قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" يبين أن الدعاء ليس مجرد طلب أو رجاء، بل هو جوهر العبادة وروحها، حيث جاء الحديث بالتعريف للطرفين، وجاء بضمير الفصل "هو"، مما يدل على القصر والحصر، أي أن الدعاء هو لبّ العبادة وجماعها.
وأوضح الدكتور سلامة داود، خلال حلقة برنامج “بلاغة القرآن والسنة”، أن النبي -صلى الله عليه- وسلم حين حصر العبادة في الدعاء إنما أراد التأكيد على أن الدعاء يجمع معاني العبودية من التذلل والخضوع والافتقار إلى الله، وأنه يقطع غرور النفس ويعيد العبد إلى الاعتماد على ربه في كل شأن من شؤون حياته.
وأشار إلى أن الآية الكريمة: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" تؤكد هذا المعنى، حيث فسر العلماء كلمة "عبادتي" هنا بأنها الدعاء، أي أن ترك الدعاء استكبار عن العبادة.
وأضاف رئيس جامعة الأزهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء"، وقال أيضاً: "من فُتح له منكم باب الدعاء فُتحت له أبواب الرحمة"، مما يدل على عظمة الدعاء ومكانته عند الله تعالى.
ولفت إلى أن الصحابة الكرام كانوا يقولون: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الدعاء كما يعلمنا السورة من القرآن، وهو ما يدل على أهمية الالتزام بالألفاظ النبوية في الدعاء.
ودعا الدكتور سلامة داود المسلمين إلى الإكثار من الدعاء في كل أحوالهم، والتمسك بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما تحمله من معانٍ عظيمة ومقامات عالية في العبودية.
فضل الدعاء وفوائده
إن للدعاء أهمية كبيرة، وفضائل عظيمة، وفوائد كثيرة، ومن هذه الفضائل والفوائد:
-الدعاء طاعة لله -عزّ وجلّ-، وامتثال لأمره؛ حيث أمر به، فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره. تجنب الكبر؛ حيث قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ»، فلما أمر الله بالدعاء جعله عبادة، ووصف بتارك هذه العبادة بأنه مستكبر، والإنسان السويّ لا يستكبر عمّن خلقه، ورزقه، وأحياه.
-الدعاء أكرم شيء على الله، وقد ورد ذلك عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وقيل إن ذلك يدل على قدرة الله وعجز الداعي.
-الدعاء من الأمور المحبوبة إلى الله تعالى.
-سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور.
-سبب لاجتناب غضب الله؛ فمن لم يسأل الله ويدعوه فإنه يغضب عليه.
-دليل التوكل على الله، حيث إن أساس التوكل على الله هو اعتماد القلب عليه، ويتجلى التوكل في الدعاء، حيث يكون الداعي مستعينًا بالله، مفوضًا أمره إليه.
-السلامة من العجز، وفيه الدليل على الكياسة، فأضعف الناس همة وأعماهم بصيرة من كان عاجزًا عن الدعاء.
أسباب استجابة الدعاء
إن أسباب استجابة الدعاء كثيرة ومتنوعة ومنها:
1-عبادة الله - سبحانه وتعالى- والقيام بالواجبات من صلاة وصوم والإكثار من صلاة النوافل .
2-الدعاء بما هو خير وعدم الدعاء بقطع الأرحام أو الإثم أو القطيعة.
3-الاستغفار والتوبة من الذنوب.
4-حضور القلب بالدعاء والتضرع والخشية من الله واستشعار عظمته.
5-الدعاء بأسمائه الحسنى وصفاته وعدم الشرك به.
6-العمل الصالح وبر الوالدين.
7-الابتعاد عن المحرمات.
8-الإلحاح بالدعاء من الله - سبحانه وتعالى-.
9-استقبال القبلة ورفع اليدين أثناء الدعاء.
10-الدعاء للمؤمنين بخير الدنيا والآخرة، فمن دعا لغيره بالخير له مثل ما دعا.
11-الإكثار من قول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
سنن الدعاء
من سنن الاستجابة:
1-رفع اليدين عند دعاء الله تعالى.
2-عدم الاستعجال في انتظار الإجابة.
3-اجتناب الأكل الحرام، وفي الحديث: «ذكَرَ الرَّجُلَ يُطيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغبَرَ، يَمُدُّ يديهِ إلى السماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَشْرَبُهُ حرَامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وغُذِيَ بالحَرَامِ، فأنى يُستَجَابُ لذلكَ».
4-افتتاح الدعاء بحمد الله تعالى والصلاة على نبيه الكريم.
5-التوسل إلى الله بأسمائه العلى وصفاته الحسنى.
6-التوسل بالأعمال الصالحة، وتحين أوقات استجابة الدعاء مثل الثلث الأخير من الليل، وأدبار الصلوات، وبين الآذان والإقامة.
أنواع الدعاء
الدعاء نوعان؛ وهما دعاء في العبادة؛ وهو هداية من الله لعباده المؤمنين وذلك بالتوسل إلى الله سبحانه وتعالى لجلب منفعة أو إبعاد مضرة، ويكون على ثلاث حالات قبل البدء بعمل ما وطلب العون من الله، وقد يكون خلال العمل للتثبيت فيه، وقد يكون بعده اعترافًا بفضل الله والاستغفار للتقصير في عبادته.
أما النوع الثاني فهو دعاء المسألة لقضاء الحاجات؛ وهو الدعاء بجلب نفع أو إبعاد مضرة، ويكون للأمور الدنيوية، ولا يعني استجابته محبة الله ونيل رضوانه، وإنما رحمة من الله لمن دعاه به.
كيف يستجاب الدعاء بسرعة
إذا أردت أن يستجاب الدعاء بسرعةفعليك بفعل آداب الدعاء وأسباب الإجابة:
1- الإخلاص لله.
2- أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بذلك.
3- الجزم في الدعاء واليقين بالإجابة.
4- الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال.
5- حضور القلب في الدعاء.
6- الدعاء في الرخاء والشدة.
7- لا يسأل إلا الله وحده.
8- عدم الدعاء على الأهل، والمال، والولد، والنفس.
9- خفض الصوت بالدعاء بين المخافتة والجهر.
10- الاعتراف بالذنب والاستغفار منه والاعتراف بالنعمة وشكر الله عليها.
11- عدم تكلف السجع في الدعاء.
12- التضرع والخشوع والرغبة والرهبة.
13- رد المظالم مع التوبة.
14- الدعاء ثلاثًا.
15- استقبال القبلة.
16- رفع الأيدي في الدعاء.
17- الوضوء قبل الدعاء إن تيسر.
18- أن لا يعتدي في الدعاء.
19- أن يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره «قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بدأ بنفسه بالدعاء وثبت أيضًا أنه لم يبدأ بنفسه كدعائه لأنس، وابن عباس، وأم إسماعيل، وغيرهم».
20- أن يتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أو بعمل صالح قام به الداعي نفسه، أو بدعاء رجل صالح حي حاضر له.
21- أن يكون المطعم والمشرب والملبس من حلال.
22- لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
23- أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
24- الابتعاد عن جميع المعاصي.