لم تكن الساعة قد تجاوزت الثامنة صباحًا حين تحوّل طريق جهينة سوهاج إلى مشهد مأساوي لن ينساه المارة على مدخل قرية الغريزات، حيث يمتد الطريق الزراعي في هدوء تحيطه الحقول من الجانبين، اخترق الصمت دوي تصادمٍ عنيف بين سيارة ميكروباص تقل مجموعة من الطلاب، وأخرى ربع نقل تسير في الاتجاه المقابل.
في لحظة، تبدّل الهدوء إلى صرخات استغاثة، وأجساد ملقاة على الأرض، ودماء اختلطت بالتراب، تطاير الزجاج، وتناثرت حقائب الطلاب على جانب الطريق، فيما اندفع الأهالي من المنازل القريبة في محاولة لإنقاذ من يمكن إنقاذه.
مشهد يدمي القلوب
كان المشهد مؤلمًا؛ أجساد الشباب الصغار ممددة، بعضهم فاقد للوعي، وآخرون يئنون من شدة الألم، على مقعد السائق، ارتجف الميكروباص كأنه يشهد على الكارثة التي وقعت للتو.
هرعت سيارات الإسعاف إلى المكان، تتبعها قوات الشرطة والحماية المدنية، وسط حالة من الذهول، وبين أنين المصابين ودموع الأهالي، تم العثور على جثمان الشاب محمد عبد الغفار، 18 عامًا، طالب من مركز جهينة، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى المستشفى، كان ممددًا إلى جوار زملائه الذين نقلوا واحدًا تلو الآخر إلى مستشفى جهينة المركزي ومستشفى سوهاج الجامعي بالكوامل.
تقول إحدى السيدات التي كانت تمر بالطريق:" سمعنا صوت ارتطام قوي، ولما جينا نجري لقينا الأولاد مرميين في كل حتة، والميكروباص متفحم من قدام… منظر صعب".
التحريات الأولية كشفت أن السرعة الزائدة كانت وراء المأساة، بعدما فقد أحد السائقين السيطرة على مركبته، فاصطدم بالميكروباص وجهاً لوجه، فحوّل اللحظات العادية من صباح القرية إلى فاجعة دامية.
الضحايا معظمهم طلاب في مقتبل العمر، من كليات الآداب والصيدلة والحقوق والتجارة، كانوا في طريقهم إلى الجامعة، يحملون أحلامهم ودفاترهم، لكن القدر كان أسرع.
تم نقل الجثة إلى مشرحة مستشفى جهينة المركزي، والتحفظ عليها تحت تصرف النيابة العامة التي تباشر التحقيقات.