قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عمود الهوية وحافظة القيم.. مفتي الديار المصرية يدعو للتمسك باللغة العربية

مفتي الديار المصرية الدكتور محمد نظير عياد
مفتي الديار المصرية الدكتور محمد نظير عياد

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن اليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، يمثل مناسبة حضارية عميقة الدلالة، تُستدعى فيها مكانة لغةٍ لم تكن يومًا مجرد أداة للتعبير، بل كانت وعاءً جامعًا للهوية، وحاضنةً للفكر، وجسرًا ممتدًّا بين القيم الدينية والإنسانية، ومجالًا رحبًا لإنتاج المعرفة وصياغة الوعي.

جاء ذلك خلال كلمة لفضيلته ضمن الاحتفالية التي نظمتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اليوم، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، وذلك بالتعاون مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، تحت شعار: «تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها – السياق والمنجزات»، تزامناً مع الذكرى السنوية لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3190) باعتماد اللغة العربية لغةً رسميةً عالمية.

وجاءت هذه الاحتفالية ثمرة تعاون استراتيجي بين الأمانة العامة والمجمع، في إطار حرصهما على إبراز مكانة اللغة العربية بوصفها لغة حية وقوة ناعمة فاعلة، قادرة على استيعاب الثقافات المتعددة ومد جسور التواصل الحضاري بين الشعوب، وليس باعتبارها مجرد إرث تاريخي عريق.

وشهدت القاعة الكبرى بمقر الأمانة العامة حضوراً دبلوماسياً وثقافياً رفيع المستوى، تقدمه عدد من أصحاب المعالي السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية المعتمدة، في دلالة واضحة على تنامي الاهتمام الدولي باللغة العربية ودورها في الحوار الحضاري العالمي.

كما تميزت الفعالية بحضور قامات دينية وثقافية بارزة، من بينهم فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، وممثل الكنيسة المصرية، والقمص تادرس دانيال أستاذ اللغة العربية بالكلية الإكليريكية اللاهوتية، إلى جانب وفد رفيع من «بيت العائلة المصرية» وعلماء الأزهر الشريف، في مشهد يعكس وحدة النسيج الوطني ويؤكد أن اللغة العربية تمثل وعاءً جامعاً للهوية الثقافية بمختلف أطيافها.

وأوضح فضيلته أن اللغة العربية، بما تحمله من عمقٍ تاريخي واتساعٍ دلالي وقدرةٍ فريدة على استيعاب المعاني الدقيقة، أسهمت إسهامًا أصيلًا في بناء الحضارة الإنسانية، وكانت ولا تزال لغةً قادرة على مواكبة التحولات، وحمل الرسائل الكبرى للأمم، وفي مقدمتها رسالة الإسلام التي نزل بها القرآن الكريم بلسانٍ عربيٍّ مبين.

وشدد مفتي الجمهورية على أن التحديات التي تواجه اللغة العربية في العصر الراهن تستوجب وعيًا حضاريًّا يتجاوز المعالجات الشكلية إلى مشروع شامل لصون العربية وتمكينها، باعتبار ذلك جزءًا لا يتجزأ من حماية الهوية الثقافية وتعزيز الانتماء، ومواجهة محاولات التهميش والاختزال التي تمس الوعي الجمعي للأمة.

وأكد أن العناية بالعربية ليست ترفًا ثقافيًّا، بل مسؤولية معرفية وأخلاقية، تتطلب تطوير أدوات تعليمها، وتحديث طرائق استخدامها، وتوسيع حضورها الرصين في الفضاء الرقمي والإعلامي، بما يحفظ أصالتها ويُفَعِّل قدرتها على الإسهام في إنتاج المعرفة المعاصرة.

وفي ختام تصريحاته، دعا فضيلة المفتي إلى التمسك باللغة العربية وغرسها في نفوس النشء والشباب، مؤكدًا أنها عمود الهوية وحافظة القيم ومرآة الحضارة التي حملت تاريخ الأمة ومعارفها عبر القرون، وأن التمسك بها استثمار حضاري في الوعي، وحماية للهوية من التلاشي، وتمكين للشباب من الانخراط في عصر المعرفة بثقة ووعي، مع الحفاظ على جذورهم الثقافية، مشيرًا إلى أن الأمة التي تحافظ على لغتها تحافظ على ذاتها وتؤسس لمستقبلٍ مستنير يربط بين أصالة الماضي ومتطلبات الحاضر.