في مشهد صادم لا يزال يلقي بظلاله على الشارع السكندري، تتوالى التفاصيل المؤلمة حول الجريمة البشعة التي راح ضحيتها المهندس عبدالله أحمد الحمصاني بعد أن أطلق صديقه الرصاص عليه في منطقة الموقف الجديد بالإسكندرية. ورغم إدعاءات المتهم بأنه يعاني اضطرابًا نفسيًا، جاءت شهادة أسرة المجني عليه خصوصًا شقيقه محمد أحمد لتكشف سلسلة من الوقائع التي تشير إلى تخطيط مسبق وترصّد ممتد، في محاولة واضحة لدحض أي رواية تتعلق بعدم اتزان الجاني.
اتهامات الأسرة.. “لم يكن مجنونًا… كان يخطط منذ شهور”
وقال محمد أحمد شقيق المجني عليه، إن المتهم السيد رضا كان في كامل قواه العقلية، وإن كل ما يُردده بشأن إصابته بمرض نفسي ما هو إلا محاولة للهروب من العقاب. وأكد أن الجاني كان يتربّص بشقيقه منذ فترة طويلة، وأن عبدالله كان قد قام بحظر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي لمنعه من الوصول إليه بعد أن لاحظ محاولاته المستمرة لاستهدافه ومضايقته.
وأضاف محمد أن الدليل الأقوى على تعمّد المتهم وتخطيطه يتمثل في رسالة مفاجئة تلقاها منه عبر مواقع التواصل في 23 أكتوبر، أي قبل وقوع الجريمة بأسابيع، إذ حاول المتهم التواصل معه لمعرفة أي معلومة تقوده إلى عبدالله بعد أن فشل في الوصول إليه مباشرة.
وقال شقيق المجني عليه: “كيف يمكن لشخص يُقال إنه مريض نفسي أن يخطط، ويختبئ، ويراقب، ويتواصل مع أفراد العائلة بحثًا عن طريق يصل منه إلى شقيقي؟ المجنون لا يفعل كل ذلك.”

مراسلات تكشف نية الانتقام
وكشف شقيق القتيل عن مراسلات أخرى حصلت في 26 سبتمبر 2024، أرسل خلالها المتهم رسائل إلى أحد أصدقاء المجني عليه يخبره بوجود “خصومة مع عبدالله”، بل قام بسبّه وطلب من الصديق أن ينقل هذا الكلام.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ سب المتهم زوجة المجني عليه بعبارات مسيئة، وهو ما اعتبرته الأسرة مؤشرًا إضافيًا على نية الإيذاء المسبق.
وتساءل محمد أحمد بمرارة: “هل يقوم شخص مختل عقليًا بمراسلة الأصدقاء واعترافه بوجود خصومات وتوجيه الإساءات له؟ بالتأكيد لا.. كان في كامل وعيه، وكان يعرف ما يفعل جيدًا.”


خلاف قديم يتجدد وينتهي بمأساة
وكانت التحريات قد كشفت أن علاقة صداقة طويلة جمعت بين الجاني والمجني عليه منذ سنوات الدراسة، قبل أن تتوتر خلال الفترة الأخيرة بسبب تعدي المتهم بالسب والتشهير بزوجة عبدالله عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما دفع الأسرة إلى تقديم شكوى رسمية. ورغم عقد جلسة صلح بين الطرفين في نوفمبر 2024، فإن غضب والد المتهم من تصرفات ابنه وتعنيفه له أشعل فتيل الانتقام داخله، فقرر تنفيذ جريمته.
تفاصيل الواقعة كما أعلنتها الداخلية
ووفق بيان وزارة الداخلية، فقد تلقت شرطة كرموز بلاغًا بتاريخ 12 نوفمبر يفيد بإطلاق أعيرة نارية على مواطن بمنطقة الموقف الجديد، ما أدى لوفاته في الحال. وبالتحقيقات، تبيّن أن الجاني استغل علاقة الصداقة القديمة ليقترب من الضحية، ثم نفّذ جريمته بدافع عدائي واضح.
وأكدت الوزارة أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وأن الأجهزة المختصة تتابع عن كثب ما يُنشر من شائعات أو معلومات غير دقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي، مشددة على محاسبة كل من يروّج لأخبار مضللة حول القضية.
صدمة لا تهدأ ومطلب عائلي بالعدالة
وسط هذه المعطيات، تقف أسرة المهندس الراحل عبدالله أحمد الحمصاني مكلومة تطالب بالقصاص العادل. ويؤكد شقيقه محمد أن المتهم “متزن نفسيًا وليس مجنونًا”، مطالبًا بتطبيق أقصى العقوبة، وهي الإعدام شنقًا، على من خطط ونفّذ على حد وصفه جريمة “لا يمكن أن تصدر إلا عن شخص واعٍ مستعد لإيذاء إنسان بدم بارد”.