الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العثور على نبيذ عمره 5 آلاف في مصر.. خبير أثري يكشف مفاجأة| خاص

صدى البلد

اكتُشِفَ موقع أثري هام في محافظة سوهاج بجنوب مصر، حيث اكتشفت السلطات مئات الجرار المغلقة التي لم تُفتَح من قبل، والتي تحتوي على بقايا نبيذ يعود تاريخه لأكثر من 5 آلاف سنة. 

تم العثور على هذا الموقع الأثري بواسطة البعثة الأثرية المصرية، بالاشتراك مع البعثات الألمانية والنمساوية، التي تعمل في مقبرة الملكة مريت نيث من الأسرة الأولى في منطقة أم القعاب بأبيدوس في سوهاج. وبالإضافة إلى ذلك، تم العثور على مجموعة أخرى من الأثاث الجنائزي في نفس الموقع.

 

سيد الأبدية

 

قال مجدي شاكر كبير الأثريين في تصريحات لصدى البلد أبيدوس "أبدو" (أبيدوس في النطق اليوناني القديم ) وهى العرابة المدفونة بمحافظة سوهاج الذى خرج من منطقتها الملك "مينا" موحد القطرين ومؤسس الأسرة الأولى وكانت عاصمة لمصر لفترة نافست فيها "منف" (الجيزة)  ولعبت دورا شديد الأهمية في تاريخ مصر الديني عبر العصور للاحتفال بـ "أوزير"  سيد الأبدية والموتى وحاكم العالم الاخر ورمز للبعث والاخضرار ذلك بدءا من الأسرة الخامسة
(2450 – 2321 ق.م) وحتى دخول المسيحية حيث كانت مكان الحج عند قدماء المصريين ونظرا لأهمية المكان الدينية حرص ملوك وملكات الأسرة الاولى والثانية أن تقام مقابرهم فى أبيدوس وظل الملوك بعد نقل العاصمة إلى منف يقيمون مقابر رمزية ومعابد لهم.

واستطرد كبير الآثريين كانت مريت نيث والتى تعنى محبوبة المعبودة نيث ملكة مصر فى الأسرة المصرية الأولى وهى أول أمرأة تحكم فى تاريخ مصر والبشرية، حيث حكمت مصر حوالى 10 سنوات "2939 ـ 2929 ق.م".
 

ربما كانت ابنة الملك جر ومن ناحية أخرى يعتقد عالم الآثار "بيتر كابلونى" أنها كانت إبنة "الملك جر" (حيث عثر على آثار تحمل إسمها فى مقبرته) وأنها كانت زوجة "جت"
يعتبرها علماء الآثار إمرأة ذات طموح للسلطة فلم يتمكن أحد من شئون الحكم وقامت هى بالوصاية على العرش لابنها دن  مخالفه التقاليد الدينية المقيدة للحكم آنذاك، وأن الحاكم هو حورس الذكر على أرض، فكان هذا اللقب "الحورى" هو أول الألقاب الملكية الذى إتخذه ملوك مصر منذ عصر مؤسس الأسرة الأولى الملك نعرمر وما أن مكنت "مريت ـ نيت" لإبنها "دن" الحكم حتى إنسحبت من المشهد السياسى كملكة مشاركة فى الحكم بل وصاحبة القرار فيه، إلى دور الملكة الأم التى تساند إبنها وتقف خلفه بالمشورة والنصيحة وبالمشاركة فى الرأى، وتشير بعض المخطوطات بأنها ربما حكمت البلاد بمفردها خلال فترة من الزمان ويقترن إسم مريت نيث بالآلهة المصرية القديمة نيث معبودة هامة خلال الأسرة الأولى ومعنى إسمها "محبوبة نيث" والتى  مركز عبادة نيث فى سايس وتجد بعض الآثار وأدوات من عهدها تحمل أسماء أخرى ، مثل "نيث حتب" أى نيث راضية و "نخت نيث " ومعناها نيث القوية ويظهر إسمها "أم الملك " (موت نسوت ) على العديد من الأختام الملكية للملك دن وربما يعنى ذلك أنه كان إبنها وتشير الآثار التى عثر عليها إلى أنها كانت زوجة الملك جت.

وأضاف مجدي شاكر اختلف العلماء فى كونها حكمت البلاد أم أنها كانت مجرد زوجة للملك وقد إختلف الباحثون الذين رأوا فيها ملكة حاكمة فى ترتيبها، فمنهم من جعلها الثالثة، ومنهم من جعلها الرابعة أو الخامسة ويرى بعض العلماء فى كونها حكمت البلاد، بعد حور عحا ودجدر، ودجت ويؤيده فى ذلك إمرى، وإن إختلفا فى ترتيبها؛ إذ يعتبرها الثالثة بعد حور عحا، ودجر ويؤيد إيمرى رأيه بلوحة عثر عليها بترى فى إحدى مقابر أبيدوس نُقِش عليها إسم الملكة مريت نيت وحدها.
 

العثور على مقبرتين 

ويرى إيمرى أن هذه الملكة هى الوحيدة من بين سيدات الأسرة المالكة التى عُثِر لها على مقبرتين، إحداهما فى سقارة، والأخرى فى أبيدوس بجوار مقابر الملوك، وقد يدل هذا فى رأيه وبشكل مؤكد على أنها كانت ملكة حاكمة وقد ظهر إسمها على ختم عُثِر عليه فى "أبيدوس" (أم القعاب) بين قائمة للملوك من "عحا" إلى دن، وقد وُجدت الأخيرة فى القائمة وقد ذكرت فى حجر پالرمو (متحف پالرمو، بإيطاليا)، بينما لم يذكرها مانيتون.
كذلك فقد ورد إسمها على ختم ملكى عثر عليه فى مقبرة بسقارة، كما ظهر فى السرخ الملكى الذى أكتشف فى مقبرة دن، فلقبت الملكة مريت نيت بأم الملك وقد بقى إسمها جزئياً من عهد دن وقد كانت أغلب الظن هى زوجة دجت، وربما إبنة سلفه دجر ويعتقد البعض أنها كانت وصية على إبنها دن قبل أن يصبح ملكاً وتعتبر مقبرتها من أعظم مقابر الأسرة الأولى ولها لوحتان، إحداهما بالمتحف المصرى ، وهناك تمثال عليه إسمها، ولكن مشكوك فى أنه يخصها.


دفنت مريت نيث في مقبرتها Tomb Y في ابيدوس. اذ تبلغ مقاييس المقبرة 19,2 × 16,3 متر وارتفاعها غير معروف بدقة. يماثل تصميم المقبرة مقابر الملك جر  وجت ودن وعج إب وسمر خت وقاع. ووجد في وسط المقبرة تابوتا خشبيا كما هو الحال مع الملوك الآخرين. ويوجد حول الحجرة 8 حجرات للمخزونات ويحيطها 41 حجرة لموتى، دفن فيها كبار الموظفين وخدم الملكة من النساء والرجال وكلاب
لم يوجد اسم مريت نيث على اختام في مقبرة الفرعون قاع وهو ثامن فرعون حكم الأسرة الأولى، ومذكور عليها جميع حكام مصر في تلك الفترة الأولى. ويبدو أن الملكة مريت نيث قل صيتها التاريخي على الأقل منذ عهد الفرعون قاع.

 نبيذ في صعيد مصر


أكد شاكر أما بالنسبة  إلى جرار النبيذ التى عثر عليها نشير أن كلمة "نبيذ" في مصر القديمة كانت تشير عادة إلى العصير المخّمر من العنب الطازج، وكان النبيذ بهذا المعني أهم الخمور عند قدماء المصريين بجانب أنواع أخرى مصنوعة من النخيل والبلح ونوع آخر كان يصنع من ثمر المخيط. 

واوضح كبير الأثريين كان من المشروبات المحببة لدى المصريين القدماء، وهذا ما توضحه النقوش على جدران المعابد والمقابر مثل مقبرة "بتاح حتب" التي يوجد فيها نقش يوضح كيفية صناعة النبيذ، وكذلك مقبرة من عهد الأسرة الخامسة في منطقة سقارة، وأخرى من عهد الأسرة الثانية عشرة في قرية البرشا ومقابر عدّة من هذا العهد أيضاً في قرية بني حسن في المنيا في شمال صعيد مصر.

 كان عدد كبير من الرجال يجمعون عناقيد العنب الكبيرة في سلال ويحملونها على ظهورهم إلى مكان العصر، وهنالك يفرغونها في أوعية كبيرة ليست عميقة، ثم يدوسون العنب بأرجلهم، ويقوم بذلك خمسة أو ستة رجال مجتمعين وعلى إيقاع الموسيقى كما كانت ثمار البلح ذات قيمة خاصة عند المصريين القدماء،وقد استخرجوا منها نوعاً من نبيذ البلح يسمونه في صعيد مصر بـ"عرفي"، وتشتهر بعض مدن محافظة قنا مثل نقادة بصناعته حتى اليوم، ويستخدم في العقاقير الطبية، كما يستخدم شراباً. 

أما نبيذ النخيل فكان يتألف من عصارة شجرة النخيل، ويُحصل على هذه العصـارة بحزّ ثمار الشجرة تحت قاعدة أغصانها العليا مباشرة هذا  السائل فور أخذه من النخيل لا يكون مسُكراً، ولكنه يكتسب الصفة بالتخمر. 

الخمر والجعة في مصر القديمة كانا جزءاً أساسياً من الوليمة،  كانا يُقدّمان للضيوف في أباريق كبيرة تنتهي بطرف رفيع ومصفاة تمسك باليد لتصفية الشراب. وعندما كان أحد المدعوين يفرط في الشراب، كان الخدم يضعونه على السرير في زاوية الغرفة حتى يستعيد وعيه مرة أخر
ووجدت بعثة أمريكية منذ عامين مصنع لصناعة البيرة فى هذه المنطقة قادر قدر أنتاجة بحوالى عشرين ألف لتر فى فترة قصيرة ووجود هذه الجرار فى مقبرة الملكة لرغبتها فى استمرار نفس الطقوس من الطعام والشراب فى العالم الاخر