قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إن التربية بالمعايشة، وتعهد الطفل بالتوجيهات من حقوقه في الإسلام.
واستشهد مركز الأزهر، عبر صفحته الرسمية على فيس بوك بما جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ». [أخرجه الترمذي].
حقوق الطفل فى الإسلام
قالت دار الإفتاء ، إن سنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم سن لأهل لطفل بعد ولادته أن يظهروا الفرح والسرور بقدومه، وأن يبرهنوا على ذلك بذبح شاتين عن الغلام وشاة عن البنت، وأن يسميه اسمًا حسنًا؛ فروى الترمذي وأبو داود عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كل غلام مرتهن بعقيقته حتى يذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه».
وفي "صحيح مسلم" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غيَّر اسم عاصية، وقال: «أنت جميلة»، وروى مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "كانت جويرية اسمها برة، فحوَّل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اسمها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة"، وروى مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن».
وأضافت دار الإفتاء أن حياة الطفل حقٌّ له لا يجوز أن يسلبها أحد منه حتى وهو في بطن أمه؛ فخفف عن الحامل والمرضع الصيام حتى لا يتضرر جنينها، ويقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 31]، وروى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنه سئل صلى الله عليه وآله وسلم: أي الذنب أعظم؟ فقال: «أن تجعل لله نِدًّا وهو خلقك». قيل: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك»؛ بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَخَّرَ الحَدَّ على المرأة الزانية حتى تضع جنينها وترضعه، كما في المرأة الغامدية. والدية واجبة على من اعتدى على الجنين في بطن أمه.
وأوضحت أن للطفل حق في الرضاع الطبيعي كما ورد في قصة المرأة الغامدية ما يدل على حق الطفل في الرضاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال- فيما رواه أبو داود والنسائي من حديث بريدة- : «إِذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ»، ويدل على حق الطفل في الرضاع قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: 233].
وبينت دار الإفتاء أن من حقوق الطفل: أن يغرس فيه الإيمان بالله، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر، حتى يتربى على عقيدة صحيحة، ويُعد حفظ الدين، وتعليم قواعد الإيمان، والتدريب على عبادة الله وطاعته، والتخلق بالأخلاق الكريمة والسلوك الحسن، وتأسيس تعظيم الله عز وجل، ومحبة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في نفوس الأطفال: كل ذلك من أشد حقوق الأطفال على الوالدين، وهو مما يسعد به الأطفال والوالدان في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6].
كما أن من حق الطفل على والديه- وجوبًا- تأديبه وتربيته؛ لأن إهمال هذا الحق يؤدي إلى فساد الطفل وضياعه عند الكبر، ولذلك روى الترمذي عن سعيد بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ»، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلم الصغار ويؤدبهم بلطف ولين؛ ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن الحسن بن علي رضي الله عنهما أخذ تمرة من تمر الصدقة وجعلها في فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كِخْ كِخْ» لِيَطْرَحَهَا، ثُمَّ قَال: «أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ».
وأشارت إلى أن للطفل الحق في الحضانة، والحضانة هي تربية الطفل في المدة التي لا يستغني فيها عن أمه، فالأم لها الحق في حضانة الطفل في هذه الفترة؛ يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي».
وتابعت: وله الحق في النفقة عليه حتى يبلغ، فألزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والد الطفل بالإنفاق عليه؛ ففيما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ».
كما أن له الحق في الإرث إذا انفصل عن أمه حيًّا؛ فقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وُرِّثَ».
حقوق الطفل اليتيم
وقالت دار الإفتاء إن للطفل اليتيم الحق في الحفاظ على ماله، وهذا الحق منوط بكفلاء اليتامى والأولياء والأوصياء على اليتامى، فيحفظونها عليهم ويسلمونها لهم عند رشدهم؛ قال تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: 6].
وروى النسائي في "السنن الكبرى" وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اللهُمَّ إِنِّي أحرج عَلَى حق الضعيفين: الْيَتِيم، وَالْمَرْأَة»، وهذا اليتيم له حق الرعاية الاجتماعية؛ فيجب على الدولة ومؤسسات المجتمع كفايته والعناية به؛ فروى الترمذي وأبو داود عن سهل الساعدي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا»، وأشار بأصبعه السبابة والوسطى.



