أثار إعلان زواج سيدة يابانية من روبوت حالة واسعة من الجدل حول مستقبل العلاقات الإنسانية في ظل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي، وتساؤلات عن مدى قدرته على التأثير في المشاعر والارتباط العاطفي بين البشر.
وفي هذا السياق، علّق الدكتور كريم درويش، استشاري الطب النفسي، على هذه الظاهرة، موضحًا أبعادها النفسية والاجتماعية، ومدى واقعيتها في ظل الظروف التي يعيشها الإنسان المعاصر.
ارتباط غير متوقع لكنه ليس مستحيلًا
قال الدكتور كريم درويش، خلال مداخلة هاتفية، إن فكرة الارتباط أو الزواج من روبوت قد تبدو غير منطقية أو غير طبيعية للوهلة الأولى، لكنها في الواقع ليست بعيدة تمامًا عن الواقع عند النظر إلى السياق الكامل للتطور التكنولوجي والضغوط النفسية والاجتماعية التي يعيشها البعض.

وأوضح أن بعض الأشخاص قد يجدون أنفسهم بالفعل مرتبطين بالذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل مشاعر الوحدة أو العزلة، وهو أمر يمكن أن يحدث مع فئات معينة من المجتمع.
الذكاء الاصطناعي ملاذ لتفريغ المشاعر
وأشار استشاري الطب النفسي إلى أن التطور المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي أدى إلى ظهور ظواهر جديدة، أبرزها لجوء بعض الأشخاص إلى الأنظمة الذكية للتعبير عن مشاعرهم وتفريغ مشكلاتهم النفسية.
وأضاف أن العلاقات الإنسانية بطبيعتها مرهقة وصعبة في كثير من الأحيان، إذ لا تقتصر على الفرح والمتعة فقط، بل تشمل أيضًا مشاعر الألم مثل الرفض أو الهجر، وهو ما قد يترك أثرًا نفسيًا سلبيًا لدى بعض الأفراد.
لماذا يبدو الذكاء الاصطناعي أكثر قبولًا للبعض؟
أكد الدكتور درويش أن العلاقات الإنسانية تضم جميع المشاعر الممكنة، من حب وفرح وأنس، إلى ألم وحزن ومعاناة، بينما يتم تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي لتجنب المشاعر السلبية تمامًا.
وأوضح أن النظام الذكي يكون دائمًا متعاونًا، ويسعى لإرضاء الإنسان، ولا يتسبب في شعور بالرفض أو الألم، وهو ما يجعله أكثر قبولًا لدى بعض الأشخاص مقارنة بالعلاقات الإنسانية المعقدة.
هل يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الارتباط الحقيقي؟
وأوضح استشاري الطب النفسي أنه حتى في الحالات المرتبطة بالمشاكل النفسية أو العاطفية، قد يكون الذكاء الاصطناعي أكثر مرونة في مساعدة الشخص على التعامل مع مشكلاته دون ضغوط نفسية أو شعور بالرفض.
وشدد في الوقت نفسه على أن ذلك لا يعني أن الإنسان يمكن أن يشعر بحب حقيقي أو ارتباط عاطفي عميق مع روبوت أو نظام ذكاء اصطناعي، مؤكدًا أن المشاعر الإنسانية الحقيقية لا يمكن استبدالها بالكامل بالتكنولوجيا.
ظاهرة مؤقتة أم اتجاه مستقبلي؟
وحول ما إذا كانت هذه الظاهرة مجرد «ترند» أو حالة فكهية، أوضح الدكتور درويش أن الأمر قد يجمع بين الاثنين، فهناك من يتعامل معها على أنها ظاهرة عابرة أو موضة جديدة، بينما يتعامل معها آخرون بجدية أكبر.
وأشار إلى أنه لا يمكن الجزم حاليًا بما إذا كان هذا النوع من الارتباط سيصبح جزءًا من الحياة اليومية للبشر أم سيظل في نطاق الحالات الفردية المحدودة.
واختتم استشاري الطب النفسي حديثه متسائلًا:«هل يمكن فعلًا أن يقع الإنسان في فخ الارتباط بالذكاء الاصطناعي،مؤكدًا أن الإجابة عن هذا السؤال ستظل مفتوحة، ولن تتضح ملامحها إلا مع تعمق دراسة هذه الظاهرة خلال السنوات المقبلة.

