في رسالة تعبّر عن عمق الأبوة والإنسانية، رفع قداسة البابا لاوُن الرابع عشر، نية الصلاة لشهر نوفمبر، من أجل الأشخاص الذين يواجهون أفكار الانتحار، داعيًا إلى أن يجدوا في جماعاتهم الدعم، والمحبة، والرجاء الذي يعينهم على التمسّك بجمال الحياة.
جاءت الرسالة من خلال رسالة تسجيلية نية الصلاة الصادر عن شبكة الصلاة العالمية للبابا، بالتعاون مع إعلام الفاتيكان، وبدعم من إيبارشية فينكس، بولاية أريزونا الأميركية، حيث شدّد الأب الأقدس على ضرورة أن تكون الكنيسة بيتًا للرجاء يرافق الذين يعيشون في ظلمة اليأس.
وقال الحبر الأعظم في رسالته: نرفع إليك هذا الشهر الصلاة من أجل جميع الذين يعيشون في ظلمةٍ ويأس، لكي يجدوا على الدوام جماعة تقبلهم، تصغي إليهم، وترافقهم.
وأكد بابا الكنيسة الكاثوليكية أن العزلة تزيد المعاناة عمقًا، داعيًا الكنيسة في إيبارشياتها، وجماعاتها إلى الاقتراب من المتألمين باحترام وحنان، ومساعدتهم على طلب الدعم المهني الملائم، مشيرًا إلى أن حتى المؤمنين قد يختبرون لحظات حزن قاسية.
ويأتي هذا النداء في ظل أزمة عالمية متنامية، إذ تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 720 ألف شخص ينهون حياتهم كل عام، أي ما يعادل ألفي حالة يوميًا، معظمهم دون سن الخمسين، كما يُعد الانتحار السبب الثالث للوفاة بين الشباب من 15 إلى 29 عامًا، والثاني بين الفتيات.
وتذكر الوثيقة بتعليم الكنيسة الكاثوليكية (الأعداد ٢٢٨٠–٢٢٨٣ من التعليم المسيحي)، التي تعتبر الانتحار مناقضًا للمحبة الإلهية، لكنها تؤكد أن الاضطرابات النفسية يمكن أن تخفف المسؤولية الأخلاقية، داعية إلى الصلاة لراحة المنتحرين، وتسليمهم لرحمة الله.
وفي إطار الاهتمام الكنسي المتزايد بالصحة النفسية، يُعقد في روما من الخامس، وحتى السابع من نوفمبر الجاري، مؤتمر دولي تنظّمه جمعية الكهنة الكاثوليك للعناية بالصحة النفسية، برعاية الأكاديمية الحبرية للحياة، بمشاركة خبراء من أنحاء العالم، لمناقشة سبل مرافقة المتألمين، والوقاية من الانتحار عبر الإصغاء، والمرافقة، والقرب.
أما في إيبارشية فينكس، فقد أنشأت الكنيسة مكتبًا خاصًا للصحة النفسية، وتنظّم قدّاسًا سنويًا لذكرى من أنهوا حياتهم.
وقال سيادة المطران جون دولان، الذي فقد أربعة من أفراد عائلته بالانتحار: إن كنت تشعر بأنك محطم، أو تجاهد ضد أفكار الانتحار، فاعلم أنك محبوب، وأن الكنيسة هنا من أجلك. لست وحدك.
وفي ختام الرسالة، أكد الأب كريستوبال فونيس، المدير الدولي لشبكة الصلاة العالمية، أن هذه النية تواصل مسيرة البابا في تسليط الضوء على هشاشة النفس البشرية، مذكرًا بأن نيات سابقة تناولت مواضيع الاكتئاب، والإدمان، وأن نية عام 2026 ستُخصص لرعوية الصحة النفسية.
ويختتم قداسة البابا لاوُن الرابع عشر رسالته بنداءٍ رجاءٍ: قد لا نملك الحلول كلها، لكننا نملك القلوب. الكنيسة مدعوة لأن تكون بيت الإصغاء، والعزاء، حيث يتحول الرجاء إلى دواءٍ يشفي جراح الحياة.



