قال الدكتور إبراهيم المرشدي - من علماء وزارة الأوقاف - إن غرق الأسر، آباءً وأمهاتٍ وأبنـاءً، في وسائل التواصل الاجتماعي لا يبرئ الأهل من مسؤولية التربية، موضحًا أنه لا يجوز للوالد أن يصف الجهاز بأنه "مفروض علينا" ويتخلى عن دوره قائلاً: «ده جهاز مفروض علينا ونستخدمه» — لأن ذلك بمثابة تخلٍّ عن المسؤولية الأبوية.
وأضاف الدكتور المرشدي، خلال فتوى له، أن التعامل الصحيح مع هذه المشكلة يتطلب التوجيه، والإرشاد، والتعاهد بين الأب وابنه، وأن السؤال المستمر والمتابعة البسيطة — مثل: «إنت بتعمل إيه؟ أديت واجبك؟ ذاكرت؟» — هي جوهر التربية الناقصة في كثير من مجتمعاتنا اليوم.
وقال إن غياب هذا التعاهد والحوار يؤدي إلى فقدان العلاقة بين الأب وابنه، وهو ما يجب تداركه عبر لغة حوار يومية ورعاية فعلية.
وأشار المرشدي إلى أن التقييم الذاتي للولد جزء مهم من التربية، وليس تتبّعًا قمعيًا، فمراجعة الأب لأستاذ المدرسة عن حالة ابنه أو حضوره للمدرسة للاطمئنان على سيره الدراسي يُعدّ من صور الرعاية والمواكبة التي يفتقدها كثيرون. وبيّن أن هذا الاطمئنان يعبر عن محبة الأب واهتمامه، ويبعث الاطمئنان في نفس الابن.
واستشهد الدكتور المرشدي بقصة تاريخية عن القاضي شريح بن عباد رضي الله عنه، مشيرًا إلى أسلوبه التربوي الرشيد مع ابنه حين ترك المصحف ولعب مع الأطفال والكلاب؛ إذ كتب إلى معلم ولده رسالة رقيقة توصي بالعظة واللوم الهادئ والعناية بدل الضرب العنيف، ثم أوضح الحدود الشرعية للقصاص التربوي قائلاً: «إذا هممت بضربه فبضره» بمعنى استخدم ضربًا بالغ النظر لا يزيد على حد معروف، و«وإذا بلغت بثلاثة لك فاحبسي» أي لا تزيد عن ثلاث ضربات بحسب ما أورده في المثال.
وأكد الدكتور إبراهيم المرشدي أن التعهد والرعاية والسؤال اليومي هي ما يُسمَّى بالتربية الإيمانية، وأن هذه الممارسات البسيطة والمتواصلة تصنع الفارق في حياة الأبناء، داعيًا الأسر لاستكمال الحديث والوقوف معًا من أجل إصلاح واقع التربية الأسرية بعد الفاصل.

