الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثورة نجوم الزمن الجميل ضد الذكاء الاصطناعي.. كيف أزعج التقدم التكنولوجي الموسيقيين

لا تزال أزمة استخدام الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي في الإساءة إلى نجوم الزمن الجميل وتشويه تاريخ وتراث مصر الفني والغنائي، خاصة بعد طرح أغنية لكوكب الشرق أم كلثوم عبر التقنية الجديدة قدمها "المطرب والملحن عمرو مصطفى" مستمرة، وفتحت باب النقاش حول خطورة فبركة الأصوات والتعدي على حقوق الملكية الفكرية للمبدعين والحرية الشخصية للجميع، خاصة نجوم مصر الكبار.

خطورة الذكاء الاصطناعي

بدأت القصة عندما لحن الفنان عمرو مصطفى أغنية جديدة للراحلة أم كلثوم، ووضع صوتها وصورتها عليها عبر تقنية الذكاء الاصطناعي من دون الرجوع إلى ورثتها أو أي جهة مسئولة أو مالكة لحقوقها الفنية. 

ونشر مصطفى المقطع الصوتي، الذي استخدم فيه بصمة صوت كوكب الشرق على كلمات جديدة غير منسوبة إلى أي شخص.

وبعد طرح الأغنية، وصفها البعض بأنها "رديئة"، من حيث الجودة والصوت والأداء، واتهموا مصطفى بالإساءة إلى أم كلثوم، وأثير الجدل بشكل أكبر حول مدى خطورة تخليق عمل لا يوافق عليه صاحب الصوت، وطرحه بكلمات لا يعرفها، وبجودة تقلل من صوته ومكانته، وزادت حدة النقاش بخصوص التخوف من استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغاني وغيرها من الأعمال المزيفة.

ومع تصاعد حدة الأزمة، حذر نقيب المهن الموسيقية الفنان مصطفى كامل، من خطر استخدام الذكاء الاصطناعي في الأغاني على رموز الفن المصري.

وقال كامل، في تصريحات لقناة "صدى البلد"، إن "استخدام الذكاء الاصطناعي في الأغاني أمر مخيف جدا، مضيفا: "خايف منه جدا وربنا يستر علينا وعلى رموزنا"، مشيرا إلى أن "هناك أشياءً غير قابلة للهزار، مثل العبث في صوت سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والفنانين عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وعبد المطلب".

وأضاف: "أكيد لو شعرنا بخطر شديد على المهنة سوف نتخذ إجراءات، والموضوع مزعلني نفسيا، يعني إيه أستخدم ماكينة والأجيال تسمع أي كلام؟ هل ينفع أسمع أم كلثوم بتقول يا حوستي السودا؟".

الفنان مصطفى كامل

تطوير الموسيقى المصرية

وفي هذا الصدد، قال المهندس كيرلس صبري، عضو هيئة الصناعات الرقمية بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والمدير التنفيذي لشركة مايكرو لتكنولوجيا المعلومات والتطوير البرمجي، إن استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الموسيقي وتأثيره على رموز الفن المصري يثير بعض القضايا والتحديات، ويعتبر الفن المصري تراثًا ثقافيًا غنيًا وفريدًا، ويجب أن نحافظ على الهوية الفريدة للموسيقى المصرية وتطورها العريق.

وأوضح صبري، في تصريحات لـ "صدى البلد "، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تطوير وابتكار الموسيقى المصرية، من خلال إنشاء أدوات موسيقية جديدة وتجارب صوتية مبتكرة، وقد يساهم أيضًا في تحليل النغمات والإيقاعات وتحليل أعمال الفنانين المصريين الكبار، ما يفتح آفاقًا جديدة للدراسة والاستيعاب.

وَأضاف: “مع ذلك، يجب أن نتعامل مع بعض التحديات والمخاطر المحتملة، فقد يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في صناعة الموسيقى إلى فقدان الروح والتعبير الشخصي الذي يميز الموسيقى المصرية التقليدية، وقد يصبح الإبداع الفردي محدودًا وتتجه الموسيقى نحو الاستنساخ الميكانيكي بدلاً من الابتكار والتجديد”.

وتابع: “ينبغي أن نناقش قضايا حقوق الملكية الفكرية والملكية الموسيقية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، قد يطرح استخدام الذكاء الاصطناعي تحديات قانونية وأخلاقية فيما يتعلق بحقوق الفنانين وملكية إبداعاتهم الموسيقية”.

 المهندس كيرلس صبري

ما بين الذكاء والمبدعين

وواصل: “يجب أن نتبنى نهجًا متوازنًا ومستدامًا في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الموسيقي المصري، ويجب علينا أن نحافظ علي عمل الذين يرتبطون بالتراث الموسيقي المصري التقليدي ونساهم في تطويره وتعزيزه بواسطة الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على الروح والعبقرية التي تميز الموسيقى المصرية. يجب أن نضمن أن الذكاء الاصطناعي يستخدم كأداة لتعزيز الإبداع وتمكين الفنانين وليس لتحل محلهم”.

واستطرد: “يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أيضًا وسيلة لتوثيق وحفظ الموسيقى المصرية التقليدية والأعمال الفنية القديمة، ولكن يمكن استخدامه في تحليل التسجيلات الصوتية القديمة واستعادتها وتجديدها للحفاظ على هذا الإرث المهم”.

وأشار إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في توصيل الموسيقى المصرية لجمهور أوسع وأكثر تنوعًا من خلال الاستفادة من الأدوات التكنولوجية الحديثة ومنصات البث الموسيقي، ويمكن للذكاء الاصطناعي تحليل اهتمامات الجمهور وتوصية المستمعين بأعمال موسيقية مصرية مشابهة، مما يعزز التفاعل والتواصل بين الفنانين والجمهور.

واختتم قائلا: “يجب أن نتعامل مع الذكاء الاصطناعي في المجال الموسيقي بحذر ومرونة، ويتطلب ذلك إرشادا من قبل الفنانين والموسيقيين المصريين والخبراء في المجال، وتشجيع التعاون بين الذكاء الاصطناعي والمبدعين لتحقيق فوائد حقيقية ومستدامة للفن المصري وثقافته الموسيقية الغنية”.

 المهندس كيرلس صبري

إعادة إحياء تراث الأغنيات 

من جانبه، حذر الناقد الموسيقي محمود الرفاعي من خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي، وأوضح أنه سيتسبب في مشكلات عدة خلال الفترة المقبلة في كل أرجاء العالم، وليس فقط في وطننا العربي.

وأثبت الرفاعي مخاوفه بواقعة مناشدة المطرب العالمي ستينغ للمنظمات الدولية أخيراً، إذ نبه لخطورة مشكلات استخدام تلك التقنية وأضرارها على صناع الموسيقى والفن.

وأوضح الرفاعي، في تصريحات له، أن "استخدام الذكاء الاصطناعي في الأغاني وللرموز الكبيرة لم أتقبله نهائياً، لأن الأغنيات التي مر عليها الزمان بأصوات أصحابها أصبحت تراثاً وأحبها الجمهور مثلما قدمت، وليس من المقبول أن يأتي شخص بعد عشرات السنين يعيد التلاعب في أصوات أصحاب الأغنيات العظيمة من أجل التطوير، كما أن المقطوعات والأغنيات لها حقوق محفوظة من جانب جمعية المؤلفين والملحنين الدولية (ساسم) بفرنسا التي تمثلها في مصر جمعية المؤلفين والملحنين (ساسيرو)، وهنا قبل العمل عليها لا بد من استئذان أصحابها الأصليين".

وأكد الرفاعي "أن الذكاء الاصطناعي قد يكون له دور فعال في إعادة إحياء تراث الأغنيات القديمة التي تعاني مشكلات وعيوباً بسبب مرور السنوات عليها، لكن ستظل الأزمة قائمة بين المجددين والمطورين وأصحاب الحقوق الأصلية".