الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المبتكر محمود جلال يوضح متطلبات العصر الحديث للبحث العلمي المصري

الدكتور محمود جلال
الدكتور محمود جلال

قال الباحث والمبتكر المصري الدكتور محمود جلال إن علوم والتكنولوجيا والابتكار من مجالات العمل الرئيسية لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر (SDGs)، والتي وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتحرك أجندة التنمية العالمية الأكثر طموحًا.

وأضاف جلال لـ “صدى البلد”، أن استراتيجية مصر للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) تستهدف اتخاذ المعرفة والابتكار والبحث العلمي كركائز أساسية للتنمية، وأن يصبح المجتمع المصري بحلول عام 2030 مجتمعا معرفيا مبدعا ومبتكرا، منتجا للعلوم والتكنولوجيا والمعارف الداعمة لقوة الدولة ونموها وريادتها ورفاهية الإنسان.


وأكد أنه من أجل تحقيق هذه الأهداف تحتاج مؤسسات البحث العلمي في مصر إلى إعادة هيكلة وتطوير شامل بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث الذي نعيش فيه حاليا، ولتحقيق ذلك من خلال اختيار الكفاءات العلمية المصرية التي حققت نجاحات عالمية في إدارة مؤسسات علمية شبيه في البلاد المتقدمة مثل الولايات المتحدة وكندا، ووضعها على رأس هذه المؤسسات وإمدادها بجميع الإمكانيات المطلوبة، وكذلك مراجعة تجارب الدول النامية التي استطاعت تحقيق قفزات في هذه المجالات خلال العقود القليلة الماضية مثل الصين والهند وتطبيق ما يناسبنا منها، ما يساعد على ضمان تحقيق النتائج المرجوة، وكذلك تحقيق الترابط والتنسيق الكامل فيما بينها لتحقيق التكامل وعدم التعارض وتكرار الإنفاق والمجهودات.

وأشار إلى أن هناك مجهودات لتحقيق أهداف محور الابتكار والمعرفة والبحث العلمي في رؤية مصر 2030، مثل زيادة نسبة مساهمة اقتصاد المعرفة في الناتج القومي الإجمالي، ورفع الوعي بقيمة الملكية الفكرية من براءات اختراع وعلامات تجارية وغيره، بحيث تسعى الشركات إلى إنتاج الملكية الفكرية وحمايتها وتسويقها بحيث تزداد مساهمتها تدريجيًا في الاقتصاد القومي حتى تصل إلى نسبة تتجاوز 40% أسوة بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى جانب زيادة نسبة الناتج القومي المخصصة لتمويل أنشطة البحث العلمي، ومضاعفة التمويل الحكومي والخاص للبحث العلمي بحيث يصل إلى 2.5% من الناتج القومي الإجمالي أسوة بالدول التي استطاعت تحقيق قفزات مثل الصين.

وتابع: “كما يجب على شركاتنا الوطنية معاونة الحكومة في اللحاق بالركب العالمي ونهضة ورفعة الوطن من خلال مساهمتها بنسبة تصل إلى 75% من إجمالي الإنفاق على البحوث والتطوير أسوة بالدول المتقدمة، بالإضافة إلى رفع مستوى مصر دوليًا في مجال الإبتكار، وتحفيز ودعم الابتكار والإبداع في جميع المجالات وبين جميع أطياف المجتمع من أفراد وشركات وهيئات بحثية، عن طريق رفع كفاءة استخدام الحكومة للتكنولوجيا الحديثة، وتطوير المنظومة الحكومية الإلكترونية على مستوى البنية التحتية والقائمين عليها والتوسع فيها ورفع الوعي المجتمعي بكيفية استخدامها والاستفادة منها”.

واستطرد: "نحتاج زيادة عدد براءات الاختراع المسجلة محليًا ودوليًا من خلال تشجيع ودعم وتمويل تسجيل براءات الاخترع على مستوى الأفراد والباحثين وتسويقها على المستوى الدولي والمحلي لتحقيق عائد حقيقي على مستوى الأفراد والمجتمع، بالإضافة إلى خلق ثقافة العلوم والابتكار في مجتمع الصناعة والأعمال هن طريق قيام الوزارات المختصة بإعداد برنامج توعوي لرجال الصناعة في مصر متضمنا أهمية ربط الصناعة بالبحث العلمي وأثر ذلك في تطورها، من خلال تقليل الفاقد وتكلفة الإنتاج، وزيادة العائدات، وإضافة أنشطة جديدة، وتقديم حلول صديقة للبيئة، وتعظيم نسبة المكون المحلي وتقليل الإعتماد على الخارج، والعرض عليهم بمقترحات متنوعة لتطوير الصناعات المختلفة في مصر بالتعاون مع الخبرات المختلفة بالجهات البحثية والجامعية، والأمر الذي سيعمل على تعزيز التنمية الاقتصادية في الدولة، وتعميق التصنيع المحلي وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية ومعاونة الدولة في تقليل فاتورة الاستيراد".

وفيما يخص رفع قدرة مصر على الحفاظ على المواهب والقدرات المبدعة وتحسين مناخ العلوم والابتكار لجذبهم، فقد شدد على ضرورة تشجيع الالتحاق بالكليات العلمية، وتحسين مناخ العلوم والابتكار للاحتفاظ بالمواهب البحثية بدلا من لجوئها للخارج، وجذب من بالخارج للعودة إلى الوطن، الأمر الذي سيساهم في زيادة قدرة التنافسية الوطنية.

وأوضح أنه لتحديد الفرص القومية ومنها المجالات التي تحقق ميزة تنافسية عالمية والتقنيات المرتبطة بها، يجب تحديد مجالات دعم الابتكار والبحث العلمي ذات الأولوية، خاصة الأنشطة والمجالات التكنولوجية الوطنية التي لديها القدرة على الوصول إلى ميزة تنافسية عالميًا، بالإضافة إلى ربط استراتيجيات المراكز البحثية والجامعات بالاستراتيجية القومية، وتوجيه استراتيجيات المراكز البحثية والجامعات للعمل على إحداث طفرة في الأسواق أو حتى إنشاء أسواق جديدة، ودفع النمو الاقتصادي، والتغلب على التحديات المجتمعية طويلة الأمد، مثل الصحة والطاقة والبيئة، أو معالجة الأزمات قصيرة المدى، ووضع قيود على تخصيص الدعم بحيث تحقق عائدًا اجتماعيًا كبيرًا من هذا الدعم وليس مجرد أبحاث تظل حبيسة الأدراج.

وأشار إلى أنه من المعوقات نقص التمويل، والعنصر البشري الماهر، والوعي المجتمع للتحقيق الأهداف المرجوة، ما يجعلنا نتساءل: “ما الذي نحتاج إضافته إلى إستراتيجية البحث العلمي على المستوى القومي، لتأتي على إصدار التشريعات التي تعمل على مساواة المخترع الحر بالباحث العامل في المؤسسات البحثية التابعة للدولة طالما كانت المخرجات المنتجة منه تحقق عائدا اقتصاديًا وتحل مشاكل مجتمعة ملحة، بالإضافة إلى دعم وتشجيع الباحثين على تسجيل براءات الاختراع لحماية حقوق الملكية الفكرية لمخرجاتهم العلمية عوضا عما هو قائم حاليا بتسارعهم لنشر مخرجاتهم العلمية في الدوريات العلمية الدولية سعيا للترقي في الدرجات العلمية المختلفة، وعزوفهم عن تسجيل براءات الاختراع لأنها لن تمثل لهم إلا عبئا ماديا بدون عائد ملموس، وتكون النتيجة تصدير أفكارهم مجانا لدول العالم الأخرى بدون أي حماية لحقوق الملكية الفكرية”.

ولفت إلى أنه يتم خصم قيمة تبرعات تمويل البحث العلمي من الأعباء الضريبية على الشركات ورجال الأعمال، الأمر الذي سوف يشجع الشركات ورجال الأعمال على انتهاج سياسات تمويل ودعم البحث العلمي، ما يعمل على رفع جزء من العبء على الدولة في تمويل البحث العلمي وتسريع التطور العلمي والتكنولوجي بها.

وقال: "ويمكن القول إن مدى أهمية تفعيل قانون حوافز الابتكار كقاطرة للاقتصاد القومي، وأهمية قانون حوافز العلوم والتكنولوجيا والابتكار، تكمن في أنه يسمح لهيئات التعليم العالي والبحث العلمي بإنشاء أودية للعلوم والتكنولوجيا كمناطق تنشأ فيها الحاضنات التكنولوجية والشركات الناشئة، الامر الذي يعمل على تعزيز نقل المعرفة من الأوساط الأكاديمية إلى الصناعة والوصول بها إلى منتجات محلية الصنع، وتسويقها، وتسهيل إنشاء وتطوير شركات جديدة قائمة على التكنولوجيا، وتحفيز التنمية الاقتصادية وتعزيز النمو في عدد الوظائف والإنتاج، كما يسمح القانون لهذه الهيئات بتأسيس شركات في مجال تخصصها البحثي بهدف استغلال مخرجات البحث العلمي التي تهدف إلى ابتكار أو تطوير تطبيقات جديدة من المعارف أو الخدمات، مع إعطائها إعفاءات على الرسوم الجمركية والضرائب".

بينما قال الدكتور محمود يحيى، الحاصل على ذهبية معرض جنيف الدولي، إنه فيما يخص الحصول على براءة اختراع وحقوق الملكية الفكرية، يمكن القول إنه بالفعل هناك معاونة في الحصول على حقوق الملكية الفكرية من براءات اختراع وتسجيل علامات تجارية وحق المؤلف وخلافه في مصر، ولكن بالنسبة لبراءة الاختراع يعيبها المدة الطويلة من تقديم طلب البراءة وحتي المنح التي تبلغ مدتها من 3 سنوات وحتى مدد أطول من ذلك بكثير، ما يجعل البعض يعزف عن تسجيل براءات الاختراع، وكذلك التكلفة الضخمة لتسجيل براءة اختراع بدولة واحدة خارجيا، حيث تصل التكلفة إلى 10 آلاف دولار، وهي تكلفة خرافية لا يقدر على تحملها المخترع حتى يتمكن من السير في إجراءات تسويق اختراعه بالخارج لتحقيق عائد للدولة من العملة الأجنبية، والتي تستلزم من الدولة تقديم الدعم المادي المباشر لسداد رسوم تسجيل وتجديد البراءات بالخارج.

وأضاف يحيى لـ “صدى البلد”: "المعضلة الأكبر عدم الاعتراف بالملكية الفكرية في مصر كرأس مال ابتكاري للشركات المالكة لها، وبدلاً من ذلك، يتم التركيز فقط على الأصول الرأسمالية العادية من أراضٍ ومبانٍ وآلات وخلافه كقيمة للشركة، حيث يتطلب إنتاج الملكية الفكرية الإنفاق العالي على التكنولوجيا والأبحاث والتطوير والتسجيل والإجراءات القانونية، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف تشغيل الشركة، وفي المقابل لا يوجد عائد، حيث لا يتم الاعتراف إلا بالأصول الثابتة للشركة كقيمة سوقية على عكس ما هو بالدول المتقدمة التي تصل قيمة الملكية الفكرية بها إلى 75% من قيمة الشركات مثل الولايات المتحدة والدنمارك".

 


-