يشهد الوضع القانوني والسياسي المتعلق بـ قطاع غزة تطورا بالغ الحساسية مع طرح مسودة أميركية للقرار الدولي الخاص بإنشاء ما يعرف بـ قوة التثبيت والإنفاذ الدولية.
ويثير هذا المقترح جملة من التساؤلات القانونية والسيادية حول طبيعة هذه القوة ومجال اختصاصها وحدود تفويضها، ومدى انسجامها مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
فالخط الفاصل بين عمليات حفظ السلام التقليدية وتلك التي تصنف في إطار "الإنفاذ" وفق الفصل السابع من الميثاق، ليس مجرد مسألة نظرية، بل يترتب عليه نتائج سياسية وقانونية تمس جوهر السيادة الفلسطينية وتوازنات الأمن الإقليمي.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جهاد أبو لحية أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطيني، إن طرح المسودة الأميركية لإنشاء ما يعرف بـ "قوة تثبيت الإنفاذ الدولية في قطاع غزة" إشكالات قانونية خطيرة تتعلق بطبيعة التفويض المقترح ومدى اتساقه مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن المشروع، كما يبدو من تفاصيله، لا يندرج ضمن مفهوم "حفظ السلام" التقليدي الذي يقوم على الحياد والموافقة وعدم استخدام القوة إلا للدفاع عن النفس، وإنما ينتمي إلى مفهوم "الإنفاذ" المستند إلى الفصل السابع من الميثاق، الذي يتيح لمجلس الأمن استخدام القوة لفرض قراراته دون الحاجة إلى موافقة الأطراف المعنية.
وأشار أبو لحية، إلى أنه تاريخيا، فرق القانون الدولي بين قوات حفظ السلام التي نشهدها في لبنان أو جنوب السودان مثلا، وهي بعثات رقابية محدودة الصلاحيات، وبين قوات الإنفاذ التي وجدت في حالات مثل التحالف الدولي لتحرير الكويت أو بعثة كوسوفو، التي امتلكت سلطات واسعة شملت التدخل العسكري المباشر وإدارة شؤون الإقليم.

وتابع: "من منظور القانون الدولي، يعد إدخال قوة إنفاذ أجنبية بهذا الشكل انتهاكا لمبدأ السيادة الوطنية المنصوص عليه في المادة (2/7) من ميثاق الأمم المتحدة، خاصة في ظل غياب دولة فلسطينية كاملة السيادة".
واختتم: "كان الأجدر بالمجتمع الدولي دعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي يجري تدريبها في مصر لتتولى مسؤولية الأمن الداخلي، بينما يقتصر الوجود الدولي على مراقبة الحدود وتنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في اتفاق شرم الشيخ".



