الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف تحصن نفسك من العين والحسد؟.. آية ودعاء نبوي يدفعان عنك الأذى

كيف تحصن نفسك من
كيف تحصن نفسك من الحسد

كيف تحصن نفسك من العين و الحسد؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين، وفيما يلي بيانه من خلال روشتة دار الإفتاء المصرية وعلماء الأزهر الشريف. 

كيف تحصن نفسك من العين و الحسد؟

وقال بعض الحكماء: ما أمحقَ للإيمان ولا أهتكَ للستر من الحسد، وذلك أنّ الحاسدَ مًعاند لحكم الله. باغٍ على عباده، عاتٍ على ربه، يَعْتَدّ نِعم اللهّ نِقَما، ومَزِيده غِيَرا، وعَدْل قضائة حَيْفا، للناس حال وله حال، ليس يهدأ، ولا يَنام جَشَعه، ولا ينْفعه عَيْشُه، مُحْتقر لِنَعم الله عليه، مُتسخِّط ما جرت به أقدارُه، لا يَبردُ غَليله، ولا تُؤْمَن غوائله -مصائبه -، إن سالمتَه وَتَرَك -أدركك بمكروه أو ظلم-، وأن وَاصلتَه قَطَعك، وإن صَرَمتْه -هجرته وقاطعته- سَبَقك.

جاء في تفسير الإمام الطبري في بيان قوله تعالى:«وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)»: وقوله: ( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) اختلف أهل التأويل في الحاسد الذي أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شرّ حسده به، فقال بعضهم: ذلك كلّ حاسد أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شرّ عينه ونفسه.

كما ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) قال: من شرّ عينه ونفسه، وعن عطاء الخراساني مثل ذلك. قال معمر: وسمعت ابن طاوس يحدّث عن أبيه، قال: العَينُ حَقٌّ، وَلَو كانَ شَيءٌ سابق القَدرِ، سَبَقَتْهُ العَينُ، وإذا اسْتُغْسِل أحدكم فَلْيَغْتَسِل .

وقال آخرون: بل أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بهذه الآية أن يستعيذ من شرّ اليهود الذين حسدوه.

وذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) قال: يهود، لم يمنعهم أن يؤمنوا به إلا حسدهم .

وأولى القولين بالصواب في ذلك، قول من قال: أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شرّ كلّ حاسد إذا حسد، فعابه أو سحره، أو بغاه سوءًا.

وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب؛ لأن الله عزّ وجلّ لم يخصص من قوله ( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) حاسدا دون حاسد، بل عمّ أمره إياه بالاستعاذة من شرّ كلّ حاسد، فذلك على عمومه.

مفهوم الحسد وبيان خطورته

قالت دار الإفتاء إن الحسد: تَمَنِّي الحاسد زوال النعمة من المحسود؛ جاء في "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (ص: 277، ط. مؤسسة الرسالة): [حَسَّدَه: تَمَنَّى أن تَتَحَوَّل إليه نِعمَتُه وفَضيلَته، أو يُسْلَبَهُما] اهـ.

وتابعت: وهو من الأخلاق الذميمة والأمراض المهلكة التي أمر الله تعالى بالاستعاذة منها، قال تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾  [الفلق: 5]؛ ولذا ورد النهي عنه؛ فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا.. ».

وقد وردت أحاديث في السنة تثبت أَنَّ العين حق ولها تأثير على المعيون -أي: مَن أصيب بالعين-؛ منها ما روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العَيْنُ حَق، وَلَو كَانَ شَيءٌ سَابِقُ القَدَرِ سَبَقَتهُ العَين»، وفي الصحيحين من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرها أن تسترقي من العين.

قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (14/ 174، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه إثبات القدر، وهو حق بالنصوص وإجماع أهل السنة.. ومعناه: أَنَّ الأشياء كلها بقدر الله تعالى، ولا تقع إلَّا على حسب ما قَدَّرها الله تعالى، وسبق بها علمه، فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلَّا بقدر الله تعالى، وفيه صحة أمر العين، وأنها قوية الضرر] اهـ.

وقال الإمام ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 200، ط. دار المعرفة): [الحق أن الله يخلق عند نظر العائن إليه وإعجابه به إذا شاء ما شاء من ألمٍ أو هلكةٍ، وقد يصرفه قبل وقوعه؛ إمَّا بالاستعاذة، أو بغيرها، وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية] اهـ.

والحسد يضر الحاسد في دينه ودنياه أكثر ممَّا يضر المحسود، فيضره في دينه؛ لأنَّه يجعل الحاسد ساخطًا على قضاء الله كارهًا لنعمته التي قَسَّمَهَا بين عباده، ويضره في دنياه؛ لأنه يجعل الحاسد يتألم بحسده ويتعذب ولا يزال في غم وهم، فيهلك دينه ودنياه من غير فائدة. أما المحسود فلا يقع عليه ضرر في دينه ودنياه؛ لأنَّ النعمة لا تزول عنه بالحسد، بل ما قَدَّره الله تعالى عليه لا حيلة في دفعه، فكل شيء عنده بمقدار.

الحسد عن طريق العين وعلاجه 

قال أد / مختار مرزوق عبدالرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، إلى أهمية أن تقرأ  هذا التحصين وما يليه وتلتزموا بما فيه بأن يدعو المسلم  بالبركة عند النظر إلى ما يعجبه. روى الإمام مالك فى الموطأ عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه يقول : اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخرار - موضع قرب الجحفة - فنزع جبة كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر .

قال: وكان سهل رجلا أبيض حسن الجلد . قال فقال له عامر بن ربيعة : ما رأيت كاليوم ولا جلد عزراء. قال فوعك سهل مكانه واشتد وعكه . فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره سهل بالذي كان من شأن عامر .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (علام يقتل أحدكم أخاه أﻻ بركت - أي دعوت بالبركة - إن العين حق توضأ له) فتوضأ له عامر فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس . انظر الموطأ كتاب الجامع ( الوضوء من العين ) ج 2 ص 938 .
وفي رواية ثانية في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عامر بن ربيعة أن يغتسل له. فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس . انظر الموطأ ج 2 ص 939 . وروى القصة الإمام أحمد في المسند والنسائي في الكبرى وابن ماجة والحاكم في المستدرك. وأورد معظمها الحافظ ابن حجر في شرحه للبخاري . انظر فتح الباري ج 21 ص 230- 231 

وبين أن في الحديث الشريف ما يدل على حقية الإصابة بالعين ، وقد ورد في رواية الحاكم أن عامر بن ربيعة قال (فأصبته بعيني ) مما يدل على أنه بمجرد أن نظر إليه بإعجاب ولم يبرك أصيب سهل بالعين في الحال لدرجة أنه لم يستطع أن يخرج من الماء. وحين حضر النبي صلى الله عليه وسلم غضب وقال : علام يقنل أحدكم أخاه ؟ 
وهذا يفيد حقية الإصابة بالعين التي ينكرها بعض من يدعون العلم .

كما دل القرآن الكريم على حقية الإصابة بالعين في سورة يوسف : حكى القرآن قول يعقوب لبنيه (وقال يابني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أعني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فلتوكل المتوكلون). قال ابن كثير قال ابن عباس وغيره : خشي عليهم العين وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة ومنظر وبهاء فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه .

فيما دلت السنة الصحيحة علي حقية الإصابة بالعين في كثير من التحاديث ومن ذلك ما يلي :

1- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا ) . انظر صحيح مسلم كتاب السلام باب الطب والمرضى والرقى ج 5 ص 32 .

2- عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن العين لتولع بالرجل حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه) رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات انطر مجمع الزوائد ج 5 ص 109 وانظر الفتح الرباني ج 17 ص 189 . 
ومعنى الحديث : أن العين تعلق وتغري بالرجل وتتمكن منه حتى يصعد حالقا وهو الجبل العالي ثم يسقط منه.

وعن حديث إصابة سهل بن حنيف بالعين، يؤخذ من الحديث السابق أنه إذا عرف العائن -أي الذي نظر إلى الطفل - وطلب منه الوضوء أو الإغتسال لكي يصب الماء على المعيون - الطفل المصاب بالعين - فإنه يتعين عليه أن يصنع ذلك .

ويؤخذ هذا من الحديث السابق ومن قوله صلى الله عليه وسلم ( العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا). رواه مسلم في كتاب السلام باب الطب والمرض والرقى ج 5 ص 32 . 

ومن الممكن أن يتم هذا من الأب أو الأم حتى لا يحرج المسلم ضيوفه .

ومن هنا إذا خشي الإحراج أو لم يعرف العائن يكون العلاج بالرقى التي أودناها مثل ( أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ) . 

وشدد أنه لا يستهينن أحد بهذا العلاج النبوي للإصابة بالعين ، فإن كثيرا من الأطفال يبكون دون سبب ظاهر ويكون المرض من العين كما ورد في الأحاديث السابقة ، كما يدل على ذلك ما يلي :

1- عن حميد بن قيس المكي أنه قال : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني جعفر بن أبي طالب ، فقال لحاضنتهما : مالي أراهما ضارعين ؟ فقالت حاضنتهما : يا رسول الله إنه تسرع إليهم العين ، ولم يمنعنا أن نسترقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك من ذلك .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استرقوا لهما فإنه لو سبق شيء القدر لسبقته العين ).
انظر الموطأ كتاب الجامع باب الوضوء من العين ج 2 ص 940- 939 . 

2- عن عائشة رضى الله عنها قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت صبي يبكي، فقال : ما لصبيكم هذا يبكي، فهلا استرقيتم له من العين). أخرجه الإمام أحمد في المسند وأخرج نحوه الطبراني في الكبير بسند جيد عن أم سلمة  انظر  بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني ج 17 ص 192- 191 .

وشدد على أن كل ما تقدم من أحاديث يدل دلالة صريحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحض أصحابه الكرام على أن يحصنوا أطفالهم من العين وكذلك علمهم أن يرقوا أطفالهم الذين أصابتهم العين .