قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

هل يجوز لبس السلاسل الفضة للرجال ؟ اعرف آراء الفقهاء ودار الإفتاء تحسم

حكم لبس السلاسل الفضة للرجال
حكم لبس السلاسل الفضة للرجال

 حكم لبس السلاسل وأساور الفضة للرجال؟ لبس السلسلة من الفضة يختلف حكمه باختلاف أعراف البلدان، ومن المقرر شرعًا أنه يَحْرُمُ على الرجال التَّحَلِّي بالذهب، وأما تحَلِّي الرجال بالفضة فيباح للرجل اتخاذ خاتم من فضة، أو تحلية سيفه ومصحفه، كما أَنَّه لا مانع شرعًا من لبس الرَّجُل سلسلة من الفضة؛ لما ورد من إجازة جماعة من الفقهاء، إذا كان ممَّا لا يختص بالنساء عُرْفًا، وليس فيه دلالة على التَّخَنُّث؛ وإلَّا فلا، ويتأكَّد الجواز إذا كان لحاجةٍ معتبرة؛ كأن يكون فيها تعريفه وعنوانه لمَن يحتاج إلى ذلك.

حكم لبس الرجل سلسلة من الذهب أو الفضة
 

أجاب الشيخ أحمد عبد العظيم، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول حكم لبس السلاسل الفضة للرجال، وهل الفضة محرمة على الرجال مثل الذهب والحرير.

حكم لبس السلاسل الفضة للرجال

وأوضح خلال تصريح، أن الفضة ليست محرمة على الرجال مثل الذهب والحرير، فقد أمسك النبي صلى الله عليه وسلم بالذهب والحرير وقال: "هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها"، أما الفضة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم بها، وكان خاتمه من فضة.

وأضاف أن لبس السلسلة من الفضة يختلف حكمه باختلاف أعراف البلدان، فإن كان العرف في بلد ما أن السلاسل يلبسها النساء فقط، فإن ارتداء الرجل لها يكون فيه تشبه بالنساء، ويأتي التحريم من هذه الجهة.

وأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال"، لذلك إن كان في عرف البلد أن السلسلة من خصائص النساء، فلا يجوز للرجل ارتداؤها، ويجب تركها.

وقال: إن الحرمة هنا ليست بسبب مادة الفضة، بل بسبب التشبه بالنساء، لذا ينبغي للمسلم مراعاة العرف السائد في بلده عند اختيار ما يلبسه.

 

حكم التحلي بالذهب والفضة للرجال


قالت دار الإفتاء: إن من المتفق عليه شرعًا؛ أنَّه يَحْرُمُ على الرجال التَّحَلِّي بالذهب، فالتَّحلِّي به من زينة النساء؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ» رواه أحمد في "المسند"، والترمذي في "السنن"-واللفظ له-، وصححه، والنسائي في "المجتبى".

وأوضحت دار الإفتاء، أن الحديث دليلٌ على إباحة الذهب للنساء دون الرجال، وعلى ذلك وقع الإجماع؛ قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (14/ 65، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمع المسلمون على إباحة خاتم الذهب للنساء وأجمعوا على تحريمه على الرجال].. هذا في الذهب؛ أَمَّا الفضة فتحلي الرَّجُل بها تختّمًا أو تحلية لسيفه، أو مصحفه جائز باتفاق الفقهاء، والأصل في ذلك ما ورد في "الصحيحين" عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم اتخذ خاتمًا من وَرِق -أي فضة- نقشه "محمد رسول الله".

ونقلت دار الإفتاء قول الإمام -ابن رشد الجد- القرطبي في "المقدمات الممهدات" (3/ 430، ط. دار الغرب): [وأما التختم بالفضة فإنه جائز مباح للرجال والنساء، لا كراهة فيه عند عامة العلماء من السلف والخلف].. وقال الإمام شمس الدين ابن قدامة في "الشرح الكبير على المقنع" (7/ 35، ط. دار الكتاب العربي): [يُباح للرجال خاتم الفضة؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم اتخذ خاتمًا من ورق. متفق عليه. ويباح حلية السيف من القبيعة وتحليتها؛ لأن أنسًا رضي الله عنه قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضة].

وأفادت دار الإفتاء: وعلى هذا التفصيل، فلبس الرَّجُل للسلسلة الذهبية في رقبته داخلٌ في نطاق التحريم السابق ذكره، فهو مِن قبيل التَّحَلِّي الذي يختص بالنساء، لا يشاركهن في ذلك الرَّجُال.

آراء الفقهاء في لبس الرجل سلسلة من الفضة

وتابعت: أمَّا لبس الرَّجُل لسلسلة الفضة في رقبته، فالحنفية قَصَروا جواز تَحلِّي الرَّجُل بالفضة على الخاتم أو الحلية للسيف أو المصحف خاصة، والمالكية والشافعية والحنابلة نصوا على حُرْمة أن يكون الطَّوْق للرجل من الفضة، وهو ما يُفْهَم من قَصْر الحنفية السابق للجواز.

والطَّوْق -كما يُعرِّفه أهل اللغة-: حبلٌ يكون في العنق، ويُجعل فِي أَعْنَاق الصبيان. ينظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (2/ 925، ط. دار العلم للملايين)، و"لسان العرب" لابن منظور (10/ 231، ط. دار صادر). وهذا هو معنى السلسلة التي تُلبَس في الرقبة.

قال العلامة علاء الدين السمرقندي في "تحفة الفقهاء" (3/ 342، ط. دار الكتب العلمية): [وأَمَّا استعمال الذهب والفضة بطريق التَّحلِّي فمباح في حق النساء، وفي حق الرجال حرامٌ، سوى التختم بالفضة] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (6/ 358، ط. دار الفكر): [(ولا يَتحلَّى) الرَّجُل (بذهب وفضة) مطلقًا (إلَّا بخاتم ومنطقة وحلية سيف منها)، أي: الفضة؛ إذا لم يرد به التزين] .

وقال الإمام شهاب الدين النفراوي في "الفواكه الدواني" (2/ 309، ط. دار الفكر): [ويُعْلَم مِن قَصْر الجواز على الخاتم: حرمة الطوق والدملج من الفضة للرجال] .

وقال الإمام الرافعي في "فتح العزيز" (6/ 28، ط. دار الفكر): [يجوز للرجل التَّختُّم بالفضة؛ لما روى أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم اتخذ خاتمًا من فضة. وهل له لبس ما سوى الخاتم من حُلي الفضة؛ كالسوار، والدملج، والطوق؟ لفظ الكتاب يقتضي المنع؛ حيث قال: ولا يحل للرجال إلَّا التختم به، وبه قال الجمهور، وقال أبو سعيد المتولي: إذا جاز التَّختُّم بالفضة، فلا فرق بين الأصابع وسائر الأعضاء؛ كحلي الذهب في حق النساء، فيجوز له لبس الدملج في العضد، والطوق في العنق، والسوار في اليد وغيرها، وبهذا أجاب المصنف في "الفتاوى"، وقال: لم يثبت في الفضة إلَّا تحريم الأواني، وتحريم التَّحلِّي على وجه يتضمن التشبه بالنساء].

وقال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 262، ط. المكتب الإسلامي): [أَمَّا الفضة: فيجوز للرجال التختم بها، وهل له لبس ما سوى الخاتم من حلي الفضة؛ كالدملج، والسوار، والطوق؟ قال الجمهور: يحرم، وقال صاحب "التتمة" والغزالي في "فتاويه": يجوز؛ لأنَّه لم يثبت في الفضة إلَّا تحريم الأواني، وتحريم التحلي على وجه يتضمن التشبيه بالنساء].

وقال الإمام شمس الدين ابن قدامة في "الشرح الكبير" (2/ 611، ط. دار الكتاب العربي): [ويحرم على الرجل خاتم الذهب؛ لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه، وكذلك طوق الفضة؛ لأنه غير معتاد في حقه] .

مذهب جماعة من الفقهاء في لبس الرجل سلسلة من الفضة


بينما ذهب جماعةٌ من الفقهاء إلى جواز لبس الطَّوْق للرجل من فضة، وهو ما ذهب إليه المتولي والغزالي من الشافعية، حيث قالا بجواز لبس الرجال للأساور والسلاسل من فضة قياسًا على الخاتم، حيث إنَّه لا فَرْق بين الأصابع وسائر الأعضاء، بشرط ألَّا يكون فيه معنى التَّشبُّه بالنساء، لأنَّ تحريم الفضة لم يثبت إلَّا في الأواني، أو ما كان فيه معنى التَّشبُّه بالنساء.

وهو أيضًا ما ذهب إليه الإمام أحمد في رواية، وهو مذهب الظاهرية، واختاره بعض المتأخرين؛ كالشوكاني، وابنِ تيميَّة، وابنِ القَيِّم. ينظر: "المغني" لابن قدامة (4/ 229، ط. دار عالم الكتب)، و"مجموع الفتاوى" لابن تيمية (25/ 65، ط. مجمع الملك فهد)، و"زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم (4/ 320، ط. مؤسسة الرسالة)، و"المُحلَّى بالآثار" لابن حزم (9/ 246، ط. دار الكتب العلمية)، و"السيل الجرار" للشوكاني (ص: 734، ط. دار ابن حزم).

ويتضح مِن التعليلات السابقة في نصوص الفقهاء: أنَّ حرمة لبس الطَّوْق للرجال مبناه على كونه غير معتاد اللبس –كما عَبَّر به الإمام شمس الدين ابن قدامة من الحنابلة-، وكونه يتضمن التَّشبُّه بالنساء –كما عَبَّر به الإمام النووي من الشافعية-، ومعنى هذا: بناء الحكم فيه على العرف والعادة، لا سيما وأنَّ أمر اللباس والزينة من أمور العادات، وفي ذلك يقول العلامة الشبراملِّسي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (2/ 374، ط. دار الفكر): [وما أفاده -أي الإسنوي- من أنَّ العبرة في لباس وزيِّ كلٍّ من النوعين حتى يحرم التشبه به فيه بعُرف كل ناحية: حسنٌ. اهـ].

وتماشيًا مع ذلك؛ ومع تَغَيُّر الأعراف والعادات، فالذي تقتضيه القواعد هو القول بجواز لبس السلسلة الفضة للرجال، لا سيما وأنَّ السلسلة الرجالية المصنوعة من الفضة في زماننا يتم ارتداؤها لأغراض طبية متعددة غير الزينة، كما في حالات مريض آلزهايمر مثلًا؛ فإنه يحتاج إلى ارتداء سلسلة تتضمن معلومات عنه، وكذلك مَن كانت لديه ومضات سلبية تخرج مِن جسده، فيمكنه ارتداء سلسلة من فضة؛ لمعادلة طاقة الجسم بحسب توجيه الأطباء في ذلك.

ومعنى هذا أنَّه لو اعتاد الناس في بلدٍ أو ناحيةٍ على اختصاص النساء بلبس سلاسل الفضة دون الرجال؛ فيعود الحكم الأول حينئذٍ، وهو حُرمة لبس الرجال للسلاسل الفضة تماشيًا مع العرف والعادة؛ ضرورة أنَّ "الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا".

المختار للفتوى في هذه المسألة


حسمت دار الإفتاء المختار للفتوى: هو قول مَن أجاز من الفقهاء، ولا يُتورَّك على هذا الجواز بأنَّ لبس الرَّجُل لسلسلة الفضة فيه تَشبُّه مقصود بالنساء، وهو داخل في اللعن الوارد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرَّجُل يلبس لِبْسَة المرأة، والمرأة تلبس لِبْسَة الرجل". أخرجه أحمد في "المسند"، وأبو داود وابن ماجه في "السنن"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وصَحَّحه ابن حبان والحاكم.

ومَلحَظ عدم صحة التَّورك أنَّ محل اللعن والحرمة إذا تحقَّق أمران:

الأول: أن يكون التشبّه مقصودًا؛ بأن يتعمد الرجل فعل ما يكون من شأن النساء، وأن تتعمد المرأة فعل ما يكون من شأن الرجال، أما مجرد التوافق بدون قصد وتعمد فلا حرج فيه، فالناس بأجناسها تتفق في أمور مشتركة؛ كاستعمال أدوات الأكل وركوب الطائرات وما إلى ذلك.

فإذا انتفى القصد كان الفعل تشَابُهًا لا تشبُّهًا، ولا حَرج في التشابه فيما لم يُقصَد.

والأمر الثاني: أن يكون التشبه في شيء هو من خصائص الجنس الآخر، ومعيار ذلك الدين، أو الطَّبع والجِبِلَّة، أو العرف والعادة، وكثير من التشبه يكون في ذلك في أول الأمر، حيث يوجد القصد والتعمد والإعجاب، ثم بعد ذلك يصير شيئًا مألوفًا لا شذوذ فيه، ولا يُعَدّ تشبهًا مذمومًا.

والأمران منتفيان في لبس الرَّجُل لسلسلة الفضة، فإذا جرت عادة الناس بلبس الرجال لسلاسل الفضة، وكان ذلك من غير قصدِ التشبه بالنساء فلا مانع منه شرعًا؛ لتغير الأعراف بين الناس، ولانتفاء قصد التشبه بالنساء، إضافة إلى أنَّ القول بخصوص التَّشبُّه بالنساء في لبس السلسلة وكونها غير معتاد على اللبس- منقوضٌ باعتياد لبسها من جانب الرجال مع وجود مسميات رجالية لأصناف هذه السلاسل، فالتَّشبُّه بالنساء في لبسها منتفٍ لذلك.

وختمت دار الإفتاء، قائلة: بناء على ذلك: فإنه يَحْرُمُ على الرجال التَّحَلِّي بالذهب، وأما تَّحَلِّي الرجال بالفضة فيباح للرجل اتخاذ خاتم من فضة، أو تحلية سيفه ومصحفه، كما أَنَّه لا مانع شرعًا من لبس الرَّجُل سلسلة من الفضة؛ لما أجازه جماعة من الفقهاء، إذا كان مما لا يختص بالنساء عُرْفًا، وليس فيه دلالة على التَّخَنُّث؛ وإلَّا فلا، ويتأكَّد الجواز إذا كان لحاجةٍ معتبرة؛ كأن يكون فيها تعريفه وعنوانه لمَن يحتاج إلى ذلك.