أعلنت وكالة رويترز للأنباء عن قرار هام اتخذته الحكومة البريطانية يقضي بإعفاء حقل ظهر المصري للغاز الطبيعي من التبعات القانونية للعقوبات المفروضة على روسيا.
ويأتي هذا التحرك الاستراتيجي لضمان استمرارية الإنتاج في واحد من أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط، وتفادي أي اضطرابات قد تؤثر على إمدادات الطاقة الإقليمية والعالمية.
تكمن أهمية هذا القرار في الهيكل الملكي لحقل ظهر؛ حيث تمتلك شركة "روسنفت" الروسية حصة تبلغ 30% من امتياز "شروق" الذي يضم الحقل، إلى جانب شركة "إيني" الإيطالية و"بي بي" البريطانية و"مبادلة" الإماراتية.
وبموجب العقوبات التي فرضتها لندن على الشركات الروسية عقب الأزمة الأوكرانية، واجه الشركاء الدوليون تعقيدات قانونية ومالية في التعامل مع الحصة الروسية، وهو ما كان يهدد بوقف العمليات التشغيلية أو عرقلة صيانة الحقل.
يهدف الإعفاء البريطاني بشكل أساسي إلى السماح للشركات والكيانات البريطانية، وعلى رأسها شركة "بي بي" (BP)، بالاستمرار في أنشطتها داخل الحقل دون الوقوع تحت طائلة العقوبات. ويرى خبراء الطاقة أن هذه الخطوة تعكس "واقعية سياسية" من جانب لندن، حيث تدرك بريطانيا وحلفاؤها الغربيون أن المساس بإنتاج حقل ظهر قد يؤدي إلى نقص في المعروض العالمي من الغاز، مما قد يرفع الأسعار عالمياً ويضر بجهود تأمين الطاقة لأوروبا، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على الغاز المسال القادم من منطقة شرق المتوسط.
وعلى الصعيد المصري، يمثل هذا القرار انفراجة تقنية ومالية هامة، إذ يضمن استقرار الشراكات الدولية في الحقل الذي يعد الركيزة الأساسية لإنتاج الغاز في مصر. فالإعفاء سيسهل عمليات التحويلات المالية المرتبطة بالمصاريف التشغيلية ويسمح بجلب قطع الغيار والتكنولوجيا اللازمة لصيانة الآبار، وهو ما يسهم في الحفاظ على معدلات الإنتاج المطلوبة للاستهلاك المحلي والتصدير عبر محطات الإسالة.
ختاماً، يوضح هذا الإعفاء البريطاني مدى تعقيد ملف الطاقة في ظل الصراعات الجيوسياسية الراهنة؛ فبينما تستمر العقوبات على موسكو في قطاعات عديدة، تضطر القوى الكبرى لتقديم استثناءات في المشروعات التي تمثل "أمناً قومياً للطاقة"، وهو ما يثبت أن حقل ظهر ليس مجرد مشروع اقتصادي مصري، بل هو لاعب حيوي في توازنات الطاقة الدولية التي لا تحتمل المغامرة بالتوقف أو التعطل.