قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

محمد نبيل يكتب: قيمة عاطفية.. معاني الفقد والحب في سينما يواكيم ترير

فيلم قيمة عاطفية
فيلم قيمة عاطفية

خطوة جديدة تضع المخرج النرويجي يواكيم ترير في مصاف صناع السينما في العالم عبر فيلمه الأحدث "قيمة عاطفية" أو (Sentimental Value) الذي يعرض ضمن برنامج الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، ويعود فيه للتعاون مع الممثلة ريناتي رينسف بعد نجاحهما المدوي في فيلم "أسوأ شخص في العالم" عام 2021، ليقدم لنا قصة إنسانية عميقة وشديدة الحساسية، تتخطى تأمل جروح عائلية قديمة وطموحات فنية مؤجلة.
 

الأب غوستاف وهو مخرج سينمائي في مرحلة تراجع، يعود إلى أوسلو محاولًا استعادة أسرته وفنه، يعرض على ابنته الكبرى ممثلة المسرح المرموقة نورا، المشاركة في فيلمه الجديد، في محاولة منه لاستعادة علاقتهما المفقودة، لكنها تصر على الرفض، ليضعه القدر في طريق نجمة هوليودية وهي إيل فانينغ،  تقتنع بالعمل معه وترحب بشدة، فيقوم بتوظيفها للفيلم  بدلًا من ابنته، وهنا تشتعل النار من جديد، تفتح ملفات الماضي، وتصبح علاقتهما على المحك.

الفيلم الذي يبدو بسيطا لا يعرف التكلف، يطرح عشرات الأسئلة حول العلاقات بين الآباء والأبناء، وتأثير الفن على الروابط الإنسانية، وتحولات السينما المعاصرة وما تحويه من خلل، والتأثر  بالذاكرة العاطفية والنفسية، أو التأمل في علاقتنا بالماضي وانعكاسه على المستقبل، وغيرها من التأويلات المدهشة التي تقفز في أذهان كل من يشاهد العمل.
 

معالجة بصرية تتقاطع فيها الأزمنة على نحو يعكس أثر الذاكرة الإنسانية بوصفها تجربة غير مستقرة،  لتقدم مشاهد الاسترجاع لا بوصفها فواصل زمنية صريحة، بل لحظات شعورية للحاضر، مع الإعتماد على إيقاع متمهل ومساحات صمت محسوبة بدقة، تتيح للمُشاهد االإنغماس في الأزمات النفسية للشخصيات.


المنزل هنا محورا للأحداث وبطلا للحكاية، بما يضمه من دفء وحنين ومشاعر انكسار، بسيط في تفاصيله الظاهرية، معقد في قراءته، وقادرا على خلق رؤية موازية للفراغ والعناصر الفنية، فيجعل من الصمت والغياب دلائل فاعلة داخل صورة الفيلم، لتبوح بدورها عن ما قد تعجز عنه الكلمات، فيحول كامل التجربة السينمائية إلى تأمل في الذاكرة وتفكر في قرارات الأبطال.
 

الأداء في الفيلم أقرب إلى درس في فن التمثيل، في تقديم إيماءات ونظرات، تردد وارتجاف وصياح ودلالات تخدم الدراما وتعزز حضورها وتصاعدها، وتضعها في إطار محمل بعمق وصدق يلامس جوهر القصة وما خلفها.

حاز الفيلم على الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي الدولي قبل أشهر، وهو من أهم العناوين السينمائية في العالم خلال 2025، مع نجاحه في المزج بين العمق النفسي والشكلي، والبحث عن مدى أهمية القيمة المضافة التي تتجاوز مجرد ذكريات عائيلة مشتتة، أو هوية مرتبكة.