قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ثلج الملح.. ظاهرة جيولوجية فريدة في البحر الميت تربك العلماء| ما القصة؟

البحر الميت
البحر الميت

في أعماق البحر الميت، أخفض نقطة على سطح الأرض، تتكشف واحدة من أندر الظواهر الجيولوجية التي قد تغيّر فهم العلماء للتاريخ الطبيعي للكوكب، حيث أعلن فريق بحثي عن رصد تكوينات ملحية ضخمة في قاع البحر، فيما يُعرف بـ "العمالقة الملحية" (Salt Giants)، وهي ظاهرة لا تحدث إلا في هذا الموقع الفريد.

أندر الظواهر الجيولوجية

ووفقا لدراسة حديثة نشرتها مجلة Annual Review of Fluid Mechanics، تمتد هذه الرواسب أفقياً لعدة كيلومترات، فيما يتجاوز سُمك بعضها كيلومترا واحدا.

 ويرى الباحثون أن هذه التكوينات قد تحمل أدلة مهمة لفهم ماضي الأرض الجيولوجي، كما قد تساعد في التنبؤ بالتحولات البيئية المستقبلية، بحسب ما أورده موقع dailygalaxy.

تحولات بيئية أعادت تشكيل البحر

قبل ثمانينيات القرن الماضي، كان البحر الميت بحيرة مستقرة الطبقات مياه دافئة وأقل ملوحة على السطح، وأخرى أبرد وأكثر ملوحة في القاع.

لكن بناء السدود وتحويل مجرى نهر الأردن خفضا تدفق المياه العذبة، ما أدى إلى ارتفاع ملوحة السطح وزيادة معدلات التبخر، لتتحول البحيرة إلى نظام مختلط موسمياً.

هذا التحول مهد لمرحلة جديدة من تراكم الرواسب الملحية.

ثلج الملح بلورات تهبط نحو القاع

إحدى أبرز نتائج هذه التغيرات هو ما يسميه العلماء "ثلج الملح"؛ بلورات من الهاليت تتشكل في الطبقات العليا ثم تهبط نحو القاع.

 ورغم الاعتقاد سابقا بأنها تقتصر على فصل الشتاء، أثبتت الدراسات الحديثة استمرارها على مدار العام، ما يخلق دورة متواصلة تغذي نمو العمالقة الملحية.

ويعزو العلماء هذه الظاهرة إلى تفاعل معقد بين الملوحة ودرجات الحرارة عبر آلية تعرف بـ"الانتشار المزدوج".

ففي الصيف، يؤدي التبخر الشديد إلى زيادة ملوحة السطح، بينما تبقى الأعماق أبرد وأكثر استقرارا هذا التباين يخلق تيارات دقيقة تسمح بتشكل بلورات الملح وانجرافها نحو القاع.

مفتاح لفهم الماضي والمستقبل

يمثل البحر الميت واحدا من المواقع النادرة التي تتيح للعلماء مراقبة هذه العمليات في الزمن الحقيقي، وهو ما قد يساعد في تفسير أحداث جيولوجية كبرى، مثل "أزمة الملوحة المسينية" التي شهدها البحر الأبيض المتوسط قبل ملايين السنين حين انقطع عن الأطلسي وجف تدريجيا، تاركا وراءه كتلا ملحية هائلة لا تزال مطمورة حتى اليوم.

ويأمل الباحثون أن يسهم تتبع تشكل هذه الرواسب في رسم صورة أوضح عن تاريخ المحيطات القديمة، وفهم كيفية استجابة النظم البيئية الساحلية الجافة لتغير المناخ وارتفاع مستوى البحار.

وبينما يبقى البحر الميت مسرحا لظواهر طبيعية فريدة، تظل ألغاز "العمالقة الملحية" واحدة من أكثر الملفات الجيولوجية إثارة التي لم يكشف عن كامل أسرارها بعد.