدة الزلزال 6.2 درجة على مقياس ريختر وتم تحديد مركزه لاحقا قرب جسر دامية في غور الأردن على بعد 25 كيلو مترا شرق نابلس، وأودى بحياة 300 شخص، وحدث دمار كبير لمدن مختلفة، مثل: الرملة، نابلس، القدس، وطبريا.

 

أكثر 5 زلازل فتكا فى تاريخ البشرية

 

وخلال السطور التالية نوضح عدد قائمة أكثر 5 زلازل فتكا فى تاريخ البشرية، تأثرها فى المدن التى وقعت فيها وعدد ضحاياها، وهى:

  • زلزال "شينسى" بالصين عام 1556 .. يعد الأكبر من حيث الخسائر البشرية عبر التاريخ؛ إذ تشير التوقعات إلى أن قوته بلغت 8 درجات على مقياس ريختر، وأنه أدى إلى مقتل أكثر من 830 ألف شخص، كما خلف الزلزال دمارا هائلا على مساحة قدرها 840 كيلومتر مربع، فى المنطقة الواقعة شمال غربى الصين، وقتل نحو 60 بالمائة من سكانها حسب التقديرات.
  • زلزال "تانجشان" بالصين عام 1976 .. يعد ثانى أكبر الزلازل من حيث الخسائر البشرية عبر التاريخ والأول خلال القرن العشرين، حيث وقع فى منطقة تانغشان (غرب)، ووصلت قوته إلى 7.8 درجة، وأدى إلى مقتل 255 ألف شخص، بينما أهالى المنطقة إن عدد الضحايا أكبر من هذا الرقم بكثير، وأُصيب جراء الزلزال نحو 800 ألف شخص، واستمر لمدة 10 ثوانى دمر خلالها 180 ألف بناء.
  • زلزال جزيرة "سومطرة" الإندونيسية عام 2004.. وبلغت قوته 9.1 درجات على مقياس ريختر، ووقع بعده مد أمواج "تسونامي" ضرب 14 دولة آسيوية وإفريقية مطلة على المحيط الهندى، وبلغت حصيلة الزلزال والتسونامى حينها أكثر من 227 ألف ضحية، 50 ألف منهم فى إندونيسيا وحدها، إلى جانب تدميره لمليون و700 ألف منزل.
  • زلزال "حلب" شمالى سوريا عام 1138 .. يصنف كرابع أخطر زلزال فى التاريخ، وهو من بين أكثر الزلازل دموية فى تاريخ المنطقة، وقع فى فى 11 أكتوبر عام 1138 ميلادية، لا تتوفر معلومات حول مدى قوته، ومع ذلك، ولقد بلغ عدد الضحايا الذين سقطوا بسببه 230,000 قتيلاً.وقُدّرت شدة الزلزال بـ 8.5 درجة على مقياس ريختر، كما لا تتوفر معلومات حول مساحة المنطقة التى دمّرها أو عدد المصابين.
  • زلزال "هايتي" عام 2010 .. بلغت قوته 7 درجات، وأدى إلى مقتل أكثر من 222 ألف شخص، وإصابة نحو 300 ألف آخرين، كما دمّر حوالى 100 ألف منزل، ما تسبب فى بقاء 1.3 مليون شخص بلا مأوى.

درجة الزلازل 

 

 

وتحدد درجة الزلزال بمؤشر، وتقاس من 1 إلى 10، حيث: 

  • من 1 إلى 4 - زلازل قد لا تحدث أية أضرار أي يمكن الإحساس به فقط.
  • من 4 إلى 6 - زلازل متوسطة الأضرار قد تحدث ضررًا للمنازل والإقامات.
  • من 7 إلى 10 - الدرجة القصوى، أي يستطيع الزلزال تدمير المدينة بأكملها وحفرها تحت الأرض حتى تختفي مع أضرار لدى المدن المجاورة لها.