قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

إعلان نيويورك| تحول تاريخي أممي نحو تنفيذ حل الدولتين.. ومحلل يوضح

تطورات الوضع في غزة اليوم
تطورات الوضع في غزة اليوم

في خطوة تاريخية تعكس تحولا واضحا في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يؤيد إعلان نيويورك بشأن تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. 

وقد صوت لصالح الإعلان 142 دولة، فيما عارضته 10 دول، وامتنعت 12 عن التصويت.

ومن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن يشهد المشهد الدولي تحولا ملموسا في تعاطيه مع القضية الفلسطينية، مدفوعا بجملة من العوامل والتطورات الراهنة التي أضفت زخما كبيرا على هذا الملف. ويبرز في هذا السياق الطابع الخاص للدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يمكن وصفها بكونها "دورة دولة فلسطين"، في ظل تصاعد موجة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، وازدياد التأييد العالمي للحقوق الفلسطينية المشروعة.

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هناك خطوة ذات دلالة سياسية كبيرة، أعلنت فرنسا رسميا اعترافها بالدولة الفلسطينية، لتنضم إلى قائمة من الدول التي تقترب من اتخاذ الموقف ذاته، والتي يقدر عددها بنحو عشر دول إضافية في المستقبل القريب. 

وأشار فهمي، إلى أن  الموقف الإيجابي الصادر عن بريطانيا يعكس هو الآخر تغيرا جوهريا في المواقف الغربية التقليدية، ما يؤشر إلى تحول مهم في البيئة الدولية باتجاه دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه، ويكشف عن مناخ دولي متنام يتيح فرصا حقيقية أمام الفلسطينيين لتثبيت وجودهم السياسي والقانوني على الساحة الدولية.

وتابع: "تبرز أهمية العمل العربي المنسق والفاعل داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف استثمار هذه اللحظة الفارقة، ليس فقط من أجل تثبيت الاعترافات بالدولة الفلسطينية، بل أيضا من أجل ربط هذه الاعترافات بالوقائع الجارية على الأرض، ولا سيما في قطاع غزة، حيث تتسارع الانتهاكات الإسرائيلية بشكل غير مسبوق".

وأردف: "إسرائيل، التي تمضي في سياساتها العدوانية والممارسات الإجرامية، تفرض واقعا أمنيا أحاديا في غزة، وتحاول إعادة تشكيل الخارطة الميدانية بما يخدم مصالحها الاستيطانية والعسكرية، وتشير المعطيات الحالية إلى أن قوات الاحتلال باتت تسيطر على نحو 55% من مساحة مدينة غزة، في محاولة واضحة لتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي، الأمر الذي يجعل من الضروري ربط الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية بموقف حازم من هذه الانتهاكات المتواصلة".

واختتم: "اللحظة الراهنة ليست عادية، بل هي لحظة تاريخية فارقة، تستدعي من الدول العربية والمجتمع الدولي توحيد الصفوف وتكثيف الجهود، بما يعزز من الموقف الفلسطيني، ويحمي حقوق الشعب الفلسطيني من الغطرسة الإسرائيلية ومشاريعها التوسعية، فالتاريخ يكتب اليوم، والمطلوب هو مواقف شجاعة ومسؤولة تنسجم مع القيم الإنسانية ومبادئ القانون الدولي، لدعم الحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس".

مضمون القرار:

يعد إعلان نيويورك وثيقة مفصلية في سياق التسوية السلمية للنزاع الفلسطيني–الإسرائيلي، إذ يشدد على أن إنهاء الحرب في غزة وتحقيق حل الدولتين هما السبيل الوحيد لإرساء سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة.

وقد أتى الإعلان كنتاج لمؤتمر دولي رفيع المستوى عقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بين 28 و30 يوليو 2025، برئاسة كل من فرنسا والسعودية، وبمشاركة فاعلة من دول كبرى ومنظمات دولية وإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

وسوف نرصد أبرز ما ورد في إعلان نيويورك:

1. إنهاء الحرب فورا:

وأكد الإعلان على ضرورة الوقف الفوري للأعمال العدائية في غزة، وإطلاق سراح الرهائن، وانسحاب القوات الإسرائيلية، مع دعم جهود مصر وقطر والولايات المتحدة لتحقيق اتفاق وقف إطلاق نار شامل.

2. إدانة الانتهاكات من جميع الأطراف:

دان الإعلان بشكل واضح الهجمات الإسرائيلية على المدنيين والبنية التحتية في غزة، كما دان الهجمات التي شنتها حماس في 7 أكتوبر 2023، وأكد أنه لا مبرر لأي انتهاكات جسيمة للقانون الدولي من أي طرف كان.

3. الاعتراف بدولة فلسطين عنصر أساسي للحل:

كما أكد الإعلان أن الاعتراف بدولة فلسطين وتجسيد هذا الاعتراف على أرض الواقع عنصران أساسيان لإنجاح حل الدولتين، وشدد على أن قبول فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة هو خطوة لا غنى عنها لتحقيق تسوية سياسية دائمة.

4. إعادة إعمار غزة ورفع الحصار:

ودعا الإعلان إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة فورا، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، واستئناف خدمات الكهرباء والوقود والمياه، كما أيد تنفيذ الخطة العربية-الإسلامية لإعادة الإعمار، وعقد مؤتمر دولي لهذا الغرض في القاهرة.

5. وحدة الحكم تحت السلطة الفلسطينية:

كما أكد المؤتمر أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ويجب أن تعود السلطة الكاملة فيها إلى السلطة الفلسطينية، وفق مبدأ: «دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد»، مطالبا حماس بتسليم أسلحتها وإنهاء سيطرتها على القطاع.

6. بعثة دولية مؤقتة:

وأيد المؤتمر نشر بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة، بناءا على طلب من السلطة الفلسطينية، وتحت رعاية الأمم المتحدة، لتوفير الحماية المدنية، ودعم جهود إعادة الأمن والحوكمة.

7. إجراء الانتخابات الفلسطينية:

كما رحب الإعلان بتعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإجراء انتخابات عامة ورئاسية شفافة وديمقراطية خلال عام في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تحت رعاية دولية.

8. دعوة إسرائيل لتغيير المسار:

وطالب الإعلان الحكومة الإسرائيلية بإصدار التزام علني بحل الدولتين، ووقف أنشطتها الاستيطانية، وإنهاء العنف ضد الفلسطينيين، والامتناع عن أي مشروع ضم أو سياسة توسعية، مؤكدا ضرورة مساءلة المستوطنين العنيفين.

9. مواجهة التطرف والتحريض:

كما شدد الإعلان على دعم برامج التعليم المدني ونزع التطرف في كل من إسرائيل وفلسطين، مع التأكيد على تحديث المناهج الدراسية ومراقبة خطابات الكراهية.

10. الاندماج الإقليمي:

وربط الإعلان بين إقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني من جهة، وتحقيق الاندماج الإقليمي الشامل من جهة أخرى، مؤكدا أن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق دون تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.

11. آلية متابعة دولية:

في ختام الإعلان، تم الاتفاق على تشكيل آلية متابعة دولية يقودها الرؤساء المشاركون في المؤتمر وفرق العمل المختلفة، لضمان تنفيذ ما ورد في الإعلان من التزامات سياسية واقتصادية وأمنية وإنسانية.

والجدير بالذكر، أن بهذا الإعلان، ينتقل المجتمع الدولي من مرحلة البيانات الرمزية إلى خطة عمل شاملة ومحددة زمنيا لتنفيذ حل الدولتين، وتهيئة الأرضية لحل سياسي عادل للقضية الفلسطينية. 

ويمثل الإعلان فرصة نادرة لإعادة الزخم للقضية على الساحة الدولية، بشرط أن يترجم إلى تحركات فعلية وضغوط دبلوماسية على الأطراف المعرقلة، وعلى رأسها حكومة الاحتلال الإسرائيلي.