وجه المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، كلمة في بداية الجلسة العامة، اليوم الخميس، حول قمة شرم الشيخ للسلام – أكتوبر ٢٠٢٥.
وقالي جبالي في مستهل كلمته: إن للأمم مواقفَ تصنع التاريخ، وللدول أقدارًا تُختبر فيها العزائم، ومصر - بفضل الله - لم تغب يومًا عن موضع الريادة، ولم تتخلّف عن نداء الواجب متى نادى صوتُ الحق والإنسانية.
وأضاف أن ما شهدته مدينة شرم الشيخ في 13 من أكتوبر الجاري، لم يكن مؤتمرًا عابرًا في جدول السياسة الدولية، بل كان حدثًا استثنائيًا سيظل علامةً مضيئة في سجل التاريخ الحديث، حين اِلتأم شمل أكثر من 30 من قادة الدول والحكومات والمنظمات الدولية، تحت الرئاسة المشتركة للرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مشهدٍ يجسّد مكانة مصر الراسخة بين الأمم، ويؤكد قدرتها على أن تكون دائمًا جسرًا للسلام لا ساحةً للحرب.
وتابع: لقد جاءت هذه القمة ثمرةً لجهودٍ مضنية بذلتها مصر، على مدار العامين الماضيين، تحرّكت خلالها على المستويين الإقليمي والدولي من أجل إيقاف نزيف الدم في غزة، ومن أجل أن تعلو لغة العقل والحكمة على ضجيج المدافع، فكانت الدعوة المصرية نداءً للحياة في وجه آلة الموت، وصوتًا للإنسانية في زمنٍ خفتت فيه الأصوات.
وأدرف أنه في مشهدٍ مهيبٍ، وقف الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام قادة العالم، داعيًا إلى حلٍ عادلٍ ودائمٍ يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، مؤكّدًا أن السلام العادل ليس ترفًا سياسيًا، بل ضرورة إنسانية وأمنية لاستقرار المنطقة والعالم.
وتابع: وقد تكلّلت تلك الجهود الصادقة ببلوغ اتفاق شرم الشيخ، ليضع حدًّا للحرب في غزة، ويمهّد لمرحلةٍ جديدةٍ من التعاون الدولي تُعنى بوقف شامل لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وفتح الممرات الإنسانية والإغاثية على مصراعيها أمام الشعب الفلسطيني الذي عانى من ويلات القصف والجوع والدمار.
واستطرد: كما يمهّد الاتفاق - كما أعلن الرئيس الأمريكي - لمراحل متكاملة تبدأ بتثبيت الأمن، والمسائل المتعلقة بالحوكمة، وتهيئة الظروف لإعادة إعمار غزة، وتنتهي بمسارٍ سياسيٍّ واضح المعالم نحو التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية.
وقال جبالي: إن المشاركة الرفيعة المستوى التي شهدتها القمة، من قادةٍ جاءوا من كل حدبٍ وصوب، هي دليلٌ قاطعٌ على مكانة مصر وقيادتها الحكيمة في وجدان شعوب العالم وحكوماته، وإقرارٌ بقدرتها على صون الأمانة وتحمل مسؤولياتها الدولية، والإقليمية بثقةٍ، واقتدارٍ وإخلاص.
وقال إن مؤتمر شرم الشيخ للسلام لم يكن محطة نهاية، بل نقطة انطلاقٍ لمسارٍ جديدٍ من العمل الدولي المشترك، يعكس الدعم الواضح من المجتمع الدولي لجهود مصر والشركاء الإقليميين والدوليين في إنهاء الحرب ومعالجة جذور عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى رأسها غياب التسوية العادلة للقضية الفلسطينية.
وشدد أنه قد أثبتت القيادة المصرية، قولًا وفعلًا، أن الثبات على المبدأ ليس خيارًا بل قدرٌ تفرضه المسؤولية وتُزكّيه التجربة؛ فوقف أبناء مصر في الداخل والخارج يرقبون زعيمهم وهو يستقبل ضيوف الوطن بوجهٍ يفيضُ بالحكمة والوقار، وبأداءٍ دبلوماسيٍّ رفيعٍ جمع بين الصلابة في الموقف، والمرونة في الحوار، والسمو في الغاية.
وأشار إلى أن ضيافة مصر كانت - كما عهدناها - ضيافة الأرض الطيبة والقلوب النقية، ضيافة القادر الذي لا يتعالى، والعادل الذي لا يضعف، والمخلص الذي لا يطلب سوى الأمن والسلام لشعوب المنطقة والعالم.
وتابع: ستبقى مصر بإذن الله - قيادةً وشعبًا - أمينةً على رسالتها، حارسةً لبوابة السلام، ساهرةً على أمن الأمة، لا تألو جهدًا ولا تدّخر وسعًا في نصرة الحق، وصون الكرامة، وإغاثة الملهوف، حتى ينعم أشقاؤنا الفلسطينيون بالأمن بعد الخوف، والعمران بعد الدمار، والحرية بعد القيد.
واختتم: حفظ الله مصر، ووفق قائدها ورجالها في استكمال مسيرة السلام، وأعاد إلى المنطقة أمنها، وإلى فلسطين حقها، وإلى الإنسانية رشدها.