قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

محلب وهيفاء والسبكي


في الأسبوع الماضي كتبت مقالاً تحت عنوان " امنعوا الأفلام الجنسية " عن فيلم "حلاوة روح" الذي قامت ببطولته ممثلة الإغراء اللبنانية هيفاء وهبي، وما يحويه من قصة شاذة وأداء تمثيلي فج يحرض على الرذيلة والفحشاء ويذكي نار الجنس الحرام والتحرش بالفتيات والسيدات في الشوارع، وفي المدارس وفي المواصلات العامة، ثم تطرقت إلى قناة فلول التي دأبت مالكتها علنًا على سب من تريد ووقتما تريد أمام سمع وبصر الجميع ودون وازع من حياء أو حتى اعتبار لوزيرة الإعلام.
لم أكن أعلم أنه بعد يومين سيتم منع الفيلم ومساءلة من أجازه في هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، والذي تقدم باستقالة بعد القرار بساعات حفظا لماء وجهه، بحجة الاعتراض على تدخل رئيس الوزراء في عمله، والمساس بـ"سبوبة" إجازة الأفلام، وأيده في ذلك عدد من المتنطعين أنصار "سبوبة الثقافة" الباحثين عن أي مكان تحت الضوء حتى لو كان موقفهم مخالفا لأعراف ومسلمات المجتمع، فأن يكونوا مختلفين شاذين بأفكارهم تلك هي الثقافة بالنسبة لهم.
بدايةً، هيئة الرقابة على المصنفات الفنية على حد علمي المتواضع، تابعة لوزارة الثقافة، التابعة بدورها إلى مجلس الوزراء الذي يرأسه المهندس إبراهيم محلب، أي أن تدخله بإعادة الفيلم إلى هيئة الرقابة لتقييمه، ليس تدخلاً في عمل رئيس الهيئة المستقيل، وإنما هو من صميم عمل رئيس الوزراء الذي يجب، بل يتحتم عليه، أن يتابع كل صغيرة وكبيرة في وزارته، بمديرياتها وهيئاتها المتفرعة عنها ووحداتها المحلية في المدن والقرى والنجوع، ثانيا القرار أيده نحو ثلثي من قرأ الخبر على صفحات الجرائد وتعاطى معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن استطلاع مركز بصيرة الذي أظهر أن نحو 63% من المصريين أيدوا قرار المنع.
المرحلة التي نعيشها لا تتطلب إسفافا ونحن نسعى إلى الفضيلة والعمل وحث الشباب ليل نهار على الجد والعمل والبعد عن الجريمة والمخدرات والتحرش بالفتيات والنساء، مجتمعنا لديه ضعف في الثقافة الجنسية الصحيحة التي تجعل الشاب خلال تعامله مع الجنس الآخر قادرا على التمييز بين السلوك الشاذ والآخر المنضبط، ومن ثم كبح رغباته والتحكم فيها، فمن السهل لدى معظم الشبان في مجتمعنا أن يضايق امرأة لكي يشبع إحساسا ما في ملامسة جسدها، وقد يرتكب جريمة اغتصابها عنوة إذا أتيحت له الظروف، فلا يصح والحال هكذا أن يطل برأسه في كل مناسبة، كالأعياد وشم النسيم وموسم الصيف، فيلم جنسي مثير تقع على إثره حوادث تحرش أمام السينمات التي يُعرض بها، ما يسيء إلى سمعة الدولة ويهدد السلم الاجتماعي لدى الأفراد والأسر المصرية.
"السبكي"، منتج الفيلم، صاحب أكبر محلات الجزارة في مصر، تحدى الحكومة، وقال إنه سوف يعرض الفيلم بالمجان لكي يشاهده الشعب كله، وإن فيلمه تعرض لمؤامرة وافتراءات، وإن حملة التشويه كانت مدبرة ضده ولكنه لا يعرف من يقف وراء ذلك، الأمر في حد ذاته يعكس مفهومه نحو الفن باعتباره صفقة تربح وتخسر، وسلعة تُباع وتُشترى، ووسيلة لـ"تصييت" نفسه وعائلته بين أقرانه من كبار تجار اللحوم ومنتجي الأفلام والفيديو، وليس بوصف الفن رسالة تسمو بالنفس وتغذي الروح وتصون المشاعر وتنمي الإحساس نحو الأشياء والبيئة والناس، فلا مانع لديه من زيادة نشر البلطجة وشراء وبيع المخدرات وكيفية حمل السفاح والسلاح الأبيض والآلي والاغتصاب والقتل وارتكاب كل ما هو غير أخلاقي.
عندما يرد سامح عبد العزيز، مخرج فيلم "حلاوة روح" الذي كان يعرض بأكثر من دولة عربية، على قرار "محلب" بمنع عرض الفيلم وإعادة تقييمه من قبل هيئة الرقابة، لاحتوائه مشاهد جنسية مسفَّة، ومنها مشهد يجمع بين طفل وبطلة الفيلم "هيفاء"، قائلا إن هذا هو الواقع المصري، وأن ما جاء في الفيلم أقل مما يحدث في الحقيقة مائة مرة، فإنه يجب أن يُحاكم بتهمة الإساءة إلى سمعة مصر ونسائها.

هيفاء ردت بأنها كانت تتوقع الهجوم من قبل زملائها الذين انتقدوها، نظرا للمجهود الذي بذلته خلال التصوير، وغيرةً من نجاحها، وأن هذا الهجوم بسبب خلافات شخصية بينهم، وأن هناك الكثير من الناس دخلوا الفيلم ولم يعترضوا، وأنها ليست مسئولة عن إثارة غرائز أحد جراء مشاهدة الفيلم.

وجدت أيضًا رجال أعمال دأبوا خلال الأسبوع الماضي على "مجاملة" صديقهم "التاجر" باستضافته في قنواتهم الخاصة، ليروي "بكائيته" وعدم تورطه في نشر البلطجة التي قال إنها موجودة أصلا قبل أفلامه، وعدم مسئوليته عن الحفاظ على حقوق الأطفال الذين قال إنهم "مرميين في الشوارع"، وبالمناسبة هو محق في هذه النقطة بالتحديد، فضلاً عن استضافة "الطفل" بطل الفيلم الذي قال إن دوره جاء لخدمة البلد، وأنه كان يصلي جماعة مع هيفاء، وأن أقرانه من الأطفال يحسدونه على الدور ويغارون منه في المدرسة، وهو ما أدى إلى تعرضه لاعتداء لدى خروجه بعد الأزمة ومنع الفيلم، ولكل هؤلاء أقول إنكم تتحملون الجزء الأكبر من الأزمة التي يعيشها معظم الشباب ويعاني منها المجتمع، بأفلامكم وأفكاركم الهابطة، وحرصكم على مصلحتكم الشخصية دون وازع من ضمير أو خُلق.
للتواصل مع الكاتب
[email protected]