قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

فخري الفقي في حواره لـ« صدى البلد»: مصر تستهدف معدل نمو 7% بحلول 2030.. القطاع الخاص يقود الاستثمارات.. استقرار الدولار رهين بالبرنامج الاقتصادي.. ورأس المال البشري مفتاح النمو المستدام للدولة

 فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب خلال حواره لـ« صدى البلد»
فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب خلال حواره لـ« صدى البلد»

الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة في حواره لـ« صدى البلد»:-

  • النمو الحقيقي للاقتصاد المصري يتجاوز المستهدف بنحو 0.2٪
  • القطاع الخاص يهيمن على استثمارات مصر المتوقعة بـ63٪ .. والحكومة تراهن على مرونته لتعزيز النمو
  • خطة الدولة الجديدة تستهدف نموًا يتجاوز 4.5%
  • الناتج المحلي لمصر يرتفع إلى 17.3 تريليون جنيه بعد تحرير سعر الصرف
  • الاستثمارات الخاصة تتصدر المشهد الاقتصادي
  • مشاورات المادة الرابعة ضمانة لصندوق النقد حال تبني مسار اقتصادي مستقل
  • مصر تحافظ على التزاماتها مع صندوق النقد رغم التفكير في بدائل تمويلية
  • قوانين جديدة للتخطيط والمالية تدعم الإصلاحات الاقتصادية
  • مصر تتحول نحو تخطيط متوسط الأجل بدعم من صندوق النقد الدولي
  • 9 مؤشرات تكشف تعافي الاقتصاد المصري وتوقعاته المستقبلية
  • رفع كفاءة الإنتاجية ودعم القطاعات التصديرية.. الطريق لمضاعفة الاقتصاد
  • استقرار سعر الدولار وسط تدفقات نقدية و الضغوط المستقبلية رهينة بالبرنامج الاقتصادي
  • تعظيم موارد النقد الأجنبي ودعم القطاعات الإنتاجية أولوية المرحلة
  • الاستثمار في التعليم والصحة ركيزة أساسية لتحقيق نمو أكثر استدامة 
  • تنمية رأس المال البشري وبناء الإنسان مفتاح استقرار العملة و النمو الحقيقي
  • دعم القطاعات الإنتاجية مفتاح تعزيز النقد الأجنبي

في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة والتي يعيشها العالم أجمع، بدأ الاقتصاد المصري يستعيد عافيته ويثبت أقدامه على مسار النمو المستدام، حيث كشفت مؤشرات الأداء الاقتصادي عن تجاوز النمو الحقيقي المستهدف، وارتفاع حجم الاستثمارات، حيث تسعى الحكومة إلى تعزيز هذه الاستثمارات من خلال سياسات مالية ونقدية متوازنة، وإصلاحات هيكلية تدعم الاستثمارات المحلية والأجنبية، إلى جانب قوانين جديدة للتخطيط والمالية تواكب رؤية مصر  2030.


وبالتزامن مع هذه الأحداث قام موقع “صدى البلد” الإخباري، بإجراء حوار مع الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب،وضح خلاله تصورات عدة تجاه السياسات الاقتصادية، وأولويات دعم القطاعات الإنتاجية، وتعظيم موارد النقد الأجنبي، فضلاً عن التوازن بين الاستقرار النقدي وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.

وعن الدعوة لتبني مسار اقتصادي مستقل، أكد" الفقي" خلال حواره  لـ"صدى البلد" أن التعاون مع صندوق النقد الدولي، عبر مشاورات المادة الرابعة، يظل جزءًا من آليات ضمان استقرار الاقتصاد وجذب الثقة الاستثمارية، حتى في ظل التفكير في تبني مسارات اقتصادية مستقلة.

وإلى نص الحوار :


- ما تقيّيمكم لتصريحات محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية والمدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد المصري لم يحقق نمواً يذكر منذ 2015 رغم برامج الإصلاح الاقتصادي؟


مع اقتراب انتهاء برنامج التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولي في 15 أكتوبر من العام المقبل، برزت مؤشرات متباينة حول معدلات النمو الاقتصادي المحققة والمستهدفة.

ففي الوقت الذي وضعت فيه وزارة التخطيط خطتها للعام المالي 2024/2025 على أساس تحقيق معدل نمو قدره 4 %، أظهرت مراجعة صندوق النقد أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي بلغ 4.2٪، بعد استبعاد أثر تغيرات الأسعار واحتساب الإنتاج بالكميات الحقيقية.

و فيما يخص العام المالي الجاري 2025/2026، أوضحت وزارة التخطيط أن معدل النمو المستهدف يبلغ 4.5%، وهو معدل "مقدر" نظرًا لعدم انتهاء العام بعد، حيث قطعت الموازنة حتى الآن ثلاثة أشهر فقط (يوليو – سبتمبر).


وتعتمد الحكومة في تقديراتها على زيادة حجم الاستثمارات، إذ بلغت الاستثمارات العام الماضي نحو 2.1 تريليون جنيه، بينما تستهدف هذا العام 3.5 تريليون جنيه، منها 1.2 تريليون استثمارات عامة و2.3 تريليون استثمارات خاصة.


دور القطاع الخاص

وتشير البيانات إلى ارتفاع مساهمة القطاع الخاص في الاستثمارات من 35 % قبل عامين إلى 50 % في العام الماضي، وصولًا إلى 63 % متوقعة هذا العام، مقابل 37% فقط للقطاع العام.


كما ترى الحكومة أن هذا الاتجاه يعكس خطوة إيجابية، حيث يتمتع القطاع الخاص بمرونة أكبر وقدرة على مواجهة الأزمات مقارنة بالشركات والهيئات العامة التي تعاني من البيروقراطية.


وبحسب وزارة التخطيط، فإن برنامج الإصلاح الاقتصادي يتضمن رفع معدل النمو تدريجيًا ليصل إلى 5% في العام المالي 2026/2027، و5.5% في 2027/2028، وصولًا إلى 7% في العام المالي 2029/2030، مدفوعًا بالزيادة المتوقعة في حجم الاستثمارات العامة والخاصة.

البيانات الرسمية كشفت أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر بالأسعار الجارية بلغ نحو 13.9 تريليون جنيه خلال العام المالي 2023/2024، وهو ما يعادل نحو 448 مليار دولار عند متوسط سعر صرف 31 جنيهًا للدولار قبل تحرير سعره  في مارس 2023.


وأوضحت البيانات أن الناتج المحلي الإجمالي يقيس إجمالي ما أنتجته الدولة من سلع وخدمات بأسعارها الجارية، دون استبعاد أثر تغيرات الأسعار.


أما في العام المالي الماضي 2024/2025، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية إلى 17.3 تريليون جنيه، وذلك بعد تحرير سعر الصرف في مارس 2023، حيث بلغ متوسط الدولار نحو 50 جنيهًا خلال الفترة محل القياس.

البيانات الرسمية أظهرت أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر بالأسعار الجارية خلال العام المالي 2023/2024 بلغ نحو 13.9 تريليون جنيه، وهو ما يعادل 448 مليار دولار بعد احتساب متوسط سعر الصرف عند 31 جنيهًا للدولار قبل تحريره في مارس 2024.

وخلال العام المالي الماضي 2024/2025 ارتفع الناتج المحلي الإجمالي ليسجل نحو 17.3 تريليون جنيه، في وقت بلغ متوسط سعر الصرف نحو 50 جنيهًا للدولار، بعد قرار تحرير العملة.

وتشير تقديرات وزارة التخطيط إلى أن معدل النمو المستهدف للعام المالي الحالي 2025/2026 يبلغ 4.5%، مقارنة بـ 2.4% فقط وفق تقديرات صندوق النقد الدولي للعام السابق، على أن يرتفع تدريجيًا إلى 5% في العام المالي 2026/2027 ثم 5.5% في العام الذي يليه، وصولًا إلى 7% بحلول 2029/2030.


وتعول الحكومة على زيادة حجم الاستثمارات، التي ارتفعت إلى نحو 3.2 تريليون جنيه هذا العام، منها 2 تريليون جنيه استثمارات خاصة، وهو ما يعكس توجهًا واضحًا لإفساح المجال أمام القطاع الخاص الذي يُنتظر أن يشكل 63% من إجمالي الاستثمارات خلال الفترة المقبلة مقابل 37 % فقط للاستثمارات العامة.

- ما رأيك في دعوته إلى تبني مسار اقتصادي بديل عن الصندوق؟ وهل هناك خطط برلمانية لمناقشة بدائل تمويلية وتنموية؟

مصر باعتبارها عضوًا في صندوق النقد الدولي، ملزمة بإجراء ما يُعرف بـ "مشاورات المادة الرابعة"، والتي تنص على أن يقوم وفد من خبراء الصندوق بزيارة كل دولة عضو مرة واحدة على الأقل سنويًا، أو كل عام ونصف، لمراجعة أوضاعها الاقتصادية وإصدار تقرير علني عنها والتأكد من عدم وجود مشكلات قد تؤثر على استقرار الاقتصاد العالمي أو نظام النقد الدولي.

وهنا أوضح أن الحديث عن مسار اقتصادي بديل لا يلغي دور الصندوق، إذ سيظل يراقب أداء الاقتصاد المصري ويصدر تقريرًا دوريًا حوله، باعتباره الاستشاري الدولي الذي يمنح شهادة ثقة تساعد الدول في جذب التمويل والاستثمارات، حتى من جانب الأشقاء.

كما أود أن أوضح أن الصندوق ليس دوره فقط التمويل، بل أيضًا تقديم مساعدات فنية واستشارية، ويظل في أوقات الأزمات والصدمات المالية العالمية الجهة المرجعية التي يمكن اللجوء إليها.


وهنا أشدد على أن المطلوب من الاقتصاد المصري حاليًا خلق موارد نقد أجنبي مستدامة من خلال قطاعات عدة أهمها الزراعة، والصناعة التحويلية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى جانب السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، باعتبارها المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي.


كما أود الإشارة إلى أنه حتى في حال تبني مسار بديل، فإن الصندوق سيظل حاضرًا عبر مشاورات المادة الرابعة، لأن هذه المشاورات التزام دولي لا يمكن تجاوزه، كما أن الاستثمارات الأجنبية لن تأتي إلا في ظل برنامج إصلاح واضح يمنح طمأنينة للأسواق والمستثمرين.

والحديث عن مسار اقتصادي بديل لا يعني إعفاء مصر من هذه المشاورات، حيث يظل الصندوق ملزمًا بإصدار تقرير دولي يتناول نقاط القوة والضعف في الاقتصاد، حتى لو لم تطلب الحكومة تمويلًا أو دعمًا فنيًا.


ويعتبر رفض استقبال بعثة الصندوق تحت بند "الاعتبارات الأمنية" سيكون له ثمن سياسي واقتصادي كبير، قائلا: "التقرير سيُعرض على المجتمع الدولي، وإذا تضمن انتقادات فهذا طبيعي، لكن رفض المشاورات من الأساس يبعث برسالة سلبية قد تُضعف الثقة في الاقتصاد المصري وتثير مخاوف المستثمرين والشركاء".

وبالنظر إلى تجربة مصر في التسعينيات، نجد أنها تؤكد أهمية دور الصندوق، موضحًا أن برنامج 1991–1993 نجح بعد أزمة غزو الكويت بفضل التمويل الفني والمالي المقدم من الصندوق، وهو ما أعطى الاقتصاد المصري شهادة ثقة أمام العالم.


صندوق النقد الدولي ليس مؤسسة خيرية بل كيان دولي تحكمه توازنات سياسية واقتصادية، حيث تمتلك الولايات المتحدة وحدها 17% من حصص التصويت، بينما تمتلك الدول الخمس الكبرى مجتمعة (أمريكا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، الصين) أكثر من 40 %، مما يمنحها قدرة حاسمة على تمرير أو رفض أي برنامج.


و حتى لو لم نطلب تمويلًا، فإن متابعة الصندوق لبرنامج الإصلاح تمنح الاقتصاد المصري مصداقية دولية، أما محاولة استبعاده تمامًا فقد تُفسَّر كرسالة غير مطمئنة، وهو ما لا يخدم مصالح مصر في ظل بيئة اقتصادية عالمية مليئة بالأزمات والصدمات.


- هل ترى أن برنامج صندوق النقد الدولي ساهم فعلاً في تحسين مؤشرات الاقتصاد المصري، أم أنه حدَّ من قدرته على النمو؟



برنامج صندوق النقد ساهم في دعم الإصلاحات، ليس فقط عبر التمويل، بل من خلال تحديث الإطار التشريعي الحاكم للسياسات الاقتصادية.


فقد شهد عام 2022 صدور قانون المالية العامة الموحد (رقم 6 لسنة 2022) الذي دمج بين قوانين إعداد وتنفيذ الموازنة العامة، بما يعزز الشفافية والانضباط المالي.

قانون التخطيط العام الصادر بالقانون رقم 18 لسنة 2022) والذي ألزم وزارة التخطيط بإرسال خطة التنمية الاقتصادية السنوية مرفقة برؤية ثلاثية للسنوات التالية، لتتحول مصر إلى إطار متوسط الأجل في التخطيط والموازنة (من 2027 حتى 2030).


وعن المؤشرات النمو المستقبلية: فوفقاً لتقرير وزارة التخطيط، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو تدريجياً من 4.5% حالياً إلى 5% ثم 5.5% وصولاً إلى 6% خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وهو ما يراجع صندوق النقد أداؤه بشكل دوري ضمن مؤشرات المتابعة.


وهنا أود القول، إذا كانت مصر لا زالت ضمن الشريحة المتوسطة من حيث الدخل، فإن التحسن في 9 مؤشرات أساسية، بحسب تقييمات المؤسسات الدولية يعكس أن برنامج الإصلاح بالتعاون مع صندوق النقد الدولي أسهم في تعزيز التعافي الاقتصادي وخلق أرضية أكثر صلابة للنمو المستدام.


وهناك 9 مؤشرات تعكس تعافي الاقتصاد المصري، والتي جاءت كالآتي:


أولا -  مؤشرات حقيقية / اقتصادية  وتنقسم إلى


-  الناتج المحلي الإجمالي

الاقتصاد المصري حقق نمواً فعلياً بنسبة 4.2% خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن يسجل 4.5% خلال العام الجاري، مع ارتفاع تدريجي في الأعوام المقبلة ليصل إلى 5% ثم 5.5% و6%، ما يعكس مساراً صاعداً للنمو.

- التشغيل والبطالة


معدل البطالة انخفض إلى 6.4% بعد أن كان عند حدود 7%، وهو ما يعكس قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل جديدة تستوعب ما يقارب 900 ألف خريج سنوياً.


هذا التحسن تحقق بفضل التوسع في الاستثمارات العامة والخاصة التي عززت قدرة السوق على استيعاب الداخلين الجدد.

- الاستثمارات

شهدت الاستثمارات الكلية نمواً ملحوظاً، إذ ارتفعت من 1.8 تريليون جنيه إلى 2.1 تريليون جنيه، ومن المتوقع أن تصل إلى 3.2 تريليون جنيه خلال الفترة الحالية.

كما ارتفعت مساهمة الاستثمار الخاص من 35% قبل عامين إلى 50% العام الماضي، لتصل إلى 63% في العام الجاري، وهو مؤشر يعكس ثقة القطاع الخاص في الاقتصاد.


ثانياً: مؤشرات مالية خاصة بالموازنة وتنقسم إلى :


- عجز الموازنة

سجل العجز الكلي في الموازنة نسبة 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام قبل الماضي، وتراجع إلى 7.3% في العام الماضي ، فيما تستهدف الموازنة الحالية خفضه إلى نحو 7%، بما يعكس جهود الدولة في ضبط الإنفاق وتحسين كفاءة الإيرادات.


- الفائض الأولي

الفائض الأولي ارتفع بشكل ملحوظ، حيث بلغ 1.5% من الناتج المحلي في العام قبل الماضي، ثم صعد إلى 3.5% في العام الماضي، ويُقدَّر أن يصل إلى 4% خلال العام الجاري.

هذا الفائض يتم توجيهه بالأساس إلى سداد فوائد الدين العام، مما يخفف العبء على الموازنة.

- الدين العام


تراجعت نسبة الدين العام (المحلي والخارجي) من 96% من الناتج المحلي الإجمالي في العام قبل الماضي إلى 89% في العام الماضي، مع خطة لخفضها إلى 85% بنهاية العام الحالي، وهو ما يشير إلى تحسن تدريجي في هيكل الدين واستدامته.

ثالثاً: مؤشرات نقدية وتنقسم إلى:

 

_ سعر الصرف

شهد سعر صرف الجنيه المصري تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة؛ إذ ارتفع من 15.7 جنيه في فترة ما بعد كورونا إلى 21 ثم 27 جنيهاً مع قرارات التعويم في 2023.


وفي العام الجاري، وبفضل التدفقات القوية للنقد الأجنبي بعد صفقة رأس الحكمة، تم تحرير سعر الصرف مجدداً ليستقر في نطاق 48 – 51 جنيهاً، مما أسهم في إنهاء السوق الموازية.


هذا الاستقرار انعكس مباشرة على زيادة تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 86.5% عبر القنوات الرسمية.

- التضخم

بعد أن بلغ معدل التضخم ذروته عند 37.5% في سبتمبر 2023، واصل مساراً هبوطياً ليسجل 11.2% في أغسطس الماضي، وهو انخفاض واضح في حدة الضغوط التضخمية على المواطنين.


وتشير التوقعات إلى إمكانية تراجع التضخم إلى نحو 10% العام المقبل، مع استهداف البنك المركزي الوصول بالمعدل إلى نطاق 5 – 9%، وهو ما يعزز الاستقرار الاقتصادي.

- سعر الفائدة

مع انحسار التضخم، بدأ البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة تدريجياً، لتتراجع بمقدار 525 نقطة أساس (5.25%)، ما يمثل انفراجة للقطاع الخاص من خلال خفض تكلفة الاقتراض.


المؤشرات الاقتصادية الأخيرة رسمت صورة أوضح لحالة الاقتصاد المصري، الذي بدا وكأنه خرج من "غرفة الإنعاش" بعد أزمة خروج 22 مليار دولار من الأموال الساخنة، ليبدأ مرحلة تعافٍ تدريجي مدعومًا بتدفقات استثمارية كبرى، على رأسها 35 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة.


فبعد أن كان الاقتصاد في وضع بالغ الصعوبة، تشبهه الأوساط الاقتصادية بمريض تلقى "نقل دم" لإعادته للحياة، بدأت المؤشرات الكلية تعكس خطوات تعافٍ حقيقية، إذ تحولت معدلات النمو والتشغيل والاستثمار إلى مسار صاعد، وتراجعت مؤشرات العجز والدين، بجانب تحسن مستويات التضخم وسعر الصرف، وانخفاض أسعار الفائدة.

لتنتقل مصر بذلك من مرحلة الأزمة الحادة إلى مسار تعافٍ تدريجي، مع توقعات بتسريع وتيرة النمو خلال الـ 5 سنوات  المقبلة ضمن السردية الوطنية للنمو، مع توقعات أكثر تفاؤلاً بآفاق الاقتصاد على المدى المتوسط.


- هل ترى أن السياسات الحالية قادرة على مضاعفة حجم الاقتصاد أربع مرات كما توقع محيي الدين، أم أننا بحاجة لإصلاحات هيكلية أعمق؟

من الصعب الاعتماد على السياسات الحالية وحدها لتحقيق قفزة بهذا الحجم في الاقتصاد، صحيح أن هناك جهودًا ملموسة في مجال البنية التحتية، وتوسيع قاعدة الاستثمار، وتبني سياسات مالية ونقدية أكثر انضباطًا، لكنها ليست كافية بمفردها لمضاعفة حجم الاقتصاد أربع مرات خلال فترة وجيزة.

ما نحتاجه هو إصلاحات هيكلية أعمق، ترتكز على رفع كفاءة الإنتاجية، ودعم القطاعات التصديرية، وتوسيع قاعدة التصنيع المحلي، بجانب إصلاح منظومة التعليم والصحة لبناء رأس مال بشري مؤهل.

- في ضوء الأوضاع الاقتصادية الحالية.. ما توقعاتكم لمستقبل سعر الفائدة في مصر؟ وهل يمكن أن نشهد خفضاً قريباً؟


 التقديرات تشير إلى احتمال خفض إضافي بمقدار 3 – 4% بنهاية العام، بما يعني كسر مستوى 20% في الفائدة الأساسية، وهو ما يشجع على زيادة الاستثمارات وتوسيع خطوط الإنتاج.


لكن على المدى المتوسط، إذا استمرت التدفقات الدولارية وبدأ التضخم في التراجع بشكل ملموس، قد يفتح ذلك المجال أمام تخفيض تدريجي للفائدة لتحفيز الاستثمار والإنتاج.


حيث أن الأمر مرهون بتحسن المؤشرات الاقتصادية الحقيقية، خاصة معدلات النمو والقدرة على جذب استثمارات جديدة وتخفيف الضغط على ميزان المدفوعات.


- بالنسبة لسعر الدولار.. هل تتوقع استقرار سعر الصرف خلال الفترة المقبلة أم أن هناك ضغوطاً جديدة قد تؤثر عليه؟

سعر الصرف مستقر في الفترة الحالية، مدعومًا بوجود تدفقات من النقد الأجنبي، كما أن السعر الحالي يخضع لآليات العرض والطلب بشكل طبيعي.


لكن على المدى المتوسط – خلال العامين المقبلين – يصعب التنبؤ بشكل قاطع ما لم يكن هناك برنامج اقتصادي واضح يضع توقعات دقيقة، ومع ذلك يمكن القول إن السعر في الوقت الراهن عند مستوى مقبول.


أين تقف مصر على خريطة الدخول العالمية.. وهل أسهم صندوق النقد في الإصلاح؟

تحويل الناتج المحلي الإجمالي من العملة المحلية إلى الدولار يُعد بمثابة أداة أساسية للمقارنة بين الدول، خصوصاً عند حساب متوسط دخل الفرد وتصنيفه ضمن الشرائح المعتمدة دولياً.


تصنيفات البنك الدولي:

- الدول منخفضة الدخل: أقل من 1,100 دولار للفرد سنوياً.

- الدول متوسطة الدخل (الشريحة الدنيا والعليا): من 1,100 حتى 4,450 دولار للفرد.

وتندرج مصر ضمن هذه الفئة، بينما صعدت الصين إلى الشريحة العليا.

- الدول مرتفعة الدخل: أكثر من 13,500 دولار للفرد، وتشمل غالبية الدول الصناعية الكبرى وبعض دول الخليج الغنية بمواردها.


وبالتالي، فإن تحويل الناتج المحلي إلى الدولار يسمح بالمقارنة العالمية، بينما يتم حساب معدلات النمو الاقتصادي بالعملة المحلية دون الحاجة للتحويل.

- ما المقترحات التي يمكن أن يتبناها البرلمان لدعم زيادة التنافسية وتحفيز النمو الحقيقي في الاقتصاد؟


البرلمان يولي اهتمامًا كبيرًا بملف التنافسية الاقتصادية باعتباره أحد المحركات الأساسية للنمو المستدام.


ومن أبرز المقترحات التي يمكن تبنيها العمل على إصدار تشريعات تحفز الاستثمار وتزيل العقبات البيروقراطية، مع دعم القطاعات الإنتاجية القادرة على توليد النقد الأجنبي مثل الزراعة والصناعة التحويلية والتكنولوجيا والاتصالات.

كما يركز البرلمان على تشجيع الاستثمار في التعليم والصحة لتعزيز رأس المال البشري ورفع كفاءته الإنتاجية، بجانب تحسين بيئة الأعمال لجذب المستثمر المحلي قبل الأجنبي، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وزيادة معدلات النمو الحقيقي.


- ما الأولويات الاقتصادية العاجلة التي بدورها يمكن أن تسهم في تقليل الضغط على سعر الفائدة والصرف ؟

الأولوية في المرحلة الراهنة هي زيادة موارد النقد الأجنبي عبر تعظيم الصادرات ودعم القطاعات الإنتاجية التي تمتلك ميزة تنافسية.


و هناك حاجة ملحة لتعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال بيئة أعمال أكثر مرونة، وتقليل الاعتماد على الاقتراض الداخلي بما يخفف الضغط على أسعار الفائدة.


كما يمثل الاستثمار في التعليم والصحة وتطوير رأس المال البشري خطوة محورية لزيادة الإنتاجية وتحقيق نمو حقيقي ينعكس على استقرار العملة وتقليل الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة.


- ما رؤيتكم لضمان توافق السياسة المالية مع احتياجات النمو؟


التحدي الأكبر يتمثل في ارتباط الاقتصاد المصري بالدولار الذي يهيمن على أكثر من 58 % من احتياطي البنوك العالمية، ويظل العملة الرئيسية في تسوية المدفوعات الدولية، خاصة للسلع الأساسية كالقمح والبترول والذهب.


ورغم تراجع هذه الهيمنة مقارنة بما كانت عليه بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن الدولار ما زال مسنودًا بقوة الاقتصاد الأمريكي الذي يمثل نحو 26% من إنتاج العالم.


في المقابل، الجنيه المصري لا يزال عملة محلية بوزن محدود لا يتجاوز 0.4% من الناتج العالمي، وهو ما يجعلنا بحاجة ماسة لتعزيز قدرتنا الإنتاجية وزيادة الصادرات حتى نتمكن من توليد النقد الأجنبي.


ولتحقيق ذلك،  الاستثمار في رأس المال البشري عبر التعليم والصحة، لضمان رفع إنتاجية العامل المصري وتحويله من مجرد قوة بشرية إلى قوة إنتاجية حقيقية.

كما ينبغي التركيز على القطاعات ذات الميزة التنافسية مثل الزراعة، الصناعة التحويلية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، السياحة، وقناة السويس، مع توفير بيئة استثمارية جاذبة تتيح للقطاع الخاص المحلي أن يكون في المقدمة مما يجذب المستثمر المصري قبل الأجنبي.

وهنا أود التأكيد على أن السياسة المالية لن تنجح في خدمة النمو إلا إذا اقترنت بإصلاحات هيكلية في الإنتاجية، وتحفيز الاستثمار، وتحقيق التوازن بين استقرار العملة وتوليد موارد دولارية مستدامة.


منذ تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، شهد الجنيه المصري سلسلة من التراجعات أمام الدولار، انعكست بشكل مباشر على حجم الناتج المحلي الإجمالي عند قياسه بالدولار.


في 2015 ما قبل التعويم: كان سعر الصرف عند مستوى 8.80 جنيه للدولار، وهو ما أعطى للناتج المحلي صورة أكبر عند تحويله إلى الدولار.


وفي 2016  بدء الإصلاح الاقتصادي: بعد قرار تحرير سعر الصرف قفز الدولار إلى 15.70 جنيه تقريباً، ومع ذلك ظل الناتج محسوباً عند حدود 400 مليار دولار.


وفي 2021 – 2022: مع تصاعد الأزمات العالمية وخروج الأموال الساخنة ارتفع الدولار إلى حدود 21 جنيهاً، ما تسبب في ضغوط على الاقتصاد ونقص المعروض من النقد الأجنبي.


في عام 2023: شهد السوق سعرين؛ رسمي عند حدود 31 جنيهاً، بينما لامس في السوق الموازية 70 جنيهاً، قبل أن يتم توقيع اتفاقية "رأس الحكمة" والتي وفرت حصيلة دولارية كبيرة.


في عام 2024  التعويم الجديد: مع توافر احتياطيات كافية، جرى تحرير سعر الصرف ليقف عند متوسط 48 – 50 جنيهاً، وهو ما انعكس على الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، الذي تراجع من 448 مليار دولار إلى نحو 346 مليار دولار (أي انخفاض بحوالي 23%).


ورغم هذا التراجع، تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي خلال 2025/2026 قد يصل إلى ما يعادل 410 مليارات دولار إذا استقر سعر الصرف عند مستواه الحالي.


إذا ، الاقتصاد المصري سجل تراجعاً من 440 إلى 340 مليار دولار مع التعويم، ثم عاود الارتفاع إلى حدود 420 مليار دولار، أي أن المسار شهد هبوطاً بنحو 23% ثم صعوداً بنفس النسبة تقريباً، ما يعكس أن استقرار سعر الصرف يظل عاملاً حاسماً في تقييم حجم الاقتصاد أمام المجتمع الدولي.

- هل لدى البرلمان تصور أو توصيات يمكن أن تساعد في تحقيق توازن بين استقرار سعر العملة وتحفيز النمو؟

بالفعل، البرلمان يضع في اعتباره أن استقرار سعر العملة لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن دفع عجلة النمو الحقيقي.


هناك توصيات تركز على دعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة، والصناعة التحويلية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بجانب السياحة وقناة السويس، باعتبارها مصادر رئيسية للنقد الأجنبي.


كما أن تحفيز بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي يعد أولوية، مع التأكيد على أهمية مواءمة السياسة المالية مع احتياجات النمو، بما يضمن تحقيق التوازن بين استقرار العملة وزيادة التنافسية الاقتصادية.