مما لاشك فيه أن للإدارة الدور الرئيس في التأثير بشكل كبير على جودة العمل ونجاح المنظمة، ولأن للمدير دور كبير في التأثير على أداء الموظفين، تفشل بعض المنظمات حينما لا تستطيع التحكم في الإدارة السيئة، مما يؤدي إلى عواقب مدمرة، أولها وجود معدل دوران مرتفع في بقاء الموظفين بالمنظمة، وهو ما يتفق مع المقولة الشهيرة "الناس يتركون رؤسائهم، وليس منظماتهم"، وهو ما أيدته نتائج دراسات مختلفة أشارت إلى أن أكثر من نصف الموظفين تركوا وظائفهم السابقة بسبب رؤسائهم، مقابل نسبة أقل من النصف تفكر في ترك وظائفها بسبب سوء تعامل الإدارة، حيث أشار الموظفين أن السبب هو الافتقار إلى التقدير والاعتراف بإنجازاتهم.
النتيجة الثانية لسوء الإدارة هي إصابة العاملين بالتوتر والضغط المفرط في ظل فقر القيادة للتواصل والتفاهم لذا ينتهي الأمر بالعديد من الأشخاص بترك مصدر توترهم، النتيجة الثالثة هي وجود فرص ضائعة على المنظمة، حينما يتبع المديرين نفس الطرق المعتادة ويرفضون أي مقترح جديد، وبالطبع الأمر شائع جدًا بين القادة ذوي العقلية المنغلقة الذين لا يرغبون في تحدى الظروف أو الذين يخافون من أن يتم الثناء على الموظفين لأفكارهم، وهو قمة فشل القيادة التي تضيع فرص جيدة على المنظمة فقط حتى لا يظهر شخص آخر متميز غيرهم.
النتيجة الرابعة، هي الانخفاض الحاد في المشاركة، وقد لخصتها مؤسسة جالوب في أنه إذا كانت المشاركة منخفضة، فإن مستوى الجهد الذي يبذله الموظف تجاه عمله سيكون منخفضًا أيضًا، وصاحب التأثير الأكبر على مستوى مشاركة الموظف هو رئيسه المباشر، فإذا كانت الإدارة ضعيفة، فستكون هناك مشاركة ضعيفة. وعندما لا يمتلك القادة المهارات اللازمة لإدارة الموظفين، فإن ذلك يكلف المنظمات مبالغ طائلة، بينما تحقق المنظمات التي يشارك فيها الموظفين أرباحاً فعلية.
النتيجة الخامسة هي عدم الوعي الذاتي، فكيف يمكن إصلاح الإدارة الرديئة إذا لم ير القادة هذه المشكلة؟ هذا هو التحدي الذي تواجهه العديد من المنظمات، في كثير من الأحيان، عندما تكون هناك إدارة رديئة، يكون هناك أيضًا نقص في الوعي بأن أحد أسباب المشكلة هي هم أنفسهم، مما يؤدي إلى استمرار المشكلة. وقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت على أكثر من 52 ألف مدير وموظف، أن القادة صنفوا أنفسهم على أنهم أفضل وأكثر ذكاء من موظفيهم.
ولكن هل يمكن إصلاح الإدارة السيئة؟ بدون المهارات المناسبة، لا يستطيع المديرين أو الموظفين أو المؤسسة النجاح، ولكن ربما يمكن تجنب سوء الإدارة إذا أتيحت لهم فرصة الحصول على تدريبات متنوعة، فعندما سألت مؤسسة جالوب الموظفين عن رأيهم في رئيسهم المباشر، اتفق 82% منهم على أن رئيسهم يفتقر إلى مهارات القيادة من الأساس.
إن الطريق إلى التحول من الإدارة الرديئة إلى الإدارة الفعّالة يتلخص في تنمية الكفاءات وتشجيع الابتكار، فمن خلال المهارات الإدارية الفعّالة مثل المساءلة، والعدالة والشفافية، وحل النزاعات، والتمكين، يمكن للإدارة أن ترى ليس فقط نجاح وصعود مرؤوسيها المباشرين، بل وأيضاً نجاحها، ونجاح فريقها بالكامل، والمنظمة.