قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن السنة الشريفة وردت فيها نصوص كثيرة في العدل والنهي عن الظلم، نذكر منه على سبيل التمثيل:ما رُوي عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ قال: «لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت، وإذا حكمت عدلت، وإذا استرحمت رحمت» [الطبراني في الأوسط].
وأضاف جمعة، أنه في قصة الصحابي الجليل بشير بن سعد، عندما أراد أن يهب لأحد أبنائه هبة، وقد ذهب إلى سيدنا رسول الله ﷺ ليشهده عليها، فقال ﷺ: «هل لك معه ولد غيره؟ قال: نعم. قال: فهل آتيت كل واحد منهم مثل الذي آتيت هذا؟ قال: لا. قال: فإني لا أشهد على هذا، هذا جور، أشهد على هذا غيري. اعدلوا بين أولادكم في النحل، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف» [صحيح ابن حبان].
وعن أنس بن مالك قال: أحدثك حديثًا ما أحدثه كل أحد: «إن رسول الله ﷺ قام على باب البيت ونحن فيه فقال: الأئمة من قريش، إن لهم عليكم حقًا، ولكم عليهم حق مثل ذلك؛ ما إن استرحموا فرحموا، وإن عاهدوا وفوا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» [مسند أحمد].
وإن من القسوة والجفوة وسوء الأخلاق وعلامات النفاق أن يُظَنَّ الظلم بميزان العدل، وهو سيدنا رسول الله ﷺ ، فقد جاء عن جابر بن عبد الله: «أن النبي ﷺ وهو يقسم غنيمة بالجعرانة إذ قال له رجل: اعدل. فقال له: لقد شقيت إن لم أعدل» [البخاري].
كما نهى النبي ﷺ عن الظلم في أكثر من حديث، فقد رُوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: «الظلم ظلمات يوم القيامة» [البخاري].
وبيّن النبي ﷺ أن منع الظالم عن ظلمه نصرٌ له، فجاء عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا. فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إن كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه عن الظلم، فإن ذلك نصره» [البخاري].
وقد ورد في الحديث القدسي فيما يرويه النبي ﷺ عن رب العزة سبحانه أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرَّمًا» [مسلم].
وقد سُئل النبي ﷺ: ما العصبية؟ فقال: «أن تعين قومك على الظلم» [أبو داود].
ومن الطرائف ومظاهر تمام العدل وإقامة الله حجته على خلقه ما يدور بين العبد وربه يوم القيامة؛ فقد قال أنس رضي الله عنه: «كنا عند رسول الله ﷺ فضحك، فقال: تدرون مم أضحك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: من مخاطبة العبد ربه؛ يقول: يا رب ألم تُجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى. قال: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني. قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا. قال: فيُختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله. ثم يُخلّى بينه وبين الكلام، فيقول: بُعدًا لكنَّ وسحقًا، فعنكن كنت أناضل» [مسلم].
وقد رُوي عن النبي ﷺ أنه قال: «بئس الزاد إلى المعاد: العدوان على العباد» [مسند أحمد].
وقال ﷺ: «ثلاث منجيات، وثلاث مهلكات؛ فأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا، وخشية الله في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر. وأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه» [رواه البيهقي وغيره].
وهذا قليل من كثير ورد في السنة المشرفة، ونرى فيما ذُكر من نصوص الكتاب والسنة الكفاية؛ فقد استبان الأمر بأن الله أمر بالعدل في الكتاب العزيز، والسنة المشرفة.