كشف ممثل عن جهاز المخابرات العسكرية الأوكراني (HUR) أن هناك مفاوضات تجري حاليًا بين روسيا وأوكرانيا، والمفاجأة أن تلك المفاوضات تجرى دون علم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفق ما صرح المسئول الأوكراني، ولكنه لم يدل بأي تفاصيل حول وضع الجلسة، وإن كان قد أشار إلى أن المفاوضين يأتون من الدائرة المقربة من بوتين.
ووفق ما نشرته صحيفة فوكس الألمانية، فمن المرجح أن تُعقد المفاوضات مرة أخرى بين أوكرانيا وروسيا، وعلى الرغم من اعتياد بوتين من إرسال مفاوضين إلى طاولة المفاوضات لإجراء محادثات خارج الدائرة الرسمية، إلا أنه في تلك المرة تجرى تلك المفاوضات دون علم رئيس الكرملين بوتين بذلك، ويبدو أن الحلفاء الأقوياء في الدائرة المقربة من بوتين يتحدثون إلى وكالة الاستخبارات الأوكرانية دون تفويضه.
في الحرب جميع الوسائل متاحة
وفق ما تم الكشف عنه من قبل ممثل جهاز المخابرات العسكرية الأوكراني، أندريه تشيرنياك، في مقابلة مع منفذ الإعلام اليوناني إيفيميريدا، فهناك محادثات تجريها المخابرات الأوكرانية بالفعل مع أشخاص من الدائرة المقربة من بوتين يعارضون غزوه لأوكرانيا، ويقول المسئول الأوكراني: "في الحرب، نستخدم جميع الوسائل التي يسمح بها القانون، ولقد وجدنا آليات للتعاون مع الأشخاص المقربين جدًا من بوتين".
وذكر تشيرنياك، أن هؤلاء الأشخاص يعرفون باسم أنصار روسيا العظمى، وإنهم ليسوا أصدقاء لأوكرانيا ولا يكرهون الحرب بشكل عام، ومع ذلك، هناك نقاط اتصال، وأوضح المسؤول في الوزارة: "باختصار ، يتعلق الأمر بهذه الحرب بالذات".
الجيش الروسي والإحباط الكبير
ومع ذلك، فهو لا يشرح مدى واقعية محادثات التفاوض، لكنه يجعل من المعروف أن هناك العديد من المعارضين لحرب أوكرانيا في أقرب دائرة لبوتين، حيث قال إنه بعد غزو أوكرانيا، بدأ بعض الناس يخسرون المال والنفوذ بسرعة، أضاف تشيرنياك "إنهم لا يحبون ذلك".
ويأتي الكشف عن تلك المفاوضاتـ بالتزامن مع خروج تقارير متكررة عن استياء الكرملين من استراتيجية بوتين الحربية، وقد نشرت صحيفة واشنطن بوست مؤخراً عن "الإحباط الكبير" الذي يقال إنه يسود دائرة بوتين، ومع ذلك ، فمن غير المؤكد ما إذا كانت قوة بوتين في الكرملين تنهار ببطء، حيث لم تكن وكالة رويترز للأنباء قد علمت من دوائر الحكومة والاستخبارات الغربية إلا في الخريف الماضي أن بوتين لا يزال راسخًا في المنصب.
محاولة تخطي عناد بوتين
ويبدوا أن هؤلاء المقربين من بوتن يسعون لتخطى عناده، فوفقا لما نشرته الصحيفة الألمانية، فإن بوتين أصبح أكثر عنادًا، وكان آخر محادثة عن مفاوضات هو الرحلة التي قام بها ويليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إلى اسطنبول في نوفمبر، حيث التقى بزميله الروسي، رئيس جهاز المخابرات سيرجي ناريشكين والمفاوضين الروس، وبحسب ما ورد قالوا جميعًا في انسجام تام مع بيرنز: "بوتين سيحقق النصر"، بل وقيل للمفاوض الأمريكي أن ينسى المفاوضات، وهنا أدركت الولايات المتحدة أن بوتين لن يقبل بالمفاوضات.
الخوف من تداعيات الخسارة
وعن أسباب تلك التحركات يقول رئيس دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية السابق: "الجشع والخوف من الموت يبقيان نظام بوتين على قيد الحياة، وكلما طال أمد الحرب في أوكرانيا، أصبح مستقبل فلاديمير بوتين على رأس روسيا أكثر غموضًا، وهذا ما يدفع هؤلاء المقربين من بوتين بالبحث عن سيناريوهات أخرى".
وعندما سُئل عن مرشح محتمل لخليفة بوتين، كان عميل دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية السابق غيرهارد كونراد متشائمًا وقال إنه قد قيل في كثير من الأحيان أن رئيس شركة فاجنر بريجوشين قد يسعى للحصول على خليفة، كما تم ذكر اسم وزير الأمن نيكولاي باتروشيف في كثير من الأحيان.
وتابع كونراد: "لا يستطيع أي شخص الآن أن يُظهر طموحاته في وراثة بوتين، وسيكون ذلك بمثابة ميول انتحارية، فروسيا بوتين هي نظام قوة يقوم على مبدأ "فرق تسد"، والجشع والخوف من الموت يحافظان على استمرار نظام بوتين".
استمرار بوتين يعني صراع لمدة 10 سنوات
ويتوقع رئيس اتحاد الجيش الألماني فوستنر صراعًا لمدة عشر سنوات مع روسيا، حيث يقول أندريه فوستنر، إن الصراع مع روسيا بالنسبة لحلف الناتو وألمانيا قد يستمر لعقد من الزمان، قال فوستنر: "سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن الحرب ستنتهي هذا العام، وذلك في ظل تواجد بوتبن، فهو لن يتراجع عن أهدافه الحربية في الوقت الحاضر، وسوف يستمر في محاولة زعزعة استقرار أوروبا .
ووفقا لحديث المسئول الألمانى، فإن بوتين يقوم بإعداد السكان الروس لصراع منهجي طويل الأمد مع الغرب، وإننا نشهد عقدًا من الحرب في أوروبا، ويجب أن يتحالف الناتو وألمانيا بشكل استراتيجي لعقد من التهديد، لذلك يدفع فوستنر من أجل تجهيز الجيش الألماني وترقيته بسرعة أكبر: "يجب أن نستمر في دعم أوكرانيا وفي نفس الوقت تجهيز الجيش الألماني نفسه بسرعة أكبر. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها ضمان الردع الموثوق به مع حلف الناتو. الردع يمنع الحرب. أي شخص لا يردع ، يدعو ".
هل التجاوب مع مبادرة الصين ضوء أخضر؟
ولكن من الممكن أن تكون تلك المحادثات الغير رسمية، تمهد غير مباشر للمبادرة الصينية المطروحة منذ أيام لوقف الحرب، فمنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية وكان الجميع يقول إن الدولة الأكثر دورا للعب دور الوسيط بين الطرفين، هي الصين، وذلك لما تتمتع به من علاقات ذات تأثير على روسيا، بل والقدرة على الضغط عليها بما تمتلكه من علاقات تجارية اعتبرها المراقبون بأنها رئة روسيا للحياة في ظل الحصار الغربي لها.
وأجمع كافة الخبراء أن إعلان بكين عن مبادرتها لا يمكن أن يكون تم إلا بضوء أخضر من بوتين، وهو ما ظهر بالفعل من ترحيب جميع الأطراف بها بما في ذلك الطرف الروسي، والذي أعلن أن إطلاق المبادرة جاء بعد مشاورات بين البلدين على أعلى مستوى، وهو ما انعكس في تفاصيل المبادرة.