الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبنان إلى أين

صدى البلد

فشل البرلمان اللبناني للمرة الـ 12 في انتخاب رئيس للبلاد، مثيرا لمخاوف كبيرة من  فراغ  سدة الرئاسة، وسط انقسامات سياسية عميقة وانهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، ونفق مظلم جديد.

حالة الشلل السياسي غير المسبوق في ظل غياب  رئيس الدولة ومجلس وزراء كامل الصلاحيات وانقسام برلماني، بعد أن أصبحت الأصطفافات الرمادية دون أفق واضح  بسبب انقسامات الطبقة الفاعلة التي جعلتها غير قادرة فعليا على التوصل إلى أرضية مشتركة، سواء في تشكيل حكومة جديدة بديلة عن تلك التي يقودها حاليا نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال اواختيار رئيس للبلاد.

ووفق المحاصصة المذهبية المعمول بها منذ استقلال البلاد عام 1943، تتوزع المواقع الرئاسية الثلاث بين الماورنة وتذهب إليهم رئاسة الجمهورية والشيعة، وتذهب إليهم رئاسة البرلمان بينما يحصل السنة على رئاسة الحكومة.

ويوصل فشل البرلمان اللبناني في اختيار رئيس للبلاد مرة تلو الأخرى، للانشقاقات الغائرة بين الكتل الرئيسية الثلاث، وهو ما يؤشر لوقت طويل الأمد أمام  التوافق على اختيار اسم خليفة لعون.

ووفق الدستور اللبناني يحتاج المرشح للفوز بمقعد الرئاسة إلى أصوات ثلثي نواب البرلمان، ولم يحصل أي من المرشحين سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله، ولا جهاد أزعور المدعوم من  التيار الوطني الحر وحزبي القوات والكتائب على عدد كاف من الأصوات للفوز، بعد أن  حصد فرنجية  51 صوتاً، مقابل 59 لأزعور.

ورغم اكتمال عدد النواب اللبنانيين، فإن العملية لم تكتمل بسبب فقدان النصاب التصويتي في الجولة الثانية التي  تحتاج إلى حضور 86 نائبا، هم ثلثا أعضاء المجلس، وذلك بعد انسحاب نواب الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل من القاعة، لتتم عرقلة إجراء جولة ثانية من التصويت الذي كان يتجه لترجيح أزعور.

الخصيوصية الطائفية بالغة التعقيد تلقي بظلالها القاتمة على المشهد اللبناني، ويواجه اللبنانيون  المجهول في انتظار حلحلة حالة الانغلاق بين مختلف الأطراف السياسية.

ومع استمرار السيناريو اللبناني الحزين لاتلوح في الأفق أية بادرة يمكن أن  تاتي بحلول من الداخل  فهل يكون الخلاص في وساطات إقليمية ودولية معنية مثلما حدث في 2008 عند اختيار الرئيس الأسبق ميشال سليمان.

وهل يتكرر سيناريو الأمس القريب  بعد انتهاء فترة الرئيس ميشال سليمان منتصف 2014 بعد أن ظلت البلاد 29 شهرا تعاني من فراغ مؤسسي حتى تم التوافق على شخص الرئيس ميشال عون في أواخر 2016، لكن هذه المرة هل يتحمل لبنان بظروفه القاسية هذا الغياب الرئاسي؟ 

وإلى متى سيظل لبنان يعاني تلك الإشكالية الكبيرة مع كل استحقاق وطني، وإلي أين أنتِ ذاهبة يا أرض الأرز؟ هل يكون الاتجاه إلى المزيد من سياسات خلط الأوراق بصيغ مذهبية ولي الأذرع تارة وبالمناورات وسط اتهامات متبادلة بين الفرقاء والدوران في حلقة مفرغة تارة أخرى.

أم بتصويب البوصلة بقراءات متعمقة للتاريخ ومقاربة  للوضع الراهن بالغ الصعوبة للوصول لتفاهمات تعزز الاجماع التوافقي، وتنهي حالة الانسداد السياسي الحالي  للخروج من عنق الزجاجة وإبعاد البلاد عن حافة الهاوية.

المشهد اللبناني يعج بقراءات يستعصى على الكثيرين الإلمام بخفاياها المتداخلة والمعقدة، وتؤكد أن الواقع له حسابات أخرى، تظل بعيدة كل البعد عن طموحات المواطن اللبناني، وتقف على مسافة كبيرة من قضاياه المصيرية والمستقبلية وواقعه السياسي والاقتصادي، وتؤسس لفصل جديد من الاستقطاب السياسي. 

وأياً تكن ضبابية الصورة والمسارات المتاحة، يحدونا الأمل أن تعود لبنان لتنتصر وتغادر محنتها وتصل إلى بر السلامة، فهل تحمل الأيام القادمة تغييرا جذريا ينتج صيغة جديدة ينهي الحالة الضبابية.