أكد الدكتور ربيع جمعة الغفير، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أن الحديث عن اللغة العربية هو في حقيقته حديث عن الإسلام ذاته، وحديث عن القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، موضحًا أن هذه اللغة هي اللسان الذي اختاره الله عز وجل من بين سائر الألسنة ليكون لغة كتابه، ومنطق رسوله، والوعاء الذي حمل هذا الدين في أصليه الشريفين الكتاب والسنة إلى يوم القيامة، وهو ما منح العربية سر الخلود والبقاء الدائم.
وأوضح في تصريح له، أن جميع اللغات لها أعمار زمنية وافتراضية وتنتهي بانتهاء أهلها، بينما تبقى اللغة العربية متوقدة وغضة لا تفنى ولا تبيد، لأن بقاءها مرتبط ببقاء كتاب الله عز وجل، مستشهدًا بقوله تعالى: «إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون»، مشيرًا إلى أن نزول القرآن بلسان عربي كان سببًا في تعميق الفهم والعقل، وهو ما عبّر عنه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله إن العربية تثبت المروءة وتزيد في العقل.
وأشار أستاذ جامعة الأزهر إلى إشادات كبار العلماء والمفكرين بقيمة اللغة العربية، لافتًا إلى ما نقل عن بعض المستشرقين المعاصرين ممن درسوا العربية بعمق، وأكدوا أن تعلم النحو العربي يمنح اللسان عقلًا يفكر، كما استشهد بكلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكلام الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة" حين قال إن لسان العرب أوسع الألسنة وأكثرها تفننًا، وأنه لا يحيط بأسرار هذه اللغة إحاطة كاملة إلا نبي.
وشدد الدكتور ربيع جمعة الغفير على أن الحفاظ على اللغة العربية واجب ديني ووطني في آن واحد، مؤكدًا أنه تناول هذا المعنى في خطبة الجمعة بالجامع الأزهر مؤخرًا، داعيًا إلى ضرورة دعم الجهود الرسمية في هذا الملف، وتثمين توجه الدولة والقيادة السياسية نحو تعزيز مكانة اللغة العربية في المجتمع ومؤسسات التعليم والإعلام.
وطالب بتفعيل المادة الدستورية التي تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، مقترحًا سن تشريعات تجرم الاستهانة بها أو الغض من شأنها، مؤكدًا أن العربية ليست مجرد لغة أو قواعد نحوية، بل هي الهوية والقومية والرباط الذي يجمع أبناء الأمة الإسلامية شرقًا وغربًا، محذرًا من محاولات طمس معالمها الحضارية لما لها من دور محوري في بقاء الأمة متماسكة إلى يوم القيامة.

