في مشهد استثنائي يعكس أهمية اللحظة، استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء أمس، نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا، حيث من المقرر أن يعقد الزعيمان قمة توصف بالتاريخية، وسط ترقب عالمي بشأن مخرجاتها، لا سيما فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.
قمة ألاسكا التاريخية
وصلت الطائرة الرئاسية الأمريكية أولا إلى قاعدة عسكرية في ألاسكا، حيث بقي ترامب داخلها لبضع دقائق، منتظرا هبوط طائرة بوتين، ليقوم باستقباله رسميا، وعند نزول الرئيس الروسي، تبادل الزعيمان التحية بمصافحة حارة على مدرج المطار، في لحظة رمزية سبقت انطلاق محادثاتهما المنتظرة بشأن الأوضاع في أوكرانيا.
بالتزامن مع وصول الزعيمين، أعلن البيت الأبيض عن إجراء تعديلات على جدول القمة، فقد كانت المحادثات في الأصل مقررة أن تكون مغلقة بين ترامب وبوتين فقط، إلا أن المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، صرحت من على متن الطائرة الرئاسية بأن اللقاء سيعقد بحضور عدد من كبار مساعدي الرئيس الأمريكي، ومن أبرزهم وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، حسب ما نقلته شبكة "سي إن إن".
من جهته، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صباح السبت، أن المحادثات التي جرت في ألاسكا كانت "بناءة"، وأكد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ترامب أن "روسيا والولايات المتحدة دولتان جارتان"، موجها حديثه إلى نظيره الأمريكي بقوله: "سعيد لرؤيتك في صحة جيدة".
أهمية "ألاسكا" بين روسيا والولايات المتحدة
وفي حديثه عن أهمية ألاسكا، أشار بوتين إلى أنها "تمثل جزءا من التاريخ المشترك بين روسيا والولايات المتحدة"، في إشارة إلى العلاقة القديمة التي تعود إلى ما قبل بيع الأراضي الروسية في ألاسكا للولايات المتحدة في القرن التاسع عشر.
أما بشأن الحرب في أوكرانيا، فقد أوضح بوتين أن روسيا "حريصة على حل المسألة الأوكرانية"، مشددا على ضرورة التوصل إلى حل "مستدام" يأخذ في الحسبان المخاوف الأمنية الروسية. وأكد أيضا أن بلاده "مهتمة بصدق بإنهاء الصراع"، داعيا إلى معالجة الأسباب الجذرية التي أشعلت الأزمة.
كما وصف المفاوضات بأنها كانت "مفيدة ومفصلة"، وأضاف: "اتفقنا مع الرئيس ترامب على ضرورة ضمان أمن أوكرانيا أيضا"، ما يعكس توافقا مبدئيا في الرؤى حول أهمية تحقيق الأمن الإقليمي.
ومن الجدير بالذكر أن الكرملين أعلن لاحقا عن انتهاء الاجتماع المغلق الذي جمع الزعيمين في ألاسكا، والذي يعد الأول من نوعه في هذه الولاية الأمريكية ذات البعد الجغرافي والتاريخي الفريد في العلاقات الروسية الأمريكية.
وكانت القمة قد واجهت تهديدا مسبقا بالتعثر، حيث هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل انطلاقها بالانسحاب منها إذا لم تسر الأمور حسب ما يراه مناسبا، وهو ما يعكس الحذر الذي يحيط بهذه المرحلة من العلاقات بين واشنطن وموسكو.
قمة ألاسكا قد تكون بداية لمسار جديد بين القوتين العظميين، ولكن الطريق لا يزال طويلا وشائكا، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في ملفات شائكة، على رأسها الحرب في أوكرانيا.