حرية الخطأ

منذ ما يقرب من عشرة اعوام قابلت استاذا لي علمني في موقف لم يتعد الخمس دقائق كيف تكون الدقة في نقل تفاصيل الخبر .اظافري الناعمة في الصحافة لم تكن تسمح لي بمعرفة ان كلمة من استاذك ربما غيرت مسارك المهني الي الافضل لتكون من الكتاب النابهين او الي الاسوأ فتصبح لا فرق بينك وبين حمار "كما يقول استاذي "
وبعد مرور سنوات قابلت استاذي مرة اخري وكعادته لا يبخل بعلمه وخبرته فعلمني درسا جديدا في الحياة علمني ان الحياة ما هي الا قرارات وانك كي تصبح ناجحا لابد ان يكون لديك القدرة علي اتخاذ القرار .
القرار الاول:
حينما تقرر ان تنجح فهذا هو اهم قرار في حياتك فانت الان تمشي في طريق النجاح الي النهاية فلا استسلام قبل الوصول الي الغاية المنشودة ولا تراجع عن الهدف ولا انكماش لمطالبك التي ترفعها امام نفسك وطموحك فاما النجاح الكامل واما خوض المعركة من جديد.
القرار الثاني:
التخطيط هو القرار الثاني فاذا قررت ان تنجح دون ان تملك ادواتك جيدا وان تحدد اولوياتك وان تعطي كل شيء قدره في حياتك فانك لن تصل ابدا الي ما خططت اليه ولابد ان تكون خطتك واضحة وطبقا لجدول زمني معين وتقيم نفسك تقييما جزئيا وشاملا طوال الوقت وتعيد ترتيب اوراقك من حين لاخر حتي تتأكد انك لم تخرج عن مضمار السباق.
القرار الثالث:
حرية الاختيار هي المعيار الاول في قياس مدي نجاحك في حياتك فلا نجاح بلا حرية في الاختيار .فاذا استطعت ان تختار كيف تعيش حياتك او تختار عملك وتختار قراراتك في عملك فهذا في حد ذاته نجاح.
كل هذا تعلمناه كثيرا في حياتنا وسمعناه مرارا وتكرارا لكن الجديد الذي علمني اياه استاذي هو "حرية الخطأ".
في بداية الجملة تري ان لها وقعا غريبا للصواب حرية .لكن هل للخطأ حرية ؟!
وبعد قليل زال تعجبي حينما عرفت انه يلزم لصناعة القائد ان تعطيه حرية الخطأ كما تعطيه مكافأة علي احسانه ووصوله للقرارات الصائبة
حرية الخطأ تعني كما فهمت ان القائد والمعلم يعطي تلامذته نسبة من حرية الخطأ حتي يستطيعوا ان يتخذوا قرارات سريعة مبنية علي تحليلهم المنطقي وحسهم الشخصي والا يتقمصوا شخصيات الاخرين او يؤخرون اعمالهم انتظارا لمساعدة الاكثر خبرة فربما تضيع فرص كبيرة للنجاح –خاصة في مهنة الصحافة- وانت في انتظار اتخاذ القرار.
حينها قررت الا الوم نفسي واجلدها علي كل اخطائها الاملائية والنحوية واللفظية والمعنوية ..بل اعطي نفسي حرية الخطأ كي اتعلم من اخطائي اذا اخطأت و اتصيد فرص النجاح واتحينها ولا ادعها تفلت من بين انيابي اذا وصلت اليها.
واليك يا من يجلس في كرسي اتخاذ القرارات وتخشي ان تتخذ قرارا حتي لا يظن اصدقاؤك في جهة اليمين انك تتجاهلهم واصدقاؤك في اليسار بانك تخذلهم واصدقاؤك فوق رأسك بأنك تتخطاهم واصدقاؤك تحت اقدامك بأنك نسيتهم .
اليك يا من يؤجل قرارا قد يفرح اسرا كثيرة في دخول او ينقذ حياة من يموت بلا حق حتي في الاستغاثة ..هلا اتخذت قرارا .اي قرار حتي نتأكد فقط انك قد تصبح طالبا في معسكر القيادة في يوم من الايام ؟ وامنحك كما منحني استاذي "حرية الخطأ".