الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القاهرة تنذر تل أبيب.. إسرائيل تفقد صوابها في غزة| ومصر تفسد مخططاتها

سامح شكري
سامح شكري

جددت مصر رفضها للمخططات المسمومة التي يسعى المسؤولون في إسرائيل لتنفيذها داخل قطاع غزة، منذ تجدد الصراع بين قوات الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية حماس في السابع من أكتوبر 2023 على خلفية عملية طوفان الأقصى.

وتعمل إسرائيل على تهجير سكان غزة من بيوتهم وأراضيهم قسريا من شمال القطاع إلى الجنوب ومنه إلى داخل مصر أو أية وجهة أخرى، وخلق منطقة عازلة في الشمال لحماية المستوطنات القريبة من غلاف غزة والتي قامت المقاومة بمهاجمتها في أكتوبر الماضي.

القاهرة ترفض خطط تل أبيب

وتحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي غزة أكثر من شهرين، حيث تجري داخل القطاع عملية عسكرية دامية تهدف لتفريغ القطاع من سكانه البالغين 2.3 مليون نسمة وابتلاع أراضيه، وطرح كبار المسؤولين داخل الدولة العبرية فكرة تهجير سكان القطاع إلى مصر والضغط عليها للاستجابة لذلك، وهو ما ترفضه مصر حكومة وشعبا، مؤكدة أنه "لا تهجير ولا تصفية للقضية الفلسطينية".

وقال وزير الخارجية سامح شكري، في مقابلة مع مذيع (CNN)، جايك تابر، إن "كل التقارير الواردة من وكالات الأمم المتحدة تشير إلى أن هناك كارثة إنسانية" ستحل في غزة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن تصفية القضية الفلسطينية بإزالة كل الفلسطينيين من الأرض غير مقبول"، مؤكدًا أن ذلك "انتهاك للقانون الدولي الإنساني".

وقال شكري تعليقًا على تفعيل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، المادة (99): "بالتأكيد سيقوم الأمين العام بتفعيل المادة (99) نظرًا إلى مسؤوليته في تقييم مجلس الأمن لأي تهديد للسلام والأمن الدوليين"، مضيفًا: "كل التقارير الواردة من وكالات الأمم المتحدة تشير إلى أن هناك كارثة، كارثة إنسانية ستحل من حيث الظروف في الوقت الحالي، يعاني المدنيون في غزة من نقص الغذاء والمأوى والرعاية الطبية والصرف الصحي والرعاية الصحية وهذا أمر كارثي تمامًا".

والمادة (99)؟ هي مادة تسمح بإحالة أي مسألة يعتقد أنها تهدد "السلام والأمن الدوليين" إلى مجلس الأمن.

كما تطرق وزير الخارجية إلى قضية خروج الفلسطينيين عبر معبر رفح وسبب رفض مصر مغادرة سكان غزة القطاع وانتقالهم إلى سيناء قائلًا: "سيشكل هذا انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني. أي شكل من النزوح، سواء كان داخليًا أو خارجيًا، يعتبر انتهاكًا، ولن نصبح طرفًا في مثل هذا الانتهاك".

وتابع بالقول: "لكن الفلسطينيين أنفسهم لا يريدون المغادرة، ويجب ألا يتم تهجيرهم قسراً، وتصفية القضية الفلسطينية بإزالة كل الفلسطينيين من الأرض غير مقبول وكما قلت فإنه انتهاك للقانون الدولي الإنساني".

فيما وجهت مصر تحذيرا مزدوجا لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، بقطع العلاقات حال تم إجبار الفلسطينيين على الهرب من قطاع غزة باتجاه سيناء.

قطع العلاقات مصر وإسرائيل 

ولطالما اعتبرت مصر - بحسب "مونت كارلو الدولية"، أن هذا الموضوع يمس أمنها القومي، ومع مراقبة مجريات الحرب في غزة، يبدو أن مستوى القلق بدأ بالارتفاع لدى القاهرة من أن تقوم إسرائيل بتهجير جماعي لسكان القطاع وإعادة سيناريو النكبة.

وأورد موقع "أكسيوس" الأمريكي، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، أن مصر وجهت تحذيرا لكل من واشنطن وتل أبيب بشأن "قطع العلاقات" الثنائية في حال تم إجبار الفلسطينيين على اللجوء إلى سيناء.

وتحدث الموقع عن الموقف المصري من الحرب في غزة، وأن القاهرة تعتبرها تهديدا لأمنها القومي، وأن الحكومة المصرية تقوم بما بوسعها لمنع "تهجير الفلسطينيين" ووصولهم إلى أراضيها.

وقال موقع أخبار الأمم المتحدة، إنه نظرا لحجم الخسائر في الأرواح في غزة وإسرائيل في غضون فترة وجيزة، أرسل أنطونيو جوتيريش الأمين العام للمنظمة الأممية خطابا إلى رئيس مجلس الأمن يفعل فيه للمرة الأولى المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة، وهي مادة نادرًا ما تستخدم في ميثاق الأمم المتحدة، حيث كان آخر استخدام لها في عام 1971 وقت الحرب الهندية الباكستانية أي قبل 52 عاما من الآن.

وأتت خطوة جوتيريش، بعد أن كرر دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، وفقاً لموقع "أكسيوس".

كما كتب جوتيريش في رسالته إلى مجلس الأمن، أن العالم يواجه خطرا شديدا لانهيار النظام الإنساني، مشدداً على أن الوضع يتدهور بسرعة ويتحول إلى كارثة ذات آثار محتملة لا رجعة فيها على الفلسطينيين ككل وعلى السلام والأمن في المنطقة.

وأضاف أنه يجب تجنب مثل هذه النتيجة بأي ثمن، مكرراً دعوته إعلان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، قائلاً: "هذا أمر ملح".

رفض عالمي لمخطط التهجير

وفيما يخص مخطط التهجير إلى مصر، فقد قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن جريفيث، الخميس 7 ديسمبر 2023، إنه "لن يكون هناك تهجير قسري لأهالي غزة"، مشيرا إلي أن "ما يحدث في غزة يمثل تهديدا للأمن والاستقرار الدوليين".

وكان هناك لقاء الاسبوع الماضي جمع نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس بالرئيس عبد الفتاح السيسي في دبي بدولة الإمارات على هامش قمة المناخ كوب 28.

وأكدت نائبة الرئيس أن الولايات المتحدة لن تسمح تحت أي ظرف من الظروف بالترحيل القسري للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية، أو حصار غزة، أو إعادة رسم حدود غزة. 

وناقشت نائبة الرئيس الأفكار الأمريكية للتخطيط لمرحلة ما بعد الصراع في غزة بما في ذلك الجهود المبذولة في إعادة الإعمار والأمن والحكم. 

وأكدت أن هذه الجهود لا يمكن أن تنجح إلا إذا تمت متابعتها في سياق أفق سياسي واضح للشعب الفلسطيني نحو دولة خاصة به تقودها سلطة فلسطينية متجددة وتحظى بدعم كبير من المجتمع الدولي ودول المنطقة.

كما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، أنه لم ولن يتخلى عن أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة مهما كانت التضحيات، مشددا على أن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية.

وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، قال الرئيس الفلسطيني: لن نسمح بتمرير التهجير القسري لأبناء شعبنا الفلسطيني، سواء في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية، بما فيها القدس.

مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وضع في عام 2000 على يد جنرال جيورا آيلاند الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي.

مخطط مسموم من إسرائيل 

ونصت الخطة على أن تنقل مصر إلى قطاع غزة، مناطق من سيناء، مساحتها 720 كيلومترا مربعا، وهذه الأراضي عبارة عن مستطيل ضلعه الأول يمتد على طول 24 كيلومترا على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربا حتى العريش، وبعرض 20 كلم داخل سيناء. إضافة إلى شريط يقع غرب كرم أبو سالم جنوبا، ويمتد على طول الحدود بين إسرائيل ومصر.

وتؤدي هذه الزيادة إلى مضاعفة حجم قطاع غزة البالغ حاليا 365 كيلومترا مربعا إلى نحو 3 مرات، وأن توازي مساحة 720 كيلومترا مربعا نحو 12 في المائة من أراضي الضفة الغربية.

ومقابل هذه الزيادة على أراضي غزة، يتنازل الفلسطينيون عن 12% من أراضي الضفة الغربية التي ستضمها إسرائيل إليها، شاملة الكتل الاستيطانية الكبرى، وغلاف مدينة القدس، ومقابل الأراضي التي ستتنازل عنها مصر لتوسيع قطاع غزة، ستحصل من إسرائيل على منطقة جنوب غربي النقب، توازي تقريبا مساحة المنطقة التي ستتنازل عنها، وبعد ذلك تسمح إسرائيل لمصر بارتباط بري بينها وبين الأردن، من خلال حفر قناة بينهما، وستمر القناة التي يبلغ طولها نحو 10 كيلومترات من الشرق إلى الغرب، على بعد 5 كيلومترات من إيلات، وتكون خاضعة للسيادة المصرية.

واقترح آيلاند أن تقترح أوروبا المشروع وتتبناه الولايات المتحدة ومصر والأردن، لكن الفلسطينيون رفضوه تماما، حتى اقترح الرئيس المعزول محمد مرسي توسيع غزة عبر أراضي سيناء على قادة حماس وعلى الرئيس الفلسطيني.

وقال الكاتب الصحفي شريف عارف، إن مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم مخطط دائم ومستمر اتخذ شكل التطبيق خلال العام الأسود من حكم جماعة الإخوان لمصر حينما طرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الفكرة على محمد مرسي وتحدث عنها أيضا مرشد الجماعة الإرهابية محمد بديع في مسألة توطين الفلسطينيين في شمال سيناء.

وأضاف عارف خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه على الرغم من موقف الجماعة الإرهابية وتكذيبها لهذه التصريحات إلا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد في تصريحات خاصة عام 2018 من أنه كانت هناك مفاوضات بالفعل تجرى بين جماعة الإخوان الإرهابية والإدارة الأمريكية وإسرائيل لإقرار فكرة توطين الفلسطينيين من أبناء غزة في شمال سيناء.

وأكمل عارف: الحقيقة فإن المصريين والفلسطينيين وقفوا ضد هذا المخطط الذي تطرقت إليه المراسلات المتبادلة بين وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون وقادة الجماعة الإرهابية.

وتابع: كل مؤتمرات القمة العربية على مدى العقود الماضية رفضت فكرة توطين الفلسطينيين في أي من الدول العربية لأنها تعني تفريغ للقضية الفلسطينية من مضمونها وترك الاحتلال الإسرائيلي يعبث بالأرض.