أسواق العمل تجعل من البحث عن الوظيفة أمراً بالغ التعقيد، وفي معظم الأحيان يضطر طالبو الوظيفة إلى تقديم كثير من التنازلات وتقليل طموحاتهم حول معايير الوظيفة المثالية.
بين الدوام والرواتب والمحفزات والمسمى الوظيفي يضطر آلاف الساعين إلى فرص العمل للتنازل عن واحد من هذه الشروط وفي الغالب أكثر من ذلك، مهما كانت تحصيلهم العلمي وسنوات خبراتهم، بسبب ضيق الفرص والانكماش الاقتصادي.
في هذا المقال تجارب لأشخاص خاضوا معركة بين الحلم والواقع وبين السيء والأسوأ.
سيري طومسون، مثلاً، تبحث عن عمل منذ ثمانية أشهر. وخلال هذه الفترة، تقدمت لأكثر من 180 وظيفة.
بعضها مرتبط بشهادتها الجامعية الجديدة في الاتصالات، مثل وظائف في وسائل التواصل الاجتماعي أو التسويق. كما تقدمت مؤخراً لوظائف لا علاقة لها بمجالها، مثل وظائف مساعدة أو في مجال البيع بالتجزئة.
في هذه الأثناء، تتدرب بدوام جزئي في مخبز محلي في سان دييغو، وتحافظ على دوام منتظم في مجالسة الأطفال، ورعاية الحيوانات الأليفة، ورعاية المنازل، وغيرها من الأعمال الصغيرة لتسديد فواتيرها.
تومسون، البالغة من العمر 22 عاماً، تخرجت من الجامعة في ديسمبر 2024، وهي عملية في بحثها عن عمل، لكنها لا تزال تجده بطيئاً ومحبطاً.
تقول لقناة CNBC Make It: "الوظيفة المثالية غير موجودة". وتضيف أن والديها علّموها أن "الحصول على وظيفتك الأولى ما هو إلا خطوة أولى في مسيرتك المهنية".
وتضيف: "لكن من الصعب أن تستثمر في شيء لا يثير اهتمامك، أو أن ترضى بوظيفة تُغطي نفقاتك". "أشعر أن جيلي يُريد أن يكون مُهتمًا جدًا بما يفعله وأن يُعجبه العمل الذي يقوم به".
مع أن طومسون تُفضل وظيفة مُجدية - والتي تُعرّفها بأنها وظيفة في شركة داعمة تُقدّر رفاهية الموظفين وتطورهم - إلا أنها تُدرك أنها قد لا تحصل عليها الآن.
تغيير الأولويات في ظل اقتصادٍ غير مستقر
في ظلّ سوق العمل الحاليّ المليء بالتحديات، أصبح العثور على عملٍ ذي معنى ترفًا لا يستطيع الجميع تحمّله.
يؤكد معظم العمال على أهمية قيامهم بعملٍ ذي معنى في وظائفهم، وذلك وفقاً لاستطلاعٍ أُجري في يوليو/تموز وشمل أكثر من 1200 بالغ أميركيّ من منصة UserTesting للاستطلاعات. وعرّف المشاركون العمل ذي المعنى على المستوى الشخصيّ، بأنّه العمل الذي يتيح لهم التوازن والمرونة، متبوعاً بعوامل خارجية مثل إحداث تأثير اجتماعي أو بيئي ومساعدة الآخرين.
لكن المخاوف المالية والاقتصادية أصبحت عاملاً أكبر في تحديد أولوياتهم الوظيفية.
أغلبية الأميركيين، نحو 85%، يقولونإن عدم الاستقرار الاقتصادي قد غيّر أكثر ما يُقدّرونه في الوظيفة، حيث يُعطي معظمهم الآن الأولوية للاستقرار والراتب والمرونة.