لم تعد رياضة الجولف في مصر مجرد لعبة نخبوية أو منافسة رياضية محدودة النطاق، بل أصبحت خلال السنوات الأخيرة قطاعًا اقتصاديًا واعدًا يسهم في تنشيط حركة السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية، ويفتح آفاقًا جديدة أمام صناعة الرياضة في البلاد.
فمع النجاح الكبير الذي حققته البطولات الدولية التي نظمها الاتحاد المصري للجولف خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، وتوافد مئات اللاعبين والوفود من أكثر من ثلاثين دولة، بدأ يظهر بوضوح الأثر الاقتصادي المتنامي لرياضة الجولف في دعم قطاعات السياحة والفندقة، إلى جانب تنشيط بشكل غير مباشر لاسواق مثل العقارات والخدمات المرتبطة بالملاعب والمنتجعات.
وتاتى تأكيدات خبراء في مجال الاقتصاد الرياضي عالميا بان سياحة الجولف تمثل اليوم أحد أسرع أنواع السياحة نموًا في العالم، إذ يتجاوز إنفاق لاعب الجولف الواحد أضعاف ما ينفقه السائح العادي، نظرًا لطبيعة هذه الرياضة الممتدة زمنيًا ومكانيًا، وارتباطها بالإقامة الفندقية الراقية والخدمات الخاصة.
وفي المقابل، تمتلك مصر موقعًا فريدًا يجعلها جاذبة لهذا النوع من السياحة بفضل مناخها المعتدل على مدار العام، وتنوع ملاعبها الممتدة من القاهرة إلى السخنة والغردقة وشرم الشيخ.
وتشير تقديرات أولية إلى أن البطولات الأخيرة التي نظمها الاتحاد، ضمن مبادرته الجديدة سلسلة جولف مصر، أسهمت في زيادة الإشغال الفندقي في المناطق المضيفة بنسبة لافتة، كما عززت من معدلات الإقبال على المنتجعات والمطاعم المحلية، فضلًا عن الترويج لمصر عالميًا عبر التغطيات الإعلامية والصحفية التي رافقت تلك الفعاليات.
ويقول الأستاذ عمر هشام طلعت، رئيس الاتحاد المصري للجولف، إن رياضة الجولف في مصر لم تعد نشاطًا ترفيهيًا فحسب، بل أصبحت قطاعًا اقتصاديًا متكاملًا ترتبط به صناعات فرعية، بدءًا من السياحة والطيران وحتى التسويق العقاري والضيافة.
ويوضح أن الاتحاد يسعى إلى استثمار هذا الزخم عبر توسيع نطاق البطولات، واستضافة المزيد من الفعاليات الدولية التي تدر عوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة.
وتتزامن هذه الرؤية مع خطط الدولة المصرية لتوسيع مفهوم الاقتصاد الرياضي باعتباره أحد ركائز التنمية المستدامة، عبر تشجيع الاستثمار في البنية التحتية الرياضية وتنويع الفعاليات التي تجمع بين التنافس والمردود السياحي.
ويبرز اتحاد الجولف كأحد النماذج الناجحة التي تمكّنت من تحقيق هذا التوازن، من خلال استضافة بطولات عالمية تجمع بين الجودة التنظيمية والترويج السياحي.
وفي ظل تصاعد اهتمام الشركات العالمية بدعم ورعاية البطولات الرياضية الكبرى، تبدو بطولات الجولف المصرية فرصة مثالية للشركات الوطنية والعالمية لتعزيز حضورها في السوق، خاصة في ظل الانتشار الإعلامي الدولي الواسع لتلك الأحداث.
كما تمثل هذه الفعاليات منصة لتبادل الخبرات وتنشيط التعاون بين مصر والدول المشاركة في مجالات التدريب والإدارة والتسويق الرياضي.
لقد أصبح قطاع الجولف في مصر اليوم أكثر من مجرد رياضة، إنه اقتصاد متكامل يجمع بين المنافسة والترفيه والاستثمار، ويؤكد أن اللعب على العشب الأخضر يمكن أن يتحول إلى مكسب اقتصادي حقيقي يعزز من صورة مصر في الخارج، ويدعم جهودها لتكون مركزًا إقليميًا للسياحة الرياضية في الشرق الأوسط وأفريقيا.